المجلس الوطني للصحافة: ولادة مشوهة وخروقات بالجملة بمباركة الوزير الأعرج
لماذا أصدرت النقابة الوطنية للصحافة بلاغا ناريا ضد مدير وكالة المغرب العربي للأنباء ، رغم أن لا ذب له سوى أن عددا من الصحافيين العاملين بالمؤسسة قرروا التقدم بطعن أمام المحكمة الإدارية بالرباط، ضد ما ارتأوا أنه مخالف للقانون و دستور المملكة؟
ولماذا لم يصدر هذا البلاغ باسم اللائحة التي تضم مرشحي نقابتين ( نقابة الصحافة ونقابة الاتحاد المغربي للشغل) ؟
ولهذا سكتت النقابة عن الطريقة التي تم بها الإعداد لهذه الانتخابات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا: أن السلطة الحكومية في شخص وزير الثقافة الاتصال لم تصدر أن مرسوم، يحدد كيفية تنظيم انتخابات المجلس الوطني للصحافة، بل أصدر قرارا يعين بمقتضاه أسماء لجنة الإشراف على الانتخابات، والتي تضم ضمن أعضائها مرشحا في لائحة النقابة، ومهما قيل عن تعويضه بعضو آخر غير مرشح، فإن هذه الحيلة لن تنطلي على أي أحد، لأن قرارا وزاريا لا يمكن أن يعوضه إلا قرار وزير جديد يتضمن أعضاء اللجنة، وليس التعويض “حسي مسي”، وعلى الوزير أن يتحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية في هذا الجانب.
ثانيا: أن لجنة الإشراف لا تمتلك سلطة تعويض السلطة الحكومية، ومع ذلك تكلفت بإصدار قرار ( قرار 1/18) يحدد كيفيات وسير مراحل تنظيم هذه الانتخابات، من دون أن تمتلك صلاحية تعويض الوزير في إصدار المراسيم والقرارات و المذكرات.
فلماذا تخلت السلطة الحكومة عن مهامها لفائدة اللجنة؟
وبأي حق سمحت لجنة الإشراف لنفسها بتحديد كيفية إجرء هذه الانتخابات رغم أنها طرف في هذه العملية؟
و لقد وضع القانون المنظم للمجلس الوطني للصحافة، جملة، من الشروط التي تخالف مبادئ الديمقراطية و الدستور منها :
أ: اشتراط 15 سنة من الأقدمية لترشح لعضوية المجلس بالنسبة للصحافيين، وهو شرط لم يتم التنصيص عليه بالنسبة للناشرين.
ب: حرمان الصحافيين المغاربة في الخارج، العاملين بالخارج، والحاملين لبطاقة الصحافة الصادرة عن وزارة الثقافة والاتصال من الحق في التصويت، ويتعلق الأمر هنا بصحافيي وكالة المغرب العربي للأنباء.
ج: إقصاء الصحافيين المغاربة المعتمدين ( مراسلو القنوات والصحف و الوكالات الأجنبية) من الحق في التصويت.
د: اعتماد بطاقة الصحافة لسنة 2017 كأساس للتصويت، و ليس بطاقة 2018، مما نتج عنه حرمان فئة كبيرة من الصحافيين من التصويت.
هـ: وضع أسماء ناشرين، يتوفرون على وصل الإيداع القانوني من النيابة العامة، في خانة صحفيين، رغم أن القضاء منحهم هذه الصفة، بمبرر أن مؤسساتهم لا تتوفر على رقم اللجنة الثنائية للدعم، علما أنه تم وضع أسماء ناشرين ضمن قائمة الصحافيين رغم أنهم ناشرون، بقوة قانون المجلس الوطني للصحافة، وهو ما يفضح التناقض الذي وقعت فيه اللجنة.
ثالثا: السماح لعضو في لجنة الإشراف على هذه الانتخابات، بالترشح لهذه الانتخابات، بالرغم من أن وضعه لا يسمح له أخلاقيا بذلك، و علما أنه مطلع على “أسرار” هذه اللجنة، وقد يستعملها لصالحه وضد منافسيه.
رابعا: اعتماد لائحة مغلقة بالنسبة للصحافيين على أساس أن تفوز اللائحة التي تحتل الصف الأول بكل المقاعد، علما هذا النوع من الاقتراع يقتضي اعتماد مبدأ اللائحة التي فازت بأكثر من 50 في المائة، ونظام الدورين في حالة ما لم تحقق أية لائحة لهذه النسبة، والسؤال هو لماذا لم يتم اعتماد قاعدة النسبة في توزيع المقاعد؟
قد يقول قائل إن اعتماد اللائحة المغلقة يروم أساسا ضمان تمثيلية هو الفئات المهنية ( السمعي البصري / المكتوبة والالكترونية/ الوكالة)… هذا كلام صحيح، لكن من الأجدر لضمان هذه التمثلية أن تترشح كل فئة في لائحة خاصة بها، حسب المقاعد، التي خصصها لها القانون، على أن يصوت الصحافيون على المرشحين في كل الفئات.
هذه جملة من الخروقات التي عرفها الإعداد لانتخابات المجلس الوطني للصحافة، الذي تم الإعداد له بعيدا عن أعين الصحافيين، وتحت إشراف مباشر من النقابة، التي عبدت لنفسها كل السبل للإستيلاء على هذه المؤسسة، و التي يتضح اليوم أنها كانت بعيدة عن الأخلاق و عن القانون وعن دستور المملكة.
ادريس شكري