الإعتداء على ثالث الحرمين القدس الشريف.. جريمة ضد الإنسانية
الإعتداء على ثالث الحرمين القدس الشريف جريمة ضد الإنسانية.
د.حميد المرزوقي
مرة أخرى تمتد يد الكيان الاسرائيلي لتعبث ببيت المقدس وتفتن المصلين والمعتكفين به في أواسط شهر رمضان المبارك، إنها الغطرسة و العنصرية في أبشع صورها إنها معاداة الإسلام والعرب مقابل معاداة السامية التي هي سيف يرفع في وجه كل من يتجرأ على خدش شعور اليهود عبر العالم، إنها الكيل بمكيالين إستباحة إزهاق أرواح المسلمين والضرب بقوة على يد كل من يتطاول على اليهود إلى درجة أن أصبحت معاداة السامية فزاعة لتخويف كل من يمس بسوء قولا أو فعلا اليهود عبر العالم، لكن لماذا لم يتمكن المسلمون من فرض احترام الإسلام وتجريم معاداته كما هو الأمر بالنسبة للسامية؟ ولماذا يتطاول هؤلاء على الإسلام والمسلمين و أماكنهم المقدسة دون أن تقف في وجههم لاتشريعات ولا قيم إنسانية عادلة؟
الجواب واضح وضوح الشمس، فهناك علاقة جدلية بين الحركة الكولونيالية العالمية والحركة الإسرائيلية يوازيه ارتباط وثيق بين أهدافها، هذا حتى إلى حدود ستينيات القرن الماضي، لكن الذي زاد من حدة عداء الإسرائيليين للإسلام هو التوظيف الإديلوجي المبالغ فيه من طرف التيار السياسي المتنامي بالعالم وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية وهو تيار الانجيليين الجدد الذي بات يعتنقه بوضوح الحزب الجمهوري منذ الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغن في ثمانينيات القرن الماضي إلى الآن مع الرئيس دونالد ترامب فقاعدته الانتخابية حتى الآن مجيشة ومؤطرة بإديلوجية الانجيليين الجدد التي تقوم على مفاهيم دينية تضع قوى الخير في مواجهة أبدية مع قوى الشر وأن هذا الوضع لن ينتهي إلا بنزول المسيح، ولكي ينزل المسيح تنص أدبياتهم على وجوب قيام اليهود بقتل المسلمين وأبنائهم ونسائهم والتنكيل بهم للتعجيل بظهور المسيح، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا في أرض مقدسة كالأراضي الفلسطينية وبالأخص في مسجد القدس الشريف وللزيادة في حظوظ ظهور المسيح كان لابد أن يتم هذا في شهر رمضان المبارك وهو سيناريو يتكرر ليس صدفة في المناسبات الدينية التي لها دلالة كبيرة عند المسلمين كالأعياد الدينية، لهذا السبب يجب أن يتفادى المسلمون مجاراة الاسرائيليين في الكمائن التي تنصب لاصطيادهم واضطهادهم وسفك دمائهم واعتقالهم، وبالمقابل يتعين على المسلمين عبر العالم أن يعطوا لهذا الموضوع الذي يبدو غير منطقي وغير مبنى على اساس يقبله العقل، ما يستحقه من الاهتمام واجراء الدراسات الكافية للتعرف على هذه الظاهرة وارتباطاتها والدخول في حوار مع أطرافها الثلات للتقريب بين وجهات نظرهم وخلق أرضية مناسبة لحقن الدماء وإسكات البنادق وإشعاع قيم التسامح عبر العالم ووضع حد للصراع العربي الإسلامي الاسرائيلي الذي دام طويلا منذ إنهاء الانتداب البريطاني لبلاد الشام وفلسطين وإعلان إقامة دولة إسرائيل في نكسة حرب 1948.
د.حميد المرزوقي