رئيس المكتب الاعلامي المصري: احتفال مصر بذكرى ثورة 25 يناير يأتي في ظل برلمان منتخب لاول مرة وبطموح واصرار على صياغة تجربتها الخاصة
اشار محمد فتوح مصطفى؛ رئيس المكتب الاعلامي المصري بالرباط؛ الى ان احتفال مصر بذكرى ثورة 25 يناير هذا العام؛ يأتي في ظل برلمان منتخب لاول مرة منذ ثلاث سنوات؛ وبطموح واصرار على صياغة تجربتها الخاصة التي توازن بين متطلبات الديمقراطية وحماية البلاد من الفوضى أو تغيير هويتها؛ على نحو ما حاولت ان تقوم به جماعة الاخوان أثناء وجودها في السلطة، ووضعها في صدام حتمي مع مجتمع عرف تاريخيا بالوسطية والانفتاح.
واضاف ان مصر خاضت خلال السنتين الاخيرتين تجربة ديمقراطية بمسار واضح حقق انتقالا ديمقراطيا هادئا؛ رغم التحديات الامنية والسياسية والاقتصادية الهائلة؛ من خلال خارطة المستقبل التي توافقت عليها القوى السياسية والمجتمعية، بعد ثورة 30 يونيو؛ واستندت لاعتبارات ومطنية وقيم ثقافية تتناسب مع ظروف المجتمع وتطلعاته، وتم بمقتضاها صياغة دستور جديد؛ وانتخاب رئيس للجمهورية؛ ثم انتخاب برلمان جديد به تمثيلا غير مسبوق للمرأة والشباب والاخوة المسيحيين، بدأ جلساته مطلع العام الجاري.
وشدد على تحسن الاوضاع في مصر عما كانت عليه قبل ذلك؛ مشيرا الى ان بها الان مؤسسات ديمقراطية منتخبة؛ ومجتمع متماسك، وأوضاع امنية مستقرة ومتطورة، ومسار هادىء ومتوازن في العلاقات مع مختلف دول العالم؛ وخطط طموحة للتنمية في كافة المجالات؛ ومعدلات نمو تتصاعد؛ بلغت نحو 4.5% عام 2015؛ مقابل 2% خلال السنوات السابقة؛ وادت الى انخفاض معدلات البطالة من 13.4% الى نحو 12.%؛ كما تحسن ترتيب مصر في مؤشر التنافسية العالمية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي للمرة الاولى منذ خمس سنوات.
واضاف ان مصر استعادت ايضا؛ وفي وقت قياسي؛ جانبا كبيرا من وجهها الحضاري؛ ودورها الاقليمي والدولي الفاعل؛ على مختلف دوائر السياسة الخارجية؛ في حماية الاستقرار ودعم السلام؛ وتوجت هذه الجهود بعودة مصر لعضوية الاتحاد الافريقي؛ وانتخابها عضوا غير دائم في مجلس الامن؛ بأغلبية اعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة؛ فضلا عن توازن علاقات مصر الخارجية مع معظم القوى المؤثرة في صنع القرار الدولي؛ خاصة الولايات المتحدة وروسيا والصين.
وقال ان المجتمع المصري قادر على استكمال صياغة تجربته في الديمقراطية والتنمية؛ بالارتكاز على قدراته الذاتية؛ كبلد صاحب تاريخ وحضارة؛ ويمتلك مقدرات راسخة؛ وتعددية سياسية؛ ومؤسسات دستورية وقضائية عريقة؛ وصناعة اعلامية متطورة؛ واقتصاد متنوع؛ وبالاستفادة ايضا من ارتفاع مستوى الوعي السياسي لدى اغلب المصريين؛ كنتيجة لحالة الاستقطاب السياسي والصراعات الاجتماعية التي خاضها المجتمع بعد ثورة 25 يناير؛ وشكلت وعيا راسخا لدى اغلب المصريين بحدود القوة وتكلفة الصراع؛ مما يحصن المجتمع ضد مشاهد الفوضى والانفلات الامني والسياسي الذي عانى منه المصريون بعد ثورة 25 يناير.
ولفت الى انتصار مصر في معركتها الصعبة ضد قوى الارهاب والتعصب؛ التي خاضتها ومازالت ضد عصابات ارهابية استغلت اجواء الانفلات الامني بعد ثورة 25 يناير؛ في تدعيم مواردها ونقاط تمركزها؛ وقد تحقق الكثير من اقتلاع جذور تلك الجماعات سواء في سيناء او غيرها؛ ولم يبق الا جيوب اجرامية صغيرة يتم التعامل معها بحرص في حدود القانون وواجب حماية ارواح المدنيين.
واشار الى ان من التطورات الايجابية ايضا التي تعزز فرص نجاح النموذج المصري؛ حسم المجتمع العديد من اشكالياته الثقافية ذات البعد السياسي؛ واهمها الصراع بين الثقافات المتغايرة حول هوية البلاد، لصالح فكرة الدولة المدنية، مؤكدا ان تلك الاشكالية كانت من الاسباب الرئيسية للفوضى السياسية في البلاد بعد ثورة 25 يناير، بسبب الصراع بين التيارات السياسية الدينية والمدنية حول مفهوم هوية الدولة.
واضاف ان تلك الاشكالية نشأت منذ بدايات القرن العشرين، وكانت تمثل تحدياً لما لها من ابعاد اجتماعية تحولت لاحقا إلى صراع سياسي، وقد حسمها المجتمع؛ لكن من الضروري في المرحلة القادمة تعبئة أجواء مناسبة لخلق تطورات فكرية وثقافية وحضارية تكرس فكرة الدولة المدنية، من خلال تطوير الخطاب الديني لنشر الفكر الوسطي؛ وتفنيد دعاوي التطرف؛ كما يجب اطلاق مبادرات ملائمة لدفع جهود التحديث والانتقال الحضاري؛ بعيداً عن الإرهاب الفكري أو دعوات الانسلاخ عن ثوابت المجتمع؛ على تأخد تلك المبادرات في اعتبارها ضرورة تعزيز الحريات الشخصية وتدعيم ثقافة قبول الاخر؛ والتعددية الثقافية.