لا يبدو أن قرار إقليم كتالونيا بإجراء استفتاء من أجل الانفصال عن إسبانيا، وما تلا ذلك من إجراءات كان آخرها تصويت البرلمان على الاستقلال، كان عشوائيا، فهناك شواهد على أن الحكومة الإقليمية حضرت لذلك جيدا، لا سيما على المستوى الاقتصادي.
ولعل الفجوة بين عائدات الإقليم الكبيرة من السياحة اعتمادا على مدينة برشلونة، في مقابل توزيع يراه الإقليم غير عادل للاستثمارات من جانب الحكومة المركزية في مدريد، كانت من أهم دوافع الرغبة الكتالونية العارمة في الاستقلال بذاتها.
وبموازاة العمل السياسي الدؤوب من أجل نيل ما يعتبرونه حقا في الاستقلال، يعكف مسؤولو إقليم كتالونيا على تحضير خطة اقتصادية موازية تحسبا لأي صدامات أو مضايقات من جانب مدريد، وهو ما حدث بالفعل.
وحسب تقرير لصحيفة “تليغراف” البريطانية، يعمل خبراء في المجال المالي على إصدار عملة “رقمية” خاصة بكتالونيا، تكون خارج سيطرة السلطات الإسبانية والبنك المركزي الأوروبي، تشبه الإثيريوم أو البيتكوين.
وطرحت الفكرة ذاتها في اليونان قبل عامين في ذروة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، لكنها لم تنفذ.
ويقول الخبير في العملات الرقمية بكلية لندن جورج دانيزيس، إن مثل هذا المشروع يمكن أن يخلق بنية تحتية اقتصادية قوية لكتالونيا يصعب على مدريد اختراقها.
تحذير
لكنه حذر في الوقت ذاته من أن تغيير النظام المالي المعتمد على اليورو إلى الرقمي لن يحدث بين عشية وضحاها، كما أنه يخلق اقتصادا معقدا.
ومنذ أسابيع تضيق مدريد الخناق على كتالونيا، وبلغ تصعيد الحكومة المركزية ذروته السبت بإقالة قائد شرطة الإقليم، بعد يوم واحد من إعلان البرلمان الكتالوني الاستقلال عن إسبانيا.
وسيطرت الحكومة الإسبانية بشكل مباشر على الإقليم، وأقالت الحكومة الانفصالية المتشددة هناك، في أيام هي الأكثر اضطرابا بتاريخ البلاد الحديث.
ووافق البرلمان الوطني في مدريد على إجراءات دستورية غير مسبوقة، لوقف الحملة الانفصالية التي يقوم بها البرلمان الإقليمي في برشلونة، الذي أمر رئيس الحكومة ماريانو راخوي بحله.