السقطة الكبرى لعبد العزيز الشرايبي: من عالم السياسة والمال، إلى التورط في ارتكاب جريمة
السقطة الكبرى لعبد العزيز الشرايبي:
من عالم السياسة والمال، إلى التورط في ارتكاب جريمة.
كتبها: احمد الدافري
السيد عبد العزيز الشرايبي، رجل الأعمال الثري، وأحد القياديين المؤسسين لحزب الحركة الشعببة في مدينة بني ملال، والمتورط في جريمة قتل فتاة شابة من نشطاء تيكتوك، داخل بيته الفاخر، هو حاليا بريء إلى أن يدينه القضاء.
لكن القضية التي تورط فيها هذا الرجل الثري ، تقتضي التدقيق في شخصية هذا الرجل، الذي كنت قد أوردت اسمه هنا في تدوينة حول هذا الموضوع تحت عنوان “الخطر الداهم”.
● النفوذ المالي والسياسي لعبد العزيز الشرايبي
السيد عبد العزيز الشرايبي الذي كان سابقا عضوا في المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، وبرلمانيا لولايتين، ورئيسا للمجلس الإقليمي، ورئيسا للمجلس البلدي لبني ملال، ورئيسا لنادي رجاء بني ملال لكرة القدم، هو رجل أعمال ثري يملك مطاحن حبوب، يوجد مقرها في طريق الفقيه بن صالح بمدينة بني ملال، وهو المدير العام للشركة التي اسمها التجاري “سنابل الصافيا”، التي أسسها سنة 1996، والمسجلة ضمن الشركات التي تنشط في زراعة الحبوب، والبقوليات، والبذور الزيتية، والشمندر، وفي تصنيع الفواكه الجافة.
أسس عبد العزيز الشرايبي شركة “سنابل الصافيا” في فترة حكومة عبد اللطيف الفيلالي الثانية (31 يناير 1995 – 13 غشت 1997).
وهي الفترة التي كان فيها وضع حزب الحركة الشعبية مريحا، وكانت لديه تمثيلية في تلك الحكومة، من خلال القيادي في الحزب سعيد أمسكان الذي كان قد نال حينها حقيبة وزارة النقل، ومسعود المنصوري الذي كان قد نال حقيبة وزارة الشؤون الإدارية، وذلك بعد أن كان حزب الحركة الشعبية قد شارك في انتخابات 25 ماي 1993 ضمن أحزاب تحالف الوفاق الوطني، وهو ائتلاف حزبي كان قد صممه وزير الداخلية الراحل ادريس البصري، و ضم ثلاثة أحزاب هي الاتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، مقابل أحزاب الكتلة الوطنية التي كانت قد أنشأتها أحزاب المعارضة حينها، الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي.
وكان حزب الحركة الشعبية قد حصل في تلك الانتخابات التشريعية على 51 مقعدا بعد حزب الاتحاد الدستوري الذي حصل على 54 مقعدا وحزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال اللذين حصلا معا على 52 مقعدا.
● الحركي أحمد شدا يخلف عبد العزيز الشرايبي في القيادة ببني ملال
مدينة بني ملال هي واحدة من المعاقل الانتخابية لحزب الحركة الشعبية.
ويُعد رجل الأعمال عبد العزيز الشرايبي أحد وجوه الحزب النافذين في المدينة ماليا وسياسيا.
النفوذ السياسي يحتاج إلى نفوذ مالي. واستمرارية النفوذ المالي تحتاج إلى نفوذ سياسي.
لذلك فإن رجل الأعمال عبد العزيز الشرايبي، ظل يبحث عن النفوذ السياسي، ونجح في ذلك خلال عدد من المحطات الانتخابية السالفة، إلى أن ظهر منافس له داخل حزب الحركة الشعبية في بني ملال، هو السيد أحمد شدا (أو أحمد شد)، وهو رجل أعمال لديه مشاربع سياحية، وكان رئيسا لغرفة التجارة والصناعة والخدمات ببني ملال، ونائبا لرئيس المجلس الجهوي للسياحة بجهة بني ملال خنيفرة.
أحمد شدا حصل على تزكية حزب الحركة الشعبية وكيلا للائحة الحزب في الانتخابات الجماعية والجهوية بتاريخ 4 سبتمبر 2015، وفاز برئاسة المجلس البلدي لمدينة بني ملال، وبعدها فاز بمقعد في مجلس المسشارين، وتم انتخابه رئيس لجنة الداخلية والجهات والجماعات الترابية والبنيات الأساسية في مجلس المستشارين، وفاز بمقعد في البرلمان في انتخابات 8 سبتمبر 2021، وفاز يوم 1 أكتوبر 2022 بمنصب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان العربي في القاهرة.
وهكذا، دخل أحمد شدا بقوة إلى المعترك السياسي، واكتسح بني ملال، معززا مكانة الحركة الشعبية في الإقليم، مما جعل السيد عبد العزيز الشرايبي يقبل بالأمر الواقع، ويتوارى سياسيا، ويتفرغ لأعماله التجارية، منتظرا أن تتاح له فرصة العودة إلى الواجهة السياسية.
● الحركي أحمد شدا يُعزل من رئاسة مجلس جماعة بني ملال
في فبراير 2020 أقالت وزارة الداخلية السيد أحمد شدا من رئاسة المجلس البلدي لبني ملال، بناء على تقرير للمفتشية العامة للإدارة الترابية، تم فيه رصد عدد من المخالفات في تدبيره لشؤون المجلس الجماعي، حيث قضت المحكمة الإدارية بعزله من منصبه .
بعد عزل أحمد شدا من رئاسة المجلس البلدي ببني ملال، خلفه السيد أحمد بدرة زميله في الحزب.
أحمد بدرة كان نائبا للرئيس في المجلس الجماعي لبني ملال، وعضوا في المجلس الوطني للحركة الشعبية، قبل أن يقدم استقالته من الحزب على بُعد أقل من ستة أشهر من الانتخابات التشريعية، والتحق بحزب الأصالة والمعاصرة، وفاز باسمه برئاسة جماعة بني ملال في انتخابات 8 سبتمبر 2021.
رغم إقالة أحمد شدا من رئاسة مجلس جماعة بني ملال، لأسباب تتعلق بسوء التدبير وفساد التسيير، فإنه حظي بتزكية من حزب الحركة الشعبية، لخوض غمار انتخابات 8 سبتمبر 2021، وفاز فيها بمقعد في البرلمان وبمقعد في مجلس جماعة بني ملال.
● تجريد الحركي أحمد شدا من مقعده في البرلمان
في شهر فبراير من السنة الماضية 2023، قضت المحكمة الدستورية بتجريد البرلماني الحركي من مقعده الذي فاز به في انتخابات 8 سبتمبر عن دائرة بني ملال، وذلك بناء على الرسالة التي وجهتها إليها وزارة العدل، تشير فيها إلى أنه بعد اجتياز كل مراحل التقاضي، أصدرت المحكمة الإدارية قرارا نهائيا بعزل البرلماني أحمد شدا من رئاسة وعضوية مجلس جماعة بني ملال بسبب ارتكابه خلال رئاسته للمجلس مخالفات قانونية وأعمالا تتنافى مع أخلاق تدبير المرفق العام، وذلك تطبيقا لأحكام المادة 11 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وقضت المحكمة الدستورية بإجراء انتخابات جزئية لشغل المقعد الشاغر في البرلمان.
● الحركي عبد العزيز الشرايبي يتنافس على مقعد زميله البرلماني المعزول
الحركي أحمد شدا سقط سقطة مدوية. فهو خسر مقعده في المجلس البلدي وفي البرلمان، بل الأكثر من ذلك أنه في يونيو 2023 أمر الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بالحجز على أرصدته البنكية وممتلكاته، وكذا ممتلكات زوجته.
استغل عبد العزيز الشرايبي سقطة أحمد شدا، ومن خلال علاقاته الوطيدة مع القيادة المركزية لحزب الحركة الشعبية حصل على تزكية خوض غمار الانتخابات الجزئية ببني ملال لتعويض المقعد الذي كان قد فاز به أحمد شدا في انتخابات 8 سبتمبر 2021.
أجربت الانتخابات الجزئية في بني ملال بتاريخ 27 أبريل 2023، وكان حزب الحركة الشعبية ينتظر أن يفوز عبد العزيز الشرايبي صاحب مطاحن سنابل الصافية بفارق مربح.
لكن ما حدث، هو أن الذي اكتسح الانتخابات الجزئية في بني ملال هو عبد الرحيم الشطبي المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار محتلا الرتبة الأولى بعدد أصوات بلغ 15 ألفا و 973 صوتا، بينما حل عبد العزيز الشرايبي في الرتبة الرابعة بعدد أصوات بلغ 1987 صوتا.
● صدمة حزب الحركة الشعبية
كان حزب الحركة الشعبية يراهن على زعيمه القديم في المنطقة أن يستعيد له المقعد البرلماتي الذي جُرّد منه. لكن اتضح أن عبد العزبز الشرايبي، لم يعد قادرا على المواجهات الانتخابية، وفشل في مقارعة التجمعي عبد الرحيم الشطيبي، الذي هو رئيس مدير عام لمجموعة “يونيفير جينيس” Groupe Univers Genisses المتخصصة في تربية وتسويق الماشية، ورئيس جمعية منتجي اللحوم الحمراء، ورئيس الكنفدرالية الفلاحية الجهوية لتادلة أزيلال، ونائب رئيس فرع تادلة أزيلال للكنفدرالية العامة لمقاولات المغرب.
تزامنت حملة الانتخابات الجزئية للسيد عبد العزيز الشرايبي مع اعتقال الزعيم الحركي، والبرلماني، والوزير السابق محمد مبديع، الذي كان قد فاز في انتخابات 8 سبتمبر 2021 بمقعد في مجلس النواب عن عمالة إقليم الفقيه بنصالح بجهة بني ملال خنيفرة، وذلك بعد أن وجهت إليه النيابة العامة بالدار البيضاء عددا من التهم، منها المساهمة في تزوير محرر رسمي، واختلاس وتبديد أموال عمومية، والإرتشاء واستغلال النفوذ، واستعمال محررات تجارية مزورة، واستعمال محررات عرفية وتجارية مزورة، والمشاركة في إصدار إقرار صادر عن طبيب أثناء مزاولته مهنته بقصد المحاباة واستعماله.
●السقطة القاتلة
اعتقال القيادي الحركي محمد مبديع، أثر كثيرا على حملة الانتخابات البرلمانية الجزئية في بني ملال لعبد العزيز الشرايبي، و كان سقوطه طبيعيا.
في الأسبوع الماضي، انضافت سقطة أخرى إلى سقطته الانتخابية الأخيرة، وهي سقطة موجعة، تجاوزت في خطورتها كل سقطات زملائه في الحزب.
إنها سقطة فاضحة ناتجة عن ممارسات لا أخلاقية تسببت في ارتكاب جربمة قنل في حق فتاة شابة داخل مسكنه الفاخر. وربما التحقيقات ستكشف عن أمور أخرى ساقطة كانت تُمارس في خفاء وتستر.
الله يصلح الحال.
وهذا ما كان.