أخنوش: نهاية أسطورة صنعت من علاقة المال بالسلطة و أحرقت ببنزين “إفريقيا”
سياسي: الرباط
تعيش المجتمعات التي تطمح للبناء الديمقراطي تغيرات تمس الحياة المجتمعية والثقافية وتواكبها التحولات التقنية والعلمية والعميلة وهذا حال المجتمعات التي تعيش تحولات تمس بنياتها المتغيرة بتغير الزمن والتاريخ والمحيط الدولي.
وان كان المغرب يعيش تحولات عميقة منذ تولي الملك الشاب محمد السادس الحكم، وإعطاءه دينامية قوية في زعزعة “البراديغم” في الحياة السياسية والسلطوية والحقوقية والتنموية والمجتمعية لمواكبة المشروع الديمقراطي الحداثي”، لم تكن الطريق سهلة لانتقال من مرحلة تاريخية حملت صورة ماضوية لفترة حكم اتسمت بالجدل والصراع بين القوى الديمقراطية والبنيات التقليدية، الا ان حكمة الملك الشاب واكبت التناوب الجديد لدولة حديثة اعطت مفهوم جديد للسلطة والحكم والتنمية والمواطن وحماية حقوق الانسان.
في حين ظلت احزاب وطنية ونخب تعيش الصراع الداخلي ساهم في تقزيم عملها وتراجع مردودها وتنغمس في “ريع” المؤسسات، ليتم خلق حزب “الأصالة والمعاصرة” الذي وضع خارطة طريق الوصول الى الحكومة ما بعد “الربيع العربي” الذي انتج حكومة اسلاموية ساهمت في تأزيم الوضع السياسي والاقتصادي وتراجع المستوى الثقافي والفكري والمجتمعي.
وان كان مشروع البام قد فشل، فاليوم، نعيش “كوبي كولي” لحزب اداري التاريخ والمحتوى وان حمل بين طياته المصالح والجمع بين المال والثروات والريع والخطاب التقليدي المتجاوز لشباب الالفية الثالثة التي لم تعد تطيق خطاب الوصايا والهروب الى الامام ولو ب” شعار” اغراس أغراس
المجتمع المغرب بتحولاته السوسيواجتماعية اصبح يعاقب التوجهات المفروضة عليه، وخاصة تنقلات المصالح من شخص الى اخر والترحال السياسي بحثا عن براغماتية الكرسي وقضاء مصالح نفعية بصفقات موضوعة تحت الطلب.
ما يعيشه حزب الملياردير اخنوش اليوم يضعنا امام اشكاليات عميقة تستفز المكون السياسي وتضع الفاعل السياسي امام محرقة المواطن الذي تجاوز الاحزاب وأصبح يعبر عن مواقفه في مواقع التواصل الاجتماعي التي اعتبرها اخنوش ” لعب دراري” وقال عنها بوسعيد” المداويخ”، وهذا ما يبين غياب الحس التواصلي وكاريزمية رجل السياسية في اطفاء الازمات وإخماد حريق المطالب الاجتماعية.
اخنوش الذي نزل بمظلة على حزب الحمامة وطرد مزوار الذي يبحث هو الاخر اليوم عن منصب يعيده الى المشهد عن طريق الباطرونا ونحن لم نعرف اي عمل مقاولاتي يقوده، فان اخنوش بعدما فشل اسقاط بنكيران ينطبق عليه قول”سوف تحتاج الكثير لكي تصبح قائداً..” وهو اليوم خسر كل ما بناه من أوهام ومن تحركات هنا وهناك، بدون استراتيجية واضحة وكأنه يجمع المواطنين من اجل ” الحلقة” في زمن المواطن الحر والمسؤول والفاهم لما يجري.
اخنوش جمع الثروة وأظهرت حملة المقاطعة اليوم خصوصا لشركة “إفريقيا جدلية المال والسلطة، فاخنوش لم يقدم لهذا البلد من مشاريع اجتماعية تطوعية تذر النفع على الوطن والعباد..بخلاف استثماراته المتعددة التي اصبحت عابرة للقارات، وهو ما ينطبق عليه قول اندري مالرو” لتولي القيادة يجب أن تخدم أولاً” .
يعيش اخنوش اليوم تراجع بورصته السياسية وبنزين إفريقيته وفشل في التموقع لخلافة العثماني في الانتخابات القادمة، وهو الذي سبق لسناه في اعلان نتائجها لصالحه ليقصفه بنكيران” شكون الشوافة التي قالتها لك”؟
فماذا لو رجع بنيكران؟ او انشق حزبه وكون حزبا جديدا؟ وهو الذي لديه اتباع يناور بهم في اللحظات المناسبة، وليسوا رحل كما نشاهده اليوم بين الاحزاب الإدارية وكما وقع في الانتخابات السابقة مع حزب الياس العماري الذي انتهى اليوم بعدما كان محركهم في الكواليس..
ألم يفهم اخنوش ان ” القائد الحقيقي يمتلك اولا ثقته بنفسه تجعله يقف وحيداً بوجه المصاعب، ويمتلك شجاعة تجعله يتخذ قرارات صارمة..” اليوم سكت اخنوش وتراجع الى حجره، ولم يدافع عنه حتى اصدقاءه من حزبه ووزراءه ولا حتى من دافع عنهم بالأمس لدخول الحكومة ضدا على بنكيران..سكت الاصدقاء والرفاق، واحترق قلب اخنوش ببنزين يقاطعه المغاربة مع ماء سيدي علي لسيدة ربحت بسكوتها وتغادر الباطرونا” بصورة سوداوية المشهد لمياه لم تعد تغري الشعب التواق لمعرفة “ثروته” الطبيعية وليس “ثروة” بنصالح، ولا حليب “خون اصحابه المقاطعين، فكل المنتوجات فاسدة ما دامت لم تخدم مصالح المواطن المستهلك الذي اصبح مجرد لغة ارقام لشركات تتحكم في الفاعل السياسي الذي يناضل من اجل مراكمة الثروة ورصيده البنكي والعقاري وليس النضال من اجل الدفاع عن الطبقات الفقيرة والمسحوقة والمتوسطة، وهذا حال مشاريع المغرب الاخضر التي فشل اخنوش في ايصالها للفلاح الصغير الذي ما زال ينتظر عطف السماء عليه للخروج من أزماته