عالم أحمق
عالم أحمق.
كتبها: احمد الدافري
أمس في طنجة، بين المغرب والعشاء غير بعيد عن بيتي، وقعت أمامي حادثة سير خطيرة.
كنت جالسا في مقهى في الخارج، فسمعت دويا أقوى من قصف الرعد.
رفعت عيني ونظرت في اتجاه مصدر الصوت القوي، فرأيت سيارة قد انقلبت وصدمت سيارة صغيرة كانت متوقفة في الطوار، قبل أن تقصد وهي مرتفعة ببضعة سنتمترات عن الأرض عمودا في رصيف وكالة بنكية بجانب المقهى، وترتطم بالعمود وتتوقف.
السيارة التي انقلبت مكتوب فيها اسم شركة تجارية، كان يقودها سائق شاب في الطريق الرئيسي، فخرجت سيارة أخرى من زقاق فرعي فيه علامة قف، واقتحمت الشارع الرئيسي وصدمت سيارة الشركة، ثم استدارت كليا وسط الشارع بزاوية 180 درجة، وصدمت عددا من السيارات المتوقفة في الرصيف المقابل للوكالة البنكية.
ترتبت عن الحادثة أضرار مادية كبيرة في السيارات.
لكن الحمد لله لم يتعرض أي أحد للأذى، ولم يكن هناك ولو جرح بسيط.
عندما سمع الناس داخل المقهى الصوت الهائل للارتطامات، بعضهم اعتقد أن الأمر يتعلق بزلزال عنيف وأن سقف المقهى سيسقط، فقاموا مذعورين من مقاعدهم، وخرجوا من المقهى.
الذي تسبب في الحادثة هو الرجل الذي كان قادما من الزقاق، وهو كبير السن، وكان يلزمه أن يتوقف قبل أن يدخل إلى الشارع وقد تعرضت سيارته الحديثة والجديدة والعالية لأضرار جسيمة.
تجمهر الناس، ووقع الضجيج، وتعالت أبواق السيارات.
وكان بين المتجمهرين رجل متشرد، يبدو أنه ليس في كامل قواه العقلية.
سائق سيارة الشركة الشاب خرج من سيارته وبقي ينظر إلى الناس.
السائق كبير السن الذي تسبب في الحادثة بقي داخل سيارته ينظر وهو صامت..
قال رجل من الجمهور : وا الحمد لله ما وقع باس.
أجابه رجل ثانٍ : ربي بغاهم يزيدو يعيشو..
أما المتشرد فأطلق ضحكة مجلجلة وصاح : الدينديماكم كاملين. 😲
كنت أمام اختيارين.
إما أن أتأسف، أو أن أضحك.
فاخترت أن أضحك. ☺
ضحكت على ما قاله المتشرد، وعلى نفسي، وعلى الناس، وعلى السيارات، وعلى الطائرات، وعلى الدبابات، وعلى الصواريخ، وعلى أمريكا وروسيا وأذربجان، وعلى تركيا وفرنسا وإيران، وعلى الحوادث في كل زمان ومكان.
وهذا ما كان.