يونس مجاهد يكتب: الوصية
الوصية
يونس مجاهد
يمكن القول إن مؤتمر حزب العدالة والتنمية، خطا خطوة هامة إلى الأمام، عندما تجاوز مخلفات الماضي، وقد نال هذا الموضوع أهمية خاصة، من طرف مختلف وسائل الإعلام ومن طرف المتتبعين والمراقبين، لأن التساؤل الذي كان مطروحا، هو كيف سيتعامل الحزب الذي يترأس الحكومة مع موضوع أمانته العامة، لما لذلك من تبعات سياسية، تتجاوز الحزب نفسه.
وإذا كانت النتائج توحي بأن هناك ربما تعاملا مغايراً تجاه مقاربة الشأن السياسي، فإن الكثير من التساؤلات مازالت مطروحة بقوة، حول التوجهات الإيديولوجية لهذا الحزب، وكيفية تعامله مع الشأن الديني، وهو الموضوع الذي أولاه الأمين العام السابق، عبد الإله بنكيران، أهمية خاصة في الكلمة التي ألقاها بهذا المؤتمر، حيث أوصى الحزب بأن يتشبث بما أسماه مرجعيته الدينية، أي الإسلامية، كما قال.
هنا لا بد من التذكير بأن لهذا الحزب، خلفية دعوية، هي حركة التوحيد والإصلاح، التي تشتغل في مجال التأطير الديني والإحساني، وتهيئ الخلفية التنظيمية والإنتخابية للحزب، وهذا ما يضفي عليه طابعاً دينياً محضاً، رغم محاولات البعض من قياداته، نفي ذلك.
غير أن وصية بنكيران، كانت مدروسة، لأنه يعتبر أن أي محاولة للتخلي عن هذه الخلفية، سيكون بمثابة التفريط في الرأسمال الذي وٓفّرَ للحزب الإمكانات البشرية والمالية، التي جعلته يحتل المرتبة الأولى في الإنتخابات، كما هو الشأن في العديد من الدول العربية والإسلامية، التي ظهرت فيها مثل هذه التنظيمات، التي لا برنامج لها، سوى استعمال الدين في السياسة.
أكثر من ذلك، فخارج هذه المرجعية، لم تقدم مثل هذه التنظيمات أية قيمة مضافة في الفكر السياسي أو في تصوراتها للنموذج التنموي أو في مشروعها المجتمعي والتقافي والتربوي. فقد كرست ما هو قائم، وتماهت مع التوجهات اليمينية في الإقتصاد، وتجاهلت المطالب الإجتماعية، ودافعت عن التوجهات الرجعية في المجتمع والثقافة والتعليم.
مقابل ذلك، فإنها تعتبر أن مرجعيتها الدعوية كافية لهزم كل التيارات الأخرى، رغم اجتهادات هذه التيارات المتميزة في التنمية والإقتصاد والمجتمع والثقافة والتربية، فما يهم الأحزاب ذات المرجعية الدينية، هو الخزان الإنتخابي الذي تستمده من هذه المرجعية. لذلك فإن المؤتمر الأخير لهذا الحزب، لا يؤشر على أي تغيير في هذا التوجه، رغم أنه تجاوز بعض الصعوبات الداخلية.