المغاربة حائرون يتساءلون : المغربي من يكون ؟
المغاربة حائرون يتساءلون : المغربي من يكون ؟
الجزء الأول :1/3
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير دجنبر 2025.
ماذا يحدث في العالم من حولنا ؟ وماهو موقعنا من ذلك ؟ هل يستطيع المغاربة ان يكونوا خارج هذا التحول ؟ كيف تساهم الجغرافيا و التاريخ في رسم معالم انخراط المغرب في هذا التحول؟
بداية وجب ان نحاول تشخيص و فهم هذا التحول ،وهل يخدم مصالح بلادنا ام العكس ؟
هناك حقيقة ترى بالعين المجردة وهي ان العالم بفضل هيمنة التكنولوجيا و الإقتصاد العالمي الحر جعل التوجهات الايديولوجية و العقائدية و العرقية تتنحى و تفقد التحكم في القرارات و التحركات التي تصنع خريطة العالم.
فاليهودية كديانة الاكثر تأثيرا في تاريخ القرنين التاسع عشر و العشرون اصبحت في هذا القرن تنفلت من الانتساب الى اسرائيل كدولة والتي يبدو انها بدأت تخلع ثوب العقيدة اليهودية لتلبس ثوب الصهيونية التي لا تقبل ان تتحول إسرائيل من دولة بلا دستور تدعي انها يهودية ، و الحال انها اصبحت آلة إبادة جماعية لإعتبارات تتجاوز فكرة الارض الموعودة .
اما الاسلام الذي ارتبط في القرن الماضي بالإرهاب و رسمت صورته بتنظيمات مثل الطالبان و تنظيم القاعدة و داعش و تنظيمات الصقت بها هذه الصفة كالإخوان المسلمون في مصر و حزب الله في لبنان و حماس في فلسطين و انصار الدولة الاسلامية في اليمن و سوريا ،
اصبح الاسلام دينيا يخترق انظمة الدول عبر التزايد الملفت للنظر لعدد معتنقي الاسلام ممن استطاعوا الفصل بين شريعة الارهاب و الشريعة الاسلامية السمحة .
المسيحية لم تعد مرجعا في وحدة الدول حيث تراجعت تلك الصورة التي عكستها التشريعات الفرنسية (مثلا) في معاداة كل التعبيرات الدينية على ارضها …
واما العرب ومفهوم العروبة الذي طاردته القومية العربية لتبحث عن خيط رفيع يجمع اقواما وحدها اللسان و الدين وفرقتها الولاءات و خرائط ما بعد خروج المستعمر و بروز خلافات الحدود بين الدول .
وهاهو العالم يتحول من حولنا و اغلب نقط التوثر في العالم هي من المنطقة العربية ، لكن لا احد يسأل ولا يعول و لا يتحمس لهيكل اشبه بالهيكل اليهودي المفقود ،و هو جامعة الدول العربية و مثيلها من التجمعات الاقليمية و العرقية و الدينية .
إن معيار التحول الذي يقع من حولنا وفينا لا يتكلم لغة غير لغة المصالح الاقتصادية ، وان ما يجمع الدول عبر العالم لم يعد سباق التسلح ولا هو الحروب بالنيابة في مناطق مختلفة من العالم ، لكنها مؤكد تجتمع و تلتقي لمواجهة ما يتهدد هذا الكون من الاوبئة و التقلبات المناخية و التهديدات البيئية و الامن الغدائي ،و سباق الاحتياط العالمي من المواد الاساسية في الصناعة و الملاحة كالغاز والبترول و الفوسفاط
المغرب بحكم موقعه الجغرافي حائر بين الجنوب و الشمال ،حيرة قد لا تجدها في سياسة الدولة القابضة بمقود التوازن بين استشراف اوروبا و اكتشاف العمق الافريقي،لكنها تعاين تجلياتها في سلوك المغاربة و توجهاتهم ،
وهي التوجهات التي سنعرج عليها في الجزء الثاني قبل مواصلة باقي عناصر المقال .
انتظرونا …
فهل تعتبرون ؟