من الداخلة…مصطفى الكثيري يؤكد: لقد برهنت ساكنة إقليم وادي الذهب دوما عن تعلقها بأهداب العرش العلوي المجيد، وتشبثها بالانتماء إلى الوطن الأب، ووقوفها الدائم في وجه كل التحرشات الأجنبية
سياسي/ الداخلة
قال المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري اليوم الاثنين بالداخلة، و بمناسبة تخليد الذكرى 44 لاسترجاع إقليم وادي الذهب، قال ” إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن يتجدد لقاؤنا بكم اليوم بهذه الربوع المجاهدة المشهود لأهلها بالشموخ والإباء، احتفاء بمحطة مشرقة في تاريخنا المجيد، وتخليدا للذكرى الرابعة بعد الأربعين (44) لاسترجاع إقليم وادي الذهب إلى حضن الوطن الأب، هذا الحدث التاريخي الذي جسد ملحمة بطولية متميزة وحاسمة في مسيرة النضال الموصول من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة.”
واضاف الكثيري” لقد برهنت ساكنة إقليم وادي الذهب دوما عن تعلقها بأهداب العرش العلوي المجيد، وتشبثها بالانتماء إلى الوطن الأب، ووقوفها الدائم في وجه كل التحرشات الأجنبية وفي الدفاع عن حوزة الوطن وحياضه. وخير مثال على ذلك تجديد بيعتها للسلطان المولى عبد العزيز واصطفافها خلف المجاهد والعالم الصوفي الشيخ ماء العينين لرد العدوان الأجنبي عن السواحل الجنوبية الصحراوية للمملكة، ومسارعتها لتجديد البيعة لجلالة المغفور له الملك المجاهد والمحرر، محمد الخامس طيب الله ثراه، بعيد انعقاد مؤتمر أم الشكاك سنة 1956 ولجلالة المغفور له، الملك المبدع، الموحد والباني، الحسن الثاني طيب الله مثواه، يوم 14 غشت 1979.”
وأكد الكثيري” ان مناسبة التخليد والاحتفاء هذه، وفي لحظة التأمل والتدبر، تعود بنا الذاكرة إلى محطات مجيدة ومشرقة من نضالات الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجاهد، في مواجهة التغلغل الاستعماري وتسلطه. وحسبنا في هذا المقام أن نستحضر من ذلك التاريخ الحافل بعظيم الأعمال وروائع الأمجاد، بعضا من الدرر والمحطات التي جسدت هذا التلاحم بين القمة والقاعدة. فقد تصدى المغرب للأطماع الأجنبية وناهض أبناؤه الوجود الاستعماري منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى بعد فرض نظام الحماية عليه في ظروف دولية ومحلية دقيقة يوم 30 مارس 1912، حيث اتخذ الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية مسارا متواصل الحلقات ومتعدد الأشكال والصيغ. فمن المقاومة المسلحة الأولى إلى الانتفاضات الشعبية فالنضال السياسي، ثم المقاومة الفدائية وانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال الوطن وشرقه وبالجنوب المغربي وصولا إلى تحقيق النصر المبين بعودة بطل التحرير والاستقلال، جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله مثواه من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955، وإعلانه رحمه الله انتهاء فترة الحجر والحماية وإشراقة شمس الحرية والاستقلال، وداعيا جلالته إلى مواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر من أجل استكمال الوحدة الترابية للبلاد وبنائها ونمائها وإعلاء صروحها. وقد فرض بقاء أجزاء من التراب الوطني بالأقاليم الجنوبية، تحت نير الاحتلال الأجنبي، على المغرب والمغاربة قيادة وشعبا مواصلة مسيرة التحرير والنضال الوطني لاسترجاعها بالأساليب والوسائل التي تقرها القوانين والأعراف الدولية.”
- وابرز المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري ؛ انه لم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال الأجنبي الذي عمر طويلا. وفي هذا الظرف الحساس من تاريخ المغرب المعاصر، انعقد مؤتمر أم الشكاك بضواحي السمارة في 15 أبريل 1956، والذي حج إليه عدد كبير من أعيان وشيوخ وممثلي القبائل الصحراوية كافة، وفي نهاية أشغاله، انتدب المؤتمرون وفدا مكونا من 39 مؤتمرا يمثلون جميع قبائل الصحراء، للقاء جلالة المغفور له الملك محمد الخامس بالقصر الملكي العامر بالرباط. حيث جددوا لجلالته فروض الطاعة والولاء والإخلاص للعرش العلوي المجيد، وقد خاطبهم جلالته رحمه الله بقوله:”أبنائي إنكم تعلمون أن أجزاء مهمة من أرض وطننا الصحراوية لازالت تحت نفوذ الاستعمار … وإني على استعداد لحمل السلاح مع أبنائي للجهاد في صفوفهم لاسترجاع تلك المناطق، واعلموا أننا خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”.
وهكذا يؤكد المندوب السامي للمقاومة “جسدت انطلاقة عمليات جيش التحرير بالجنوب المغربي سنة 1956 إشارة قوية، تعكس عزم المغاربة كافة وإصرارهم على استعادة باقي الأجزاء المغتصبة من أراضيهم. وشهدت ربوع الصحراء المغربية العديد من المعارك والملاحم البطولية، نذكر منها: معركة “أم العشار الأولى” و”الثانية” ومعركة “مركالة” ومعركة “الرغيوة” ومعركة “لكلات” ومعركة “وادي شياف” ومعركة “تْكَل” ومعركة “المسيد” ومعركة “الدشيرة” ومعركة “السويحات” و”اشت” ومعركة “البلايا” ومعركة “الزمول”، وغيرها من المعارك البطولية التي تكبد فيها العدو خسائر فادحة في الجنود وفي العتاد.
وبعد أقل من سنتين فقط على حصول البلاد على استقلالها، وبفضل الكفاح المرير الذي خاضه العرش العلوي المنيف بقيادة بطل التحرير والاستقلال والوحدة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه والشعب المغربي الأبي، قرر أب الأمة ومحرر الوطن القيام بزيارة ميمونة لمناطق درعة بما فيها إقليمي زاكورة وتنغير ما بين 20 و26 فبراير 1958م. ودعا جلالته في هذه الزيارة لمواصلة درب الكفاح من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة، حيث قال جلالته: “إننا سنواصل العمل بكل ما في وسعنا لاسترجاع صحرائنا وكل ما هو ثابت لمملكتنا بحكم التاريخ ورغبات السكان، وهكذا نحافظ على الأمانة التي أخذنا على أنفسنا بتأديتها كاملة غير ناقصة، ألا وهي ربط حاضرنا بماضينا وتشييد صرح مستقبل مزدهر ينعم فيه جميع رعايانا بالسعادة والرفاهية والهناء”. ولقد كان خطاب جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف بمثابة نداء لمواصلة التعبئة والتجند لتحرير ما تبقى من الأطراف المغتصبة والسليبة من الوطن.
ولم يمض على هذه الزيارة الملكية المباركة سوى شهر ونصف حتى تحقق بفضل حنكة وحكمة جلالته طيب الله ثراه وبالتحام مع شعبه الوفي استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل من سنة 1958، هذا الحدث الذي كان له فعل السحر في إذكاء مشاعر الإصرار والجدية والعزم على مواصلة مسار الكفاح من أجل استعادة باقي الأجزاء المغتصبة من الوطن، ليتم بعد سنوات قلائل استعادة مدينة سيدي ايفني إلى حظيرة الوطن يوم 30 يونيو 1969، وتتويج مسلسل استكمال الوحدة الترابية بتنظيم المسيرة الخضراء المظفرة، التي أبدعتها العبقرية الفذة لجلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله مثواه، لاسترجاع أقاليمنا الصحراوية المغتصبة ولترتفع راية الوطن خفاقة في سماء عيون الساقية الحمراء في 28 فبراير 1976 إيذاناً بإجلاء أخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية.
وفي يوم 14 غشت 1979، كان أبناء إقليم وادي الذهب على موعد مع التاريخ، كما كانوا دائما، حينما توجه ممثلوهم من الشرفاء والشيوخ والوجهاء والأعيان والعلماء وسائر ممثلي القبائل الصحراوية إلى عاصمة المُلك، مدينة الرباط مجددين لأمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين آيات ولائهم وإخلاصهم ومعبرين عن تمسكهم بالعرش العلوي المنيف سيرا على هدي أبائهم وأجدادهم، واصلين الحاضر بالماضي ومؤكدين تشبثهم بمغربيتهم والتزامهم الدائم بالوحدة الترابية المقدسة من طنجة إلى الكويرة. وقد تلي بين يدي جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني باسم سكان إقليم وادي الذهب نص البيعة المرفوعة لملوك الدولة العلوية، والتي يعلنون بموجبها تعلقهم الوثيق بالعرش العلوي المنيف وانتمائهم والتحامهم الدائم بوطنهم المغرب. ومما جاء في نصها: ”اجتمع شرفاؤنا وعلماؤنا ووجهاؤنا، ورجالنا ونساؤنا، كبارنا وصغارنا، فاتفق رأينا الذي لا يتطرق إليه اختلال، واجتمعت كلمتنا التي لا تجتمع على ضلال على أن نجدد لأمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين سيدنا الحسن الثاني حفظه الله بالسبع المثاني، البيعة التي بايع بها آباؤنا وأجدادنا آباءه وأجداده الكرام، نعم الله أرواحهم في دار السلام، فبايعناه على ما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه تحت شجرة الرضوان وأقررنا بحكمه والتزمنا طاعته ونصحه في كل وقت وآن، فنحن أنصاره وأعوانه وعساكره وجنوده نوالي من والى ونعادي من عادى”. انتهى المقتطف من نص البيعة.”
وأضاف الكثيري” و قد كانت بحق لحظة تاريخية حاسمة ومفصلية في مسار ملحمة التحرير والوحدة حين خاطبهم جلالته رحمه الله، قائلا: “إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة، فمنذ اليوم بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر”. انتهى المقتطف من الخطاب الملكي السامي لجلالة المغفور له الحسن الثاني.
وها نحن اليوم، وبعد 65 سنة من خطاب محاميد الغزلان و47 سنة على انطلاق المسيرة الخضراء المظفرة و44 سنة على عودة إقليم وادي الذهب إلى أرض الوطن، نجني الثمار اليانعة والدانية لسياسة حكيمة متبصرة مستشرفة للمستقبل، حاملة للحق ومدافعة عنه ومستبسلة في سبيله. واليوم، يمكننا أن نعلنها وبصوت عال أننا كنا ولا زلنا أصحاب حق وإن الحق يعلو ولا يعلى عليه، ومن حق الشعب المغربي أن يستحضر قول ربنا عز وجل: “وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا” صدق الله العظيم.”
وقال الكثيري اليوم بالداخلة ” ونحن نحتفي بهذه الذكرى المجيدة، نغتنم هذه المناسبة الغراء لاستحضار ملف قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية المقدسة للتأكيد على تجند أسرة المقاومة وجيش التحرير كسائر فئات وأطياف المجتمع المغربي من أجل الدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى واليقظة الموصولة لتثبيتها في إطار الإجماع الوطني وراء عاهل البلاد المفدى، جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي ما فتئ يؤكد على ضرورة التحلي بالجدية بمعناها المغربي الأصيل، والتي تجسدت وتجلت فيما ورد في الخطاب الملكي السامي لعيد العرش المجيد في ذكراه 24 :
” -أولا : في التمسك بالقيم الدينية والوطنية، وبشعارنا الخالد: الله – الوطن – الملك؛
-ثانيا: في التشبث بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد؛
-ثالثا: في صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك؛
-رابعا: في مواصلة مسارنا التنموي، من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية.” إنتهى النطق الملكي السامي.
وكما هو معلوم، فقد حقق ملف قضيتنا الوطنية والحمد لله انتصارات تلو الانتصارات، برهنت عن أحقية بلادنا في استكمال وحدتها الترابية. وقد أدرك المنتظم الدولي وجاهة ومصداقية المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي لأقاليمنا الجنوبية المسترجعة، وتحقيق إدماجها الاقتصادي والاجتماعي في الوطن الواحد الموحد من طنجة إلى الكويرة. ونستحضر هنا أيضا مضامين الخطاب التاريخي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ليوم السبت 29 يوليوز 2023 بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، والذي أشاد فيه بالخصال الحميدة والجدية التي يتميز بها الشباب المغربي في مختلف المجالات، ولاسيما في مسألة الترافع والدفاع عن قضية وحدتنا الترابية، حيث قال جلالته: “كما تتجسد الجدية عندما يتعلق الأمر بقضية وحدتنا الترابية.
فهذه الجدية والمشروعية هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية…، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي”.
ويضيف جلالته حفظه الله قائلا: “وبنفس الجدية والحزم، نؤكد موقف المغرب الراسخ، بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة”. انتهى المقتطف من النطق الملكي السامي.
وقال الكثيري ” وبهذه المناسبة الغراء، وترسيخا للسنة المحمودة والتقليد الموصول للوفاء والبرور والعرفان برجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن وأسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله، سيتم تكريم سبعة 07 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهم من صفوة أبناء هذه الربوع المجاهدة والذين يحق لنا اليوم أن نقف لهم وقفة إكبار واعتزاز لما برهنوا عنه من غيرة وطنية وروح المسؤولية والتضحية وقيم الالتزام والإيثار ونكران الذات سيحفظها لهم التاريخ بمداد الفخر والإعجاب، وهم:
1- المقاوم المرحوم لحبيب مجاهيد؛
2- المقاوم المرحوم محمد الناجم لعريبي؛
3- المقاوم المرحوم علي بوبكر؛
4- المقاوم المرحوم محمد الحبيب حمية؛
5- المقاوم المرحوم محمد بوبكر؛
6- المقاوم السيد أحمد يعقوب الصوفي؛
7- المقاوم السيد أحمد بابا دداهي؛
فهنيئا لهم ولأهلهم وذويهم ورفاقهم على درب الكفاح الوطني بهذا التكريم المستحق، ودعواتنا للمتوفين منهم بالرحمة والمغفرة والرضوان وللأحياء بموفور الصحة والتمكين وطول العمر.
وإلى جانب التكريم المعنوي، فإن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تحرص على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم بهذه المناسبة الغالية عرفانا بما أسدوه خدمة للوطن، وتعدادها 41 إعانة بغلاف مالي إجمالي قدره 147.214.00 درهم، موزعة على الشكل التالي:
*(34) إعانة مالية كإسعاف اجتماعي، بمبلغ إجمالي قدره .68.000.00 درهم؛
*(02) إعانتين ماليتين لدعم المشاريع الاقتصادية بقيمة 59.214.00 درهم؛
*(05) إعانات مالية برسم واجب العزاء، بمبلغ إجمالي قدره .20.000.00 درهم.