خبث الجزائر ومكر البوليساريو
خبث الجزائر ومكر البوليساريو
سعيد الوجاني
منذ أنْ أُثيرت القضية الكردية والقضية الكتالونية ، والجزائر وجبهة البوليساريو ، يرقصان رقصة الديك المذبوح الذي فقد البوصلة ، ويجري جري الدّابة التي لا تبصر ليلا ، فتتيه على وجهها معتقدة أنّ أي مخرج ، هو منفذ لانقاد ماء الوجه المرسومة على جبينه ، ملامح النفاق ، والخبث ، والتردد ، في اتخاذ الموقف الشجاع ، لمواجهة الحقيقة الساطعة والمزعجة ، لكل متردد خجول وجبان .
فبالنسبة للجزائر اكتفت بالتفرج ، وهو موقف جبان ومنافق ، في مسلسل القضية الكتالونية والكردية . فلا هي أيّدت الكتالونيين ، ولا هي أيّدت الأكراد ، الذين مارسوا حقهم في تقرير مصيرهم عن الدولة الأم ، اسبانيا – بغداد ، بواسطة استفتاء ، جرى تعبير الشعب فيه ، عن رغبته في الانفصال بشكل ديمقراطي .
هكذا كانت الجزائر تتريث ، وتتردد في اتخاذ موقف حاسم من القضيتين ، ما دام أنّ أي موقف ، سيكون له تأثير على موقفها من قضية الصحراء المغربية ، وخصوصها وهي التي أزعجت ادن العالم ، باسطوانة تأييدها للشعوب في تقرير مصيرها ، وتخلت عن اتخاذ موقف من هذا الحق في الحالة الكتالونية ، والحالة الكردية .
لكن الجزائر الخبيثة ، لم تتردد في معارضة استفتاء كتالونية ، إلاّ بعد فرار القيادة الانفصالية الى بلجيكا . فماذا كان يمنع ان تعرب الجزائر عن موقفها صراحة ، قبل تأكدها من فشل الانفصال ، ولتصدر بلاغ خجول تؤيد فيه وحدة الدولة الاسبانية .
الجزائر حين كانت تراقب الوضع باسبانيا وبكردستان ، فذلك لخدمة مواقفها ألحربائية من النزاع المفتعل بالصحراء المغربية . فإذا كانت الجزائر تضرب أخماسا في أسداس في قضية الصحراء المغربية لفرض الاستفتاء ، فماذا منعها من تأييد نفس الحق في الحالة الكتالونية والحالة الكردية .
ومن خلال تتبع كل التدوينات التي كان ينشرها جيش الجزائر الالكتروني عبر الفيسبوك والتويتر … ، سنجد ان الجزائر كانت تتمنى من أعماق قلبها ، نجاح الانفصال الكتالوني والكردي ، من جهة كَتشفٍّ في اسبانيا وبغداد من موقفهما من قضية الصحراء المغربية ، وهو موقف مؤيد لوحدة المغرب ، ومن جهة للاستناد على هذا الانفصال إن نجح ، في تدعيم أطروحة الانفصال بالصحراء المغربية .
لكن فشل الانفصال في اسبانيا وبالعراق ، احدث رجّة مدوية في أعماق الجزائر التآمرية ، ومن جهة خيب أملها في إحداث شرخ في العلاقات الاسبانية العراقية ، والمغربية فيما لو نجح الانفصال وتكونت جمهوريات جديدة بالمنطقة ، جمهورية كتالونية ، وجمهورية كردستان .
نستنتج من هذا الموقف الحربائي الخبيث ، ان الجزائر لا تؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، وإنها تستعمل هذا الحق الذي يراد به باطل في الحالة المغربية ، لإضعاف المغرب ، بتقزيم أرضه ، وتشتيت شعبه . فما يحرك الجزائر المتناقضة مع نفسها بمواقفها الخجولة ، ليس الدفاع عن الشعوب بل البحث عن منفذ يوصلها الى المحيط الأطلسي عقدتها الوحيدة والأبدية .
أما بالنسبة لمواقف جبهة البوليساريو من الحالة الكتالونية والكردية ، فهي من جهة هلّلت للاستفتاء الكتالوني كشماتة في حكومة مدريد ، وليس كحق للكتالونيين ، لأنها تدرك جيدا مخاطر تأييد انفصال كتالونية عن اسبانيا عندما سيفشل الانفصال .
ومن جهة أيّدت وطبلت لاستفتاء الأكراد صراحة ، لأنها هنا وبخلاف الحالة الكتالونية ، تعاملت مع الحلقة الضعيفة في المسلسل ، لتأييد انفصال الأكراد المؤدي إلى الجمهورية الكردية .
لكن وبعد فشل انفصال كتالونية وانفصال كردستان ، عادت الجبهة من جديد لتدفن رأسها في الرمل وكأنّ لا شيء حصل .
ان انتهازية الجبهة بالتطبيل لانفصال كردستان ، وتأكيدها في آخر المسلسل الكتالوني بعد فشله ، على عدم المقارنة بين كتالونية وبين الصحراء المغربية ، هو ضلالة ما بعدها ضلالة في سلوكيات مراهقي الجبهة .
فإذا كانت النتيجة من أي استفتاء هو احترام إرادة الشعوب ، وبالمناسبة الصحراويون ليسوا بشعب ، بل هم جزء من سكان المغرب ، فانّ مكْر البوليساريو بإنكار حق الكتالونيين في تقرير مصيرهم ، رغم انه جرى بطريقة ديمقراطية ، وتأييدهم للأكراد في مباشرة هذا الحق ، هو دليل ساطع على تخبط البوليساريو في التناقضات . ومثل الجزائر فهم مثل الناقة التي لا تبصر ليلا ، فتتيه على وجهها كالمصطول المخبول ، الفاقد لبوصلة الاتجاه الصحيح .
ان الجزائر والبوليساريو لا يهمهم من الاستفتاء وتقرير المصير ، تأكيد حق الشعوب المستعمرة قوميا في تأكيد استقلالها ، بل ما يهمهم هو إنشاء جمهورية صحراوية ، وإلحاقها من بعد بالدولة الجزائرية ، لتصبح دولة واحدة ، هي دولة الجزائر الكبرى .
لذا فان حق تقرير المصير والاستقلال للجماهير المغربية بالصحراء ، هو طعن سافر لمفهوم الشعب ، حيث ان ما يسمى بالشعب الصحراوي لم يظهر حتى سنة 1977 ، وطعن سافر لحق تقرير المصير ، لأنه يؤدي الى خدمة مخططات الدول الكبرى ، بتكريس التجزئة والانفصال ، وإنشاء الكيانات اللقيطة بخلق إسرائيل جديدة بالجنوب المغربي .
ان حق تقرير المصير كما هو محدد بميثاق الأمم المتحدة ، هو حق الشعوب لتحررها من الاستعمار القومي لدولها ، وليس هو انفصالها عن وطنها لإنشاء دويلات قزمية تكون عميلة للدوائر الاستعمارية .
ولنا ان نُنبّه الشعب المغربي ، الى المخطط الخطير الذي تعمل عليه الجزائر ، وليس فقط مخابراتها وعسكرها ، وهو مخطط ان حصل ، فهو يعني القضاء النهائي على شيء يسمى المغرب .
ان هذا المخطط يتكون من محورين أساسيين ، يشغلان بال الجزائريين ، وليس بال الصحراويين المستعملين ككمبراس ، في تنفيذ هذا المشروع الخطير الذي يهدف إلى القضاء النهائي على المغرب .
1 ) ان المحور الذي تعمل عليه الجزائر منذ ستة سنوات ، هو خلق معارضة مغربية — مغربية لمغربية الصحراء . أي خلق لوبي خائن داخلي ( گورباتشوف مغربي ) ، يدمر المغرب من الداخل ، ليسهل فصل الصحراء عن المغرب في مرحلة أولى ، و تنتهي بابتلاع الجزائر الدولة ، للمغرب الدولة . ولنا هنا ان نتساءل : هل مواجهة النظام المغربي ، او إسقاطه ، لا بد ان تتم عبر تفتيت المغرب أرضا وشعبا ؟
وهل من المنطق والروح الوطنية ، المساهمة في هذا المخطط الجزائري ، الذي يهدف الى تدمير المغرب وتشتيته ، والانتهاء به ككيان تابع للجزائر التي ستطوقه من كل جانب ؟
2 ) عندما سينجح المخطط بفصل الصحراء عن المغرب ، وإنشاء جمهورية صحراوية ، وبعد حصولها على الاعتراف الدولي ، فان أول شيء من المخطط الخطير الذي يجري التحضير له ، هو اندماج الدولتين الجزائرية والصحراوية في دولة واحدة . وهذا أمر وارد في حالة نجاح المخطط ، بحيث ستصبح حدود الجزائر الدولة بالمحيط الأطلسي ، وستصبح حدود الجزائر مطوقة لحدود المغرب ما قبل 1975 . أي أن الجزائر ستطوق المغرب من جميع الجهات . وان هذا الوضع وحسب المخطط الجزائري الخبيث ، سيجعل المغرب يخرُّ بانتقال الانفصال ، إلى الريف ، والى الأطلس المتوسط ، والأطلس الكبير .. الخ ، الأمر الذي سيفرض قوة الدولة الجزائرية الجديدة ، وتصبح كل الجمهوريات التي تكونت بالمنطقة ، تابعة او جزء من الدولة الجزائرية الجديدة والقوية .
فهل سينجح المخطط التخريبي الجزائري بالمنطقة ، بانفصال الصحراء ، وإنشاء الجمهورية الصحراوية ، ودمج الدولتين في دولة واحدة ؟
ان ما تجهله الجزائر ، هو طبيعة الشعب المغربي الوطنية ، والتصاقه بالقضية الوطنية الصحراء المغربية ، والريف المغربي . ان الشعب المغربي قاطبة ، ومن مختلف الشرائح ، وباستثناء بعض الخونة ، يقف صفا واحدا في الدفاع عن وحدة المغرب أرضا وشعبا .
إن قيام دولة عميلة بالمنطقة ، إسرائيل الثانية ، هو ظلم صارخ ، لا يهدف فقط إلى تشريع التجزئة والانفصال ، بل ان الهدف الأساسي هو تطويق المغرب ، وخنقه ، وإفساح المجال لسد برّي للنظام الشوفيني الجزائري ، لتصبح حدوده بالمحيط الأطلسي . أي أن الدولة الجزائرية الجديدة بعد الاندماج مع الدولة الصحراوية المرتقبة ، ستعزل المغرب نهائيا عن عمقه الإفريقي ، وتحوله كطائر في قفص حديدي .
ان الصحراء هي رِئتا المغرب اللتين يتنفس بهما ، وان أحسن شيء يجب ان نتركه للأجيال القادمة ، أن نترك لهم مغربا يتنفس ، وليس مغربا مخنوقا .
ان قضية الصحراء بالنسبة للمغرب هي قضية حياة او موت . هي قضية حياة لنا وللأجيال القادمة ، إن وقف الشعب سدا منيعا ضد المخطط الجزائري المفضوح ، وموتا أن حصل الانفصال ، وتأسست الجمهورية الصحراوية ، لتندمج في دولة واحدة مع الدولة الجزائرية ، التي ستصبح دولة جديدة ،حدودها وصلت الى المحيط الأطلسي ، وأضحت مطوقة للمغرب .