عندما يخطئ الوزير في حق الوطن
ذ.عزيز رويبح
محام بهيئة الرباط
يبدو ان تكريس حقوق الانسان و القواعد الاساسية للمحاكمة العادلة في هذ البلد تحتاج الى نضال مرير ضد كل القوى التي تجر الى الخلف و التي لن نسكت عليها ابدا ….
كلام واضح صريح يصدح رفضا و نقدا بمناسبة التعليق على اجتهاد قضائي و صف غضبا و اختصارا واختزالا بالاخرق الموجب للمسئولية القانونية و المهدد للامن القضائي في حالة احياء جرائم بتكييف وقائعها تكييفا جديدا و اثارة المتابعة في شأنها بعد صدور احكام قضائية نهائية بالبراءة منها او بالادانة على ارتكابها هذا الموقف ليس صادر عن رادكالي حقوقي مبدئي مرهف الحس تجاه حقوق الانسان وشروط المحاكمة العادلة و يوجد في موقع مقابل للدولة و مؤسساتها وسلطاتها بل هو موقف صادر عن وزير دولة مكلف بحقوق الانسان و قبله كان وزيرا للعدل و الحريات و معه و به هو عضو قيادي في حزب سياسي يرأس امينه العام حكومة البلد و يسعد في كل المناسبات ان يذكر الغافلين و المتناسين انه من ساهم في تنزيل الدستور و مهد و نجح في التقعيد لاستقلال السلطة القضائئة و استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل و ان الميثاق الوطني لاصلاح منظومة العدالة يشكل مرجعا تاريخيا في تعميق و تجذير اصلاح شامل و عميق للمنظومة القضائية ……!!
في الحقيقة ان هواجس السيد وزير حقوق الانسان الاستاذ الرميد المثارة في سياق مساندته لرفيق دربه و حزبه هي نفس هواجس و خواطر و موافق كل غيور على دولة الحق و القانون و على حقوق الانسان كاملة غير مجزءة و على المحاكمة العادلة بغض النظر عمن يحاكم و عن استقلال القضاء و حتى وان كان لهذا الاستقلال احيانا نيران و شظايا قذائف تخرج من زوايا ماردة تخرج عن الرقابة و تنفلث من مربع السلطة القضائية الحقة و ما ترمز اليه في الدول المتحضرة من اخلاق و نزاهة و قوة و نظافة يد و مواطنة لا تقبل المقايضة…
تماماهي نفس الهواجس التي تجعل افق تحقيق و تكريس حقوق الانسان مفتوحا دوما و ابدا و على انه ورش شاق و كشاف للحقائق وفاضح للفجوات الفاصلة بين ماضي وحاضر الخطابات و حاضر الفعل و الموقف الميداني المتحكم الاتي من علياء المنصب و سعة الصلاحيات و والمحاط بتحفظات بريق الوجاهة و حلاوة المحافظة على السلطة و الامتيازات حتى اذا مس “الكي “عضوا حساسا من الاهل استشاط الرجل غضبا و انقلب مناضلا لا يشق له غب…..ار فجرد سيفه من غمده بعد ان اصابه الصدأ في نعيم السلطة و احاط به الاخوان و الاخوات و الازواج والزوجات و الوزراء و الوزيرات و بدأ في التنظير من جديد لمعنى حقوق الانسان و معنى المحاكمة العادلة وكيف يمكن مواجهة عمل قضائي يتيم حسب ما اراد ان يوحي به السيد الوزير …..
اربع ملاحظات على الاقل يمكن استقراءها من موقف السيد وزير الدولة الوحيد في حكومة العثماني :
اولا : موقفه يتضمن انحراف خطير في الممارسة السياسية و يعطي انطباع ان الحزبية تعلو على الدولة و على الروح الوطنية
ثانيا : المفروض في وزير حقوق الانسان انه يؤمن بالمساواة وانه وزير في حكومة كل المغاربة لافرق بين حامي الدين صاحب نظرية الملكية معيقة للتطور و ذوي حقوق الطالب الشهيد ايت الجيد
ثالثا:
اذا كان للسيد الوزير ايمان با ن قرار السيد قاضي التحقيق تحكمت فيه خلفية سياسية غير قادر على فضحها و مواجهتها فما عليه الا ان يقدم استقالته ليبدأ “نضاله المرير” خارج مؤسسات الدولة اما اذا كان الامر يتعلق بمجر د عمل قضائي وصف ضمنيا من طرفه باليتيم فان ردة فعل السيد الوزيز لا تخلوا في هذه الحالة من غلو سياسوي فيه كثير من الابتزاز و كثير من التشويش على السلطة القضائية و كثير من التأثير على مجريات قضية معروضة على القضاء و كثير من التحيز العشائري المتنافي و منطق الدولة الوطنية الحديثة ….
رابعا : ان تلتئم الامانة في اجتماع استثنائي للتداول في قرار متابعة قاضي التحقيق لمواطن مغربي لا يميزه عن ابناء الريف و الحسيمة و جرادة سوى انه من نفس الحزب و قيادي فيه وان دماء الضحية ليست حمراء تماما لانها ممزوجة بقناعات غير قناعات حزب الوزير ان تلتئم من اجل ذلك و تكلف نفس الوزير بمتابعة الملف معناه ان هناك تصور سياسي يتوهم ان الحزب هو الدولة و الدولة هي الحزب …
ذ.عزيز رويبح
محام بهيئة الرباط