عبد السلام الشرقاوي يكتب ….التضخم : ظاهرة عالمية
التضخم : ظاهرة عالمية
عبد السلام الشرقاوي
وأنا أتابع اليوم الإنتخابات الأمريكية لاحظت مدى الإهتمام الكبير الذي يبديه كلا المرشحين (الرئيس السابق ترامب ونائبة الرئيس الحالي هاريس) لمسألة ارتفاع الأسعار وتأثيرها على القدرة الشرائية لدى المواطنين الأمريكيين بل وإن كلا البرنامجين الإقتصاديين المعروضة من الطرفين تبين كيفية الحد من هذا الإرتفاع في حالة صعود هذا المرشح أوذاك للرئاسة.
كل من البرنامجين تمت مناقشتهما من طرف خبراء من ذوي الإختصاص وإعلاميين وقالت المرشحة من الحزب الديموقرطي أن الإجراء الرامي إلى الحد من التضخم يهم على الأقل مائة مليون أمريكي.
مسألة التضخم ببلادنا نحن أيضا أخذت نقاشا مجتمعيا منذ على الأقل فترة كورونا مرورا بسنوات جفاف حاد وكان هناك على الأقل ثلاثة آراء حكومية في الموضوع : المندومية السامية للتخطيط (المكلفة فنيا باحتساب شهريا الرقم القياسي لأسعار المستهلك حسب المعايير الدولية – شعبة الإحصاء للأمم المتحدة) ووزارة المالية (السياسة المالية ) وبنك المغرب (السياسة النقدية) .
هذه الآراء وإن اختلفت بشكل كبيرأو طفيف في شرح أسباب ومسببات التضخم إلا أنها تقر كلها بالإرتفاع في الأسعار ومدى تأثيره على القدرة الشرائية للمواطنين وما يترتب عن ذلك من استقرارمجتمعي وأسري.
هناك من يجزم بأن هذا الإرتفاع للأسعار يرجع أساسا إلى المضاربة ووجود عدد كبيرمن الوسطاء فإنه وإن كان هذا جزئيا صحيح فإن الحد من هذا السلوك الهيكلي يبقى مقرونا بمستوى التنمية الإقتصادية والإجتماعية و الثقافية في البلاد .
الوسطاء ليسوا ظاهرة مغربية فقط بل وجدوا في القرن المنصرم في عدة اقتصاديات من الدول المتقدمة اليوم ومنها الولايات المتحدة.
المؤسسات الدستورية المختصة كمجلس المنافسة حديثة العهد بالمغرب مقارنة مع دول أخرى وكما أن الولوج إلى المعلومة الإقتصادية والتجارية ذات الموثوقية يبقى دون مستوى الحد من المضاربة وعدد الوسطاء.
إن الدعوة إلى القيام بالمراقبة من طرف أجهزة الدولة قد يعطي بعض النتائج الإيجابية ولكن لن يحد من ارتفاع الأسعار نظرا للطبيعة البنوية والعالمية التي أصبح يكتسيها التضخم وكذا للإرتفاع في كلفة الإنتاج اليوم كما أن الدعوة إلى مقاطعة بعض المواد قد يؤدي إلى نتائج عكسية نظرا لطبيعة المواد (الغذائية بالأساس) وذلك لأن المقاطعة تؤدي إلى النقص في العرض مما يؤدي إلى ارتفاع السعر.
إن إحدى التحديات الفكرية العلمية والعملية التي نواجهها اليوم هي مسألة الحد من هذا التضخم ببلادنا لدى وجب على الكل ومن خلال منهجية تشاركية من حكومة وأحزاب سياسية ونقابات ومجتمع مدني وأكادميين ومراكز التفكير الإنكباب على دراسة الإشكالية وطرح الحلول الواقعية الممكنة والإتفاق على تطبيقها سواء على المستوى القريب أوالمتوسط بعيدا عن المزايدات وإلصاق المسؤولية بلآخر.
أعتقد أن المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي يمكنه أن يؤدي هذا الدور مرحليا وذلك إذا استعصى تكوين آلية لذلك .
عبد السلام الشرقاوي