لرئيس الجمعية.. الوطن في العينين…
لرئيس الجمعية.. الوطن في العينين…
أثناء الإعداد للمؤتمر 11 للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في 2016، كنت عضوا في لجنته التحضيرية، وكان موقفنا واضحا في التصدي لكل محاولة لإلحاق الجمعية بأي موقف انفصالي انعزالي فوضوي، يحاول الركوب على حقوق الإنسان لتحويلها لأداة لتفتيت كيانات الأوطان، وكانت بوصلتنا دقيقة وتحافظ على راهنيتها، فما أشبه الليلة بالبارحة، فقد كانت رؤيتنا في مواجهة الخلط في المفاهيم كالتالي:
– نحترم اختلافات بعضنا، لكن ما سجل يوم علينا أننا سمحنا لأي كان أن يستبلدنا، لهذا من المفروض إشراك الرأي العام في تطورات مسألة حساسة، تهم عملنا المشترك مع بقية الحساسيات في الجمعية المغربية لحقوق الانسان، خصوصا ما يتعلق بمغربية الصحراء، التي تتعالى على الرؤية التقزيمية لتمرير موقف حزبي بغطاء حقوقي لا يجرأ حزب على الجهر به سياسيا.
– دون الغوص في تفاصيل الأخطاء المقصودة، من خلال المؤتمرات السابقة، والتي أفرزت تسييرا أحاديا للجمعية، على قاعدة عددية، لا تعكس ديناميتها الفعلية، خصوصا مع الانسحابات المتتالية لأغلب الأطر والكفاءات التي أعطت زخما نوعيا حقيقيا للإنتاج الأدبي والنضالي للجمعية، فما وقع خلال التصريح الأخير لرئيس الجمعية، سيكون النقطة التي ستفيض حتما كأس تعاملنا في هذه المؤسسة التي جمعتنا لحدود اللحظة، بإكراهات سوف لن نتقبلها في مستقبل الأيام، لأنه سَوَّقَ تصورات تهمه وحده وحزبه وغير متفق عليها في الطيف المكون للجمعية حول الصحراء المغربية.
– إن انخراطنا بنفس إيجابي في فعاليات الإعداد للمؤتمرات الأخيرة للجمعية، حكمه عاملان أساسيين : الأول يتعلق بعدم ترك الجمعية فريسة للهجوم المخزني على الحقل الحقوقي، وحتى نشكل رافعة في الدفاع عن الحركة الحقوقية في هذا الظرف الحرج جدا، الثاني بأن نكون أحد الديناموات الأساسية، كالعادة لتصحيح الأعطاب السابقة وإنتاج مشاريع وأدبيات محينة تجيب على حجم اللحظة، وتستشرف أفقا حقوقيا مشرقا للمغرب.
– لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فبعد تعبيرنا عن روحنا الإيجابية في العمل المشترك، ينبري الرئيس بشكل منفرد وخارج موقف الجمعية ليصرح علانية عن رؤية سياسية لطرف سياسي بعينه، وبنفس عقلية التحكم في دواليب القرار داخل الجمعية من طرف نفس الفصيل المهيمن.
وللتذكير فقد كان النقاش محتدما حول :
– اجتزاء الفقرة من مقرر الأمم المتحدة حول تقرير المصير، رغم تنبيهنا المتكرر، حول اتجاه المنتظم الدولي إلى الاستعمال الموجه لهذا الحق كالعادة، في تفتيت وتقسيم كيانات الشعوب وعيشها المشترك، على أرضية عرقية، دينية، طائفية، جغرافية،….، دون أي إشارة للقانون الدولي الإنساني وبقية المواثيق والمقررات حول حق الشعوب على تنوعها في وحدة السيادة على أراضيها وعيشها المشترك.
– لكن الأدهى و الأمر، أنه حين تصدينا في القاعة لمن يروج للطرح الانفصالي، وبكل وضوح حين الحديث عن “الصحراء الغربية” ككيان جمهوري، وقفت الأجهزة المسيرة للجمعية، من خلال طرفها المهيمن للدفاع عن هذا الطرح، دائما من مدخل تقرير المصير، وأحقيتهم في التعبير عن رأيهم كيفما شاؤوا، غريب فعلا، جمعية تحمل في اسمها كلمة “مغربية” وتبطق وفق هذا الانتماء، وأحضروا مؤتمرين من انفصاليي البوليساريو، ويصرحون أنهم ليسو مغاربة، وقفنا بحزم حتى ضد أخذهم مداخلات باسم الجمعية حتى استيضاح الأمر، ولنا كل الشرف في الوقوف ضد أي تحدث لهم باسم إطار مغربي ما داموا ينفون هذا الانتماء، وللالتفاف على هذا المس الخطير دفع الطرف المهيمن بشرعنة انخراط وانتداب غير المغاربة، فلينخرط الألمان في الجمعية، لقد كانت الفدلكة لكي يصبح المبرر مقبولا حتى يجول البوليساريو حرا طليقا في مؤتمر الجمعية، بل حتى الفقرة المتعلقة بإدانة احتجاز وتعذيب البوليساريو للمغاربة في مخيمات تندوف تم رفض إدراجها، بجمل فضفاضة من قبيل إدانة الانتهاكات دون تسمية من قام بها.
أمام تنبيهنا المتكرر لهذه المنزلقات الخطيرة، ومخاطبتنا المتكررة لعقلاء و حكماء الطرف المهيمن، للمسار الانتحاري الذي يقدمون عليه، خصوصا مع حساسية الظرفية، للأسف فعمى الكراسي يعمي أحيانا بصيرة استشراف ما هو مقبل، والذي قد يدمر كل ما راكمه المؤسسون التاريخيون لهذا الإطار العتيد الذي فقد الكثير من بريقه، ونستغرب أنه مع قرب انعقاد كل مؤتمر يخرج للواجهة من يحدث القلاقل بشكل مقصود لتفجير الجمعية وفك لحمة مكوناتها.
أكيد أن الأيام القليلة القادمة، ستحسم في الكثير من الأشياء، فيما يخص استيضاح رؤية تعاملنا مع مثل هذا المنحى الخطير، و لن نسمح لأنفسنا بأن نكون طرفا مساهما في مثل هذه القرارات الانفرادية، التي تتعارض و تربيتنا النضالية والحقوقية، والتزاماتنا أمام الشعب المغربي.
نحن أكثر وضوحا واتساقا في موقفنا بأن الصحراء مغربية، ونتجاوز حتى مكونات الدولة في ذلك، ونحيل على اعتقالات ميسور حين تم رفض مساومة أرضنا بين الحُكم والمنتظم الدولي بتشبتنا بمغربية الصحراء، وكذا السجال الراقي بين منظمتي 23 مارس وإلى الأمام حول مفهوم “تقرير المصير”، فوحدة أراضي المغرب بربط السيادة الوطنية بالسيادة الشعبية لا جدال فيها بإقرار الديمقراطية وتحرير الإنسان من طنجة إلى الكويرة.
وإن كان من تقرير للمصير على أي شبر من تراب المغرب فالمفروض أن يُستفتى فيه كل المغاربة.
فليتحمل الجميع مسؤولياته.
ملحوظة:
– حتى في أدبيات اليسار، على البعض مراجعة السجالات النظرية بين روزا لوكسمبورغ ولينين حول تقرير المصير، واختلاف استعمال هذا المفهوم حسب السياقات، فكم من حق أريدَ به باطل.
– الوطن في العينين رواية لحميدة نعنع تستحق القراءة، نفيا للتكلس و تجديدا لروح الفكر الرصين.
منعم وحتي.