خارج الحدود : هل يعود الاشتراكيون الإسبان إلى الحكم ؟؟
جواد شفيق
انطلقت صباح اليوم بالبرلمان الإسباني مناقشة ملتمس الرقابة الذي قدمه نواب الحزب الاشتراكي الإسباني .
يقضي النظام الداخلي للبرلمان الإسباني بأن تأخذ الكلمة الفرق و المجموعات من الأقل عددا إلى الاكثر (عكس ما عندنا) ، و قد أبرزت مناقشات اليوم ، كما ما سبقها من نقاشات و تفاعلات على إثر التقديم المفاجئ للحزب الاشتراكي الإسباني لملتمس حجب الثقة عن حكومة اليميني ماريانو راخوي، أبرزت مناقشات اليوم بأن مبادرة الحزب الإشتراكي الإسباني قد لقيت الاستحسان و جمعت حولها أغلبية سياسية جديدة.
فبإعلان أحزاب و نواب “بوديموس” و الحزب الديمقراطي الكطلاني Pdk و اليسار الجمهوري و الحزب الوطني الباسكي (جناح سياسي للانفصاليين الباسك سابقا إيتا) اصطفافهم إلى جانب الحزب الاشتراكي الإسباني في ملتمس رقابته و عزمهم التصويت عليه بالإيجاب، يكون الملتمس قد حاز _مبدئيا_ على أكثر من 176 صوتا المطلوبة دستوريا لإجازة ملتمس الرقابة و إسقاط الحكومة.
إلى عهد قريب ، لم يكن في حسبان أحد أن يقع هذا التحول الجذري في المشهد السياسي الإسباني، و لم يتصور أحد أن يقدم الاشتراكيون الإسبان على خطوة كانت ستبدو قفزا في الهواء بالنظر لوضعهم منذ مدة.
و لكن ، و حيث أن السياسة هي أيضا فرصة (الفرصة هنا ليست بمعنى الهمزة كما قد يفهمها البعض !!) ، فقد التقط القادة الاشتركيون الإسبان في لمح بصر و بذكاء كبير انتهاء مسلسل قضائي طويل ،عرف إسبانيا بقضية Gurtel، و هي قضية فساد مرتبطة بمالية و تمويل الحزب الشعبي، الذي كان يخفي وجود صندوق أسود Casa negra يغذيه و يعبئه رجال أعمال و مستثمرون بعمولات /رشاوى مقابل حيازة صفقات يشرف عليها الساسة المنتمون لذات الحزب.
فقد قضت المحكمة الوطنية الإسبانية بإدانة قادة و مسؤولين في الحزب الشعبي الإسباني و وصلت الأحكام بالسجن إلى أكثر من خمسين سنة في حق شخص واحد (نعم شخص واحد ) ، و حكم على أمين مال الحزب الشعبي ب 33 سنة ،و أدين يمينيون كثر . و أكثر من ذلك أن المحكمة الوطنية الإسبانية لم تكتف بإدانة الأشخاص فقط، بل لقد حملت المسؤولية المدنية للحزب الشعبي و أدانته كحزب، و هي سابقة قي تاريخ القضاء الإسباني ، تنضاف إلى سابقة مثول رئيس الحكومة الإسبانية أمام المحكمة و إدلائه بشهادته التي اعتبرتها المحكمة كاذبة.
فرصة من ذهب، التقطها سياسيون نبهاء، و حولوا الرتابة إلى دينامية متسارعة بلغت من النضج درجة إعلان تشكل أغلبية سياسية جديدة ملتفة حول الحزب الاشتراكي الإسباني و زعيمه Pedro Sanchez الذي بعد التصويت على ملتمس الرقابة ينتظر أن يصبح قائدا جديدا للحكومة الإسبانية.
يقال بأن السياسة هي أيضا مفاوضة دائمة Négociation permanente,ضمن هذا الفهم يجب فهم التحالف الجديد المشكل للأغلبية السياسية الجديدة في جارتنا الشمالية.إذ بالعودة إلى زمن قريب ،أيام “البلوكاج” الإسباني سنجد بأنه كان من سابع المستحيلات أن تلتف كل أطياف اليسار حول الإشتراكي الإسباني Psoe، و لكن قدرة القاطرة على البحث عن مسالك( حديث عن وعد بالمفاوضة مع الكطلان الانفصاليين ، حسن استثمار الحساسية المفرطة اتجاه قضايا الفساد ..) جعل المستحيل ممكنا ، و الحد الأدنى ثابتا من ثوابت التجميع.
هل يخفض اليمين الإسباني يديه و ينحني للعاصفة ؟
هل يلجأ رئيس الحكومة ماريانو راخوي للاستقالة من أجل تعطيل التصويت على ملتمس الرقابة ؟ ( هذا الحق يعطيه إياه الدستور الإسباني ).
و هل إذا فعلها يضمن عودة حزبه بعد أن تلطخت صورته و ذمته ؟
و إذا فعلها أليس في ذلك إقرار بالأفعال موضوع قضية Gurtel ؟
فيما يتداول الحزب الشعبي في مخرج ،، يتداول أصدقاؤنا الاشتراكيون في مدخل .
مدخل لا نعتقده إلا نافعا و مفيدا Bénéfique, لحزبنا و بلدنا .
Felicitaciones amigos.
جواد شفيق فاس 31 ماي 2018.