عادل الزبيري يكتب: شاي مغربي على أنغام موسيقى بلاد الأندلس
شاي مغربي على أنغام موسيقى بلاد الأندلس
أصيلة عادل الزبيري
هنا في مدينة أصيلة في شمال المغرب على المحيط الأطلسي
انخفضت درجة الحرارة مناخيا في أول شهر نونبر، ارتفع إيقاع عزف آلات موسيقية لجوقة من عشاق طرب الآلة
يفاجئك جمهور عاشق، يردد اللوازم والقوافي، ويدندن بكلمات عربية فصيحة، ويرتشف من كؤوس طويلة شايا مغربيا
يتوجع قلب الحبيب العاشق، ناظم القصيدة، يتعاطف الكمان فيصدر حنينا، فيما تنتاب الطفلة نبضات قلب، وترتفع جملة: “بالحب أخذا”
في مقهى الأزرق = الزريرق في البلدة الأطلسية أصيلة، هذا الوصف يعجبني، يتجمع رهط من قوم من مدن شمال المغرب، هكذا يقول محدثي بجانبي والموسيقى تتسري بهدوء إلى روحي
طرب الآلة صر له محبا كبيرا، بالرغم مني، اكتشاف الجمال ولو متاخرا، دائما فيه خير
يأتون من طنجة والعرائش وأصيلة، يعزفون ويغنون، في سهرة السبت المجانية، تحت سقيفةمن قصدير فضي اللون، يتكؤون على جدران نيلية الزرقة
يستنشقون لفافات من حب طرب الآلة، فيما كؤوس الشاي الأخضر المنعنع لا تفرغ إلا لتمتلأ من جديد
من لا يمتلك آلة موسيقية، يحضر معه عشقه وولعه، يردد الجكل الغنائية ويتمايل في كل الاتجاهات طربا
يستل فجأة صديقي الحاتمي، ابن القصر الكبير، كتابا لطرب الآلة، سقلي الصفحات بحثا عن القصيدة الجاري عزفها وغناءها
ترتفع سحب صغيرة من عشق اللفافات الخضراء، ينتعش الجو في المكان، وتكتر حروف النداء، وتطلق الحناجر عبارات كتبها الناظم في عشق البدر
يجلس بائع السمك، والفنان التشكيلي، وبقريهم الجامعي، ولا يغيب عنهم أيضا شباب ربما عاطل عن العمل ولكنه عاشق بالوصل لزمن العشق في أندلس
ينفذ عازف الكمان جرة النجار فينطلق قلبي فرحا، لأن القوم هنا يحفرون عند أقدام الصور البرتغالي في أصيلة، ذكريات جماعية لعشاق جمعهم الفن الجميل
وصل إلى قاعة عرش المعتمد بن عباد في غرناطة أن رهطا من بلاد الأمازيغ في شمال إفريقيا، يرددون أغاني لا تنشد إلا في حضرته، واستمع لصدره الأعظم/ وزيره الأكبر، يخبره أن رأيه يقضي بإرسال فرقة من عسكر لاعتقالهم
نهر المعتمد وزيره، وأملى على كاتب ديوانه ما يلي:
“من المعتمد بن عباد حاكم قرطبة إلى قوم مدينة زيليس قي المغرب الأقصى
سلام مخضب بكل روائح الأزهار
وسلام تحمله لكم أطول الأنهار
وبعد
وصلنا خبر أثلج قلبنا، أنكم تجتمعون ليلة كل يوم سبت، في مشرب شايكم، عند السيد الأزرق، بقرب المحيط الأطلسي
وفي جمعكم المبارك، ترددون أشهى قصائدنا في الأندلس، معزوفة على أشهر آلات الموسيقى من عود وطبلة
لعمري إنني لسعيد جدا بما تفعلون، لأن غنائكم يغنينا، ويشعرنا بفخر أننا قدمنا للبشرية جمالا خالدا، وفنا تجاوز الحدود
أيها المغاربة قي مشرب شايكم في أصيلة، لا توقفوا الغناء ومع رسلونا لكم، دعوتنا لكم، أن قصرنا لكم مفتوح لتزورونا متى شئتم، لتحلوا علينا ضيوفا كراما، قراكم عندنا، تبقون عندنا ما شئتم، تأكلون وتشربون وتغنون وتطربون
وسلام من قرطبة على عشاق الموسيقى الأندلسية في بلاد المغرب الأقصى”