الحب داخل الحكومة
لعلها المرة الأولى في تاريخ المغرب تقفز قضية خاصة جدا وحميمية إلى العلن وتنهال التعليقات والسيناريوهات لرسم ملامح علاقة حب مفترضة بين وزير متزوج ووزيرة مطلقة ،وهذا النوع
من الأحداث يعد من المستجدات في عالم السياسة المغربية وقد يصعب تدبير حالة عاطفية داخل جسم سياسي يعيش توترات وتشجنات من فرقاء اخرين وخصوم من هنا وهناك ، للوزير الحق في انسانيته لكن كيف يعيشها بعيدا عن مقالب السياسة وكيف يمكن تدبير حالة حب في حرم الحكومة حين تجتمع شرارة الوله والعشق و نيران السياسة فالامر ينذر بكارثة حقيقية ويبدو اننا حين نتعامل بتلقائية في امور عاطفية ونحن في معترك السياسة يصبح الامر عسيرا وشائكا نحن كدول متخلفة لا نحسن بعد تدبير قصصنا الشخصية وتحصين انفسنا بتفكير عقلاني بعيدا عن الانفعال .
الوزير الشوباني لم يحسن التصرف وكان عليه ان يستشير خبيرا في التواصل والاعلام لضبط خرجاته الاعلامية ،في الدول المتقدمة لابد للوزير ان يكون له مستشار اعلامي ينظم كل تعاملاته الاعلامية ،الرئيس الفرنسيHolland يدبر خرجاته عبر صديقه ووزيره الاول فالس Manuel Valls لانه قبل ان يكون وزيرا هو مختص في التواصل والاعلام ومدير حملته الرئاسية،الوزراء الهولنديون يدبرون امورهم العامة والخاصة عبر مختصين في اقسام للتواصل والصحافة بالوزارات ،في امريكا لكل خطوة يخطوها السيد الرئيس او كاتب للدولة سواء في نطاق عمل او حالة شخصية حساب وشآن مدبر بعقلانية الهدف منه تفادي الشائعات والتستر عن المشبوهات .
سبقهم في هذا الصدد الرئيس ميتران Metterand الذي كانت له عشيقته Anne Pingeot خارج مؤسسة الزواج ولم تتجرأ دانييل ميترانDanielle Metterand لكشف الأمر حفاظا على مكانة الرجل وتاريخه إلى أن خرجت عشيقته لتودعه الوداع الأخير في جنازة مهيبة جنب أبناء الرئيس الراحل فرنسوا ميتران.
أخطا الشوباني بالرد على شباط بنفسه وأخطأ بالتفاعل مع خبر خطبته للوزيرة، الأمر الذي أسال مداد كثير من الأقلام على مختلف ألوانها ،قصص الحب تنمو كالفطر في كل المجتمعات والفضاءات وهي حق للوزير والسفير والغفير غير أنه للأسف نعيش مجتمعا مليئا بالتناقضات خاصة إذا كان هذا الجانب خاص برجل وامرأة يعملان بالسياسة وهما معا في واجهة الحدث .
يحتاج السياسيون وغيرهم في المغرب لواجهة إعلامية استراتيجية وإلى خبراء تواصل حقيقيين لتدبير مطبات وعراقيل كثيرة تعترض طريقهم وقد تغرس فيه أشواكا وأسلاكا ،الشوباني وبنخلدون وقعا ضحية الحب والمتلصصين والمتلهفين للتجسس من ثقب الباب ،اتذكر قصة حب نيلي كروزNelli Kroes المندوبة الاوروبية السابقة وهي من الحزب الليبرالي وعمدة روتردام السابق برام بايبرBram Paper من حزب العمل فبعد توليها الوزارة في حكومة اللوبرز طلقت من زوجها سميث وفي 1991 تزوجت من برام ودبرت الأمور بشكل عادي رغم اختلاف الاحزاب والاديولوجيات وكان الزواج .
وشتان بين حكومات الامس وحكومات اليوم ،منها من لها فضائح شرعية وعن طواعية إن صح القول و منها مدبرة كقضايا وزيرين سابقين في المالية.
عيب مايحصل اليوم في قصة ممكن أن تكون مجرد حكاية عابرة عادية تحولت الى حديث الخاص والعام في انتهاك سافر لحرية شخصين ذنبهما أنهما وزيرين في حكومة مغربية إسلامية .
الحب مشروع والحياة الخاصة حق للجميع ولكن طقوس ممارسته في قلب السياسة تحتاج حنكة وحسن تصرف واختصاصين تواصليين لتفادي الشوشرة والنميمة والاستهتار.
لم يتوفق في هذا السيد الوزير و لنحيا لأول مرة تجربة فريدة في حياة وحال السياسة المغربية التي تبقى للأسف مجرد مستنقع الداخل إليه مفقود والخارج منه مجنون . كان من الأجدى أن يسجل الوزير والوزيرة إسمهما في التاريخ السياسي ليروجا معا لقيم الحب والتفاني في خدمة الوطن والإخلاص لمبادىء شراكة الحياة بالأسلوب الذي يتطلع إليه مغرب الألفية الثالثة لكن للأسف خفة الرجل ربما قلبت موازينهما وجعلت من حكايتهما حكاية كل لسان تستهزىء من علاقتهما وتستنكرها الناس لأنها خارج السياق العام لمبادىء وقيم العلاقات الأسرية التي يطمح المغرب لترسيخها من أجل مجتمع المساواة وتكافؤ الفرص.
عاش الحب في بلدنا لكن خارج الحكومة.