المجمع الشريف للفوسفاط: يساهم في الأضرار البيئية، ضعف العتاد، وقف متكرر في إنجاز المشاريع المنجمية
توقف تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول المقاولات العمومية، لسنة 2016/2017، وكما أشار
إلى ذلك عرض الرئيس الاول للمجلس ادريس جطو ، السنة الماضية ، فقد تم إنجاز مهمة رقابية انصبت حول تدبير النشاط المعدني من طرف المجمع الشريف للفوسفاط.
ومن المعلوم يقول التقرير الذي اطلعت عليه ” سياسي” أن المجمع الشريف للفوسفاط يعتبر أول مقاولة مغربية ذات بعد وطني ودولي، كما يعد أول مصدر للفوسفاط ومشتقاته على الصعيد العالمي.
وقد حقق خلال سنة 2017 رقم معاملات إجمالي ناهز 54 مليار درهم .
كما ساهم خلال نفسالسنة بنسبة 17 % من صادرات المغرب و 18 % من احتياطي العملة الصعبة.
وقد جاءت هذه النتائج كحصيلة لتطور ملحوظ تم تسجيله خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث تمكنت الشركة من تعزيز مكانتها كرائد دولي في إنتاج المواد الفوسفاطية، إذ تضاعفت حصتها من الأسمدة في السوق الدولية لتنتقل من 11 %
إلى 22 % .
كما تجدر الإشارة إلى أن الشركة تهدف إلى مضاعفة طاقتها لاستخراج الفوسفاط ورفع إنتاجها من الأسمدة إلى ثلاثة أضعاف في أفق سنة 2025 .
ويعد أنبوب النقل الذي تم الشروع في العمل به سنة 2014 من مواقع الاستخراج بخريبكة إلى مواقع التصدير والمعالجة الكيماوية بالجرف الأصفر على مسافة 187 كلم من أهم المشاريع التي تم إنجازها مؤخرا من طرف الشركة. كما يعد نقلة
تكنولوجية نوعية لما يتيحه من رفع للطاقة الإنتاجية وتقليص لكلفة الإنتاج.
وتعتزم الشركة إنجاز مشروع مماثل على مسافة 142 كلم بين الموقع المنجمي الكنتور )مناجم ابن جرير واليوسفية( ومحطات المعالجة الكيماوية بآسفي ليتم الشروع في استخدامه في أفق سنة 2025 .
ولتحقيق هذه الأهداف والمشاريع استثمرت الشركة خلال الفترة ما بين 2008 و 2016 ما مجموعه 76 مليار درهم، مساهمة بذلك بصفة مباشرة في توفير فرص الشغل وتنمية النسيج الصناعي الوطني.
كما عززت تواجدها على الصعيد الدولي حيث أصبحت لها تمثيليات بأشكال مختلفة في 81 دولة. بالإضافة إلى ذلك تعتزم
الشركة استثمار حوالي 100 مليار درهم خلال الفترة من 2019 إلى 2027 .
ولقد تناولت مهمة المراقبة التي قام بها المجلس الأعلى للحسابات أساسا الأنشطة المرتبطة باستخراج الفوسفاط ومعالجته عن طريق الغسل والتعويم وكذا نقله عبر القطار أو الأنبوب من مواقع الاستخراج إلى الوحدات الكيماوية لتثمينه أو لأجل لتصدير.
وقد ركز المجلس في هذا الإطار على تقييم مدى نجاعة الطرق والوسائل والمعدات المستعملة في سلسلة الإنتاج ومدى احترامها للبيئة.
وقد خلصت هذه المهمة، التي تم تبليغ التقرير المتعلق بها للشركة قصد اتخاذ التدابير اللازمة بخصوص توصيات المجلس، إلى أهم الاستنتاجات التالية:
▪ فبخصوص التخطيط المتوسط والبعيد المدى للأنشطة المنجمية، الذي يعد ضروريا لاستشراف مواقع الإنتاج والمناجم التابعة لها بغية تحديد تلك التي ستعوض المواقع الحالية عند نفاذ مخزونها وذلك بهدف المحافظة على مستوى الإنتاج
والمردودية، خلصت المراقبة إلى ملاحظتين أساسيتين هما
مما يؤدي إلى توقف متكرر في إنجاز بعض المشاريع المنجمية مع الانعكاسات السلبية على مستوى تنفيذ برامج الإنتاج.
– نقص في تأطير وتوثيق مسلسل اقتناء الوعاء العقاري اللازم لتطور الأنشطة المنجمية ويرجع ذلك غالبا الى العوائق التنظيمية المرتبطة بتحويل الصفة القانونية للمكتب من مؤسسة عمومية إلى شركة مساهمة سنة 2008 مما يستدعي وضع أنظمة ملائمة ومعتمدة لتتبع برامج توسعة المناجم وبرمجة فتح مناجم جديدة بالإضافة إلى اقتناء العقار اللازم.
▪ أما بخصوص برمجة الإنتاج على المدى القصير، فقد سجل المجلس أن إعداد مشروع استغلال المناجم الذي يعتبر وثيقة أساسية من أجل ضمان برمجة ملائمة لهذه الأنشطة لا يخضع لإطار مرجعي موحد وموثق .
ونتيجة لذلك، فإن برمجة الإنتاج في المناجم المختلفة، تعتمد على وسائل وطرق ومعايير غير موحدة مما
يؤثر على جودة المعطيات التقنية والاحصائية المستعملة ويحد من ملاءمتها للأهداف المسطرة لها مما قد يكون سببا في فوارق مهمة بين التوقعات والإنجازات .
لذلك، أوصى المجلس بتطوير مسلسل برمجة الإنتاج على المدى القصير عبر وضع مساطر موحدة تهم جل الأنشطة المتعلقة بهذه البرمجة خصوصا اليقظة التقنية والتكنولوجية التي تمكن من تطوير ومواكبة طرق الاستخراج بالإضافة إلى تحسين توقعات المبيعات.
▪ وبخصوص معالجة الفوسفاط، التي تهم أساسا غسل الفوسفاط الخام وتعويمه لأجل رفع جودته، فقد قام المجمع منذ سنة 2008 بالرفع من طاقته الإنتاجية بالمغاسل من 10 مليون طن إلى 34 مليون طن سنة 2017 ، مما مكنه من استغلال 24 الطبقات الفوسفاطية ذات الجودة الضعيفة.
وقد سجل المجلس بهذا الشأن أن عدم التحكم اللازم في المخزونات من الفوسفاط يجعل المغاسل تشتغل في كثير من
الأحيان بوتيرة عالية (flux tendu) مع ما ينجم عن ذلك من اضطرابات في برامج الإنتاج.
وعليه، أوصى المجلس بتحسين استغلال المغاسل عبر وضع مسلسل معتمد لتدبير مخزونات الفوسفاط ودراسة المشاكل التي تعترض اشتغال المغاسل من أجل تحديد الحلول المناسبة لها.
▪ وفيما يخص استعمال وصيانة معدات استخراج الفوسفاط ومعالجته، فبالرغم من الأهمية القصوى التي يحظى بها العتاد في أنشطة استخراج الفوسفاط، فان تدبيره يشوبه بعض القصور.
ويتجلى ذلك أساسا في عدم توضيح وتوثيق كل المعطيات المعتمدة في الدراسات لاحتساب عدد الآليات اللازمة في استغلال المناجم، وغياب سياسة واضحة تخص إعادة ترتيب حظيرة العتاد وتجديدها.
وتتوقع الشركة تجاوز هذه الصعوبات من خلال مشروع نظام معلوماتي مهم يهدف إلى الاستغلال الأمثل لمختلف الآليات والذي يوجد حاليا في طور التجريب.
أما صيانة المعدات، التي تعد من الركائز الاستراتيجية لضمان جودة نشاط الاستخراج، فقد تم تسجيل الملاحظات التالية بشأنها:
– التأخر في اعتماد سياسة لصيانة المعدات والتجهيزات المستعملة في استخراج ومعالجة الفوسفاط؛
– نقص في استعمال الصيانة الاستباقية وعدم إنجاز أشغال الصيانة المبرمجة بشكل كاف مما يؤثر سلبا على نجاعة أنشطة الاستخراج والمعالجة؛
– عدم توفر الموارد البشرية المشتغلة بأغلبية الوحدات على التخصصات والمهارات الكافية لتكون أشغال الصيانة بالشكل المطلوب؛
– التأثير السلبي لعدم تجانس حظيرة المعدات على أشغال الصيانة.
لذلك، أوصى المجلس ببلورة سياسة لاقتناء وتجديد حظيرة المعدات مع السعي إلى تحسين تجانسها.
▪ أما فيما يتعلق بالآثار البيئية للنشاط المنجمي، فقد تم الوقوف على النقط الأساسية التالية:
– عدم كفاية المجهود المبذول لمعالجة الأراضي التي يتم استغلالها، حيث لاحظ المجلس وجود مساحات كبيرة لم تتم إعادة تأهيلها رغم التطور الإيجابي المسجل في هذا الإطار خلال السنوات الأخيرة ضمن “برنامج التميز البيئي”
الذي أطلقه المجمع منذ سنة 2013 .
– استمرار مشكل تدبير الأوحال الناتجة عن غسل وتعويم الفوسفاط، حيث تم تسجيل توسع مستمر للأحواض المستعملة لتخزينها، مع ما ينتج عن ذلك من ضياع لهذه المساحات بالإضافة إلى الأضرار البيئية التي قد تتسبب فيها.
ومن أجل تجاوز هذه الوضعية، أوصى المجلس بوضع مخطط أكثر طموحا لمعالجة المساحات المتراكمة والبحث عن حلول ناجعة تمكن من الحد من تطور أحواض تخزين الأوحال.
وسيقوم المجلس الأعلى للحسابات قريبا بنشر التقرير المتعلق بهذه المهمة مع مراعاة طبيعة المعلومات المتضمنة فيه، على غرار الممارسات السائدة على الصعيد الدولي و المعتمدة لدى الهيئات العليا للرقابة، علما أن الشركة تشتغل في مجال تنافسي يفرض تحصين المعلومات حول قدراتها الإنتاجية، وكذا حول مناهج وطرق الصنع المستعملة في سلسلة الانتاج.
ويعتزم المجلس لاحقا مواصلة أشغاله الرقابية على مستوى المجمع الشريف للفوسفاط حيث برمج مهمات أخرى ستنكب على الجانب الصناعي، وكذا مجالات التوزيع والتصدير والشراكات ذات الطبيعة التجارية.