قراءات وتأملات في الفكر المعاصر لشباب مغاربة
قراءات وتأملات في الفكر المعاصر لشباب مغاربة
نوفل بلمير نموذجا
بقلم عبدالهادي بريويك
بقراءة متأملة وغير متألمة لرواد الفكر الشبابي المعاصر الذين نهلوا من الفكر اليساري من خلال انتماءهم الاشتراكي، وساهموا في إرساء سفينته انطلاقا من إيمانهم المطلق بضرورة المشاركة السياسية النافعة، المشاركة الإيجابية في إعادة ترتيب المشهد السياسي المغربي، شباب يشربون الفكر الثقافي المبدع والإيديولوجي المتنوع والمخضرم من المناهل الأساسية والفكرية من الأدب السياسي الفرنكفوني والعربي ، شباب متشبع بروح وطنيته المنبثقة من روح الانتماء، في وطن يعيش بكل مثبطاته وآماله بعقول راشدة وقلوب حالمة نحو مجتمع متغير، مجتمع الكرامة والمساواة في ظل رؤية شبابية متجددة، لأصادف مقالا للأخ نوفل بلمير الذي طرح مساءلات وتساؤلات تاريخية حول اليسار ببلدنا المغرب، اليسار كمكون أساس في تقويم البرامج وهيكلة المسار والمناخ السياسي بين ما هو محافظ وبين ما هو وسط وبين ما هو يسار في ظل الواقع الذي يملي من كل الشباب المساهمة في العوالم السياسية من أجل الارتقاء بوضع وطن في مختلف مناحي حياته العامة.
أيها اليسار
انطلق نوفل من خلال مقاله الصادر على موقع “سياسي.كوم” بتساؤلات عميقة حول كيفية أن تكون يساريا وفي كيفية الانتماء العضوي والفكري للمدرسة الاشتراكية التاريخانية في بعدها التحليلي المادي والمعنوي ومدى القدرة على التجاوب مع يمليه الواقع في وطن تحكمه عقول محافظة..
وبإسهاب، تجلت رؤية نوفل بلمير وهو يتماهى مع واقع متردي ومتلاشي من حيث الانتماءات الحزبية الآنية منها الغير حاملة لأي مشروع مجتمعي قد يجعل من المغرب بلدا متوفقا وليس متوقفا على حسابات سياسية تتقاذفه الأمواج بين عقول محافظة تومن بالتخبط في ماض عميق بكل تواريخه السالفة ويسار أصبح يحافظ على طقوس التكريم وإحياء ذكرى الأموات الأفاضل ويكرسون منهجية الفكر التبعي ..كأن اليسار أصبح عقيما غير قادر على الإنجاب والتوالد والتكاثر..في إنجاب الفكر والإبداع وتخليق الحياة السياسية والاقتصادية كما الثقافية والفكرية القابلة لخلق منافسة حقيقية لعالم سياسي مريح لبلد أصبح راغبا في تغيير كل الثقافات المحافظة انطلاقا من شباب اليوم.
اليسار ، في ستينيات الماضي كما سبعينياته على التوالي وفي أولى ثمانينياته استطاع أن يؤسس فكرا تقدميا قادرا على رفع التحدي أمام الأوضاع السائدة آنذاك، وخلق أجيالا صارعت الحياة من أجل بقاء مجتمع متمتع بكل حقوقه الاجتماعية والاقتصادية والفكرية الثقافية والفنية والرياضية أيضا، غير مبال برصاصات الغدر الطائشة آنذاك التي أذهبت بزبدة المجتمع ونخبته اليسارية.
لكي يسترسل نوفل في مقالته النقدية حول اليسار المغربي في حلته الجديدة، ليلج عالم المحافظين والدين (الرسل، الأنبياء، الشيخ الأب ..) ويغلق القوس ليس قدفا بالديانات السماوية ولكنه رمى سهم الفكر النقدي لممارسة المنطق السياسي اليساري الذي عليه الالتزام بمنطق التحليل الواعي والمادي كما قال كارل ماركس كمحلل سياسي ق بل أن يتصدر الزعامة السياسية حينما دعا الشباب الانخراط الأبجدي في منظومة التفكير حتى يلجو عوالم تدبير أوطانهم ، غير متناسين في نفس الآن تشي كيفارا الذي أوحى لشعبه الارتقاء بالسياسة والثقافة والقراءة من أجل كرامة المواطن.
فعلا قد لا أشاطر الرأي الأخ نوفل في مقالته حينما استشهد قائلا :(الفكر اليساري لا يعبد ولا يقدس بل يساءل الواقع ويعمل على تغييره نحو ما تقتضيه إرادته في إطار فلسفة غرامشي)، بل أثمن ما قاله الفيلسوف حينما يصادف الكائنات المحسوبة سياسيا على الانتماء السياسي القابل للتفكير والتغير انطلاقا من التحليل وليس التبعية وتقديس الأشخاص يصبح الفكر السياسي قاطبة وراء سجن العقول الوصولية والانتهازية وتخليد التراتبية السياسية لمنطق القبلية والانتماء في استغفال لشبابنا الناضج .
عفوا انسجاما مع الأخ نوفل في مقالته السياسية المتخلقة والفلسفية الرامية إلى خلق نوع من المطارحة الفكرية السليمة وهي في عالم المبيض كي نرتقي ونلتقي أراه منسجما تمام الانسجام مع كتاب عنوانه” دفاتر سجن ” الذي اقتنيته من جوطيات الكتب المهملة لكنها بمثابة كنز، لغرامشي الفيلسوف الإيطالي حين قال في قصده لفلسفة البراكسيس:
النشاط القصدي وتقديم الفاعلية على الانفعال؛
الاتجاه العملي وأولياته بالقياس إلى النظرية والاستدلال النظري؛
الموضوعية والخارجية وما تتميزان به من التعين بخلاف الذاتية والباطنية؛
العمل ورصانته بخلاف اللعب وخفته والضحك ومجانيته .
نافالة القول على اليسار من حيث تواجد وعقلنة دواليبه السياسية وتجديد نخبه الفكرية الناضجة الغير القابلة للتقوقع الحلزوني في دوائر الصمت المميتة، وترك الشباب المستنهضين للهمم حناجرهم مبحوحة.
فعلا نوفل بلمير أيقظ من خلال مقالته الصامتة قلوبا وعقولا تعشق استنهاض الهمم حينما قال:
من هنا يبدو أن عودة من يسموا أنفسهم ” يساريون للماضي للاستنجاد به لا يختلف كثيراً عما يقوم به دعاة المحافظة و التقليد، و هذا يدل عن عجز فكري كبير لا يسمح بصناعة مشروع مستقبلي عقلاني و عملي”
شكرا أيها اليسار