المحامي إسحاق شارية مدافعا عن الشعب المغربي.. يكتب:محاكمة لإنتخابات 4 شتنبر
خص المحامي والناشط الحقوقي إسحاق شارية موقع”سياسي” بمقالة عن الانتخابات 4 شتنبر بعنوان: محاكمة لانتخابات 4شتنبر
سيدي رئيس المحكمة المحترم:
يشرفني أن أقف بين يديكم اليوم للدفاع عن الشعب المغربي وعن كل الضحايا المشاركين في انتخابات 4 شتنبر، في مواجهة المتهمين من الأحزاب السياسية وزعمائها.
سيدي رئيس المحكمة المحترم:
بعين ملؤها الأسى والأسف تابع الشعب المغربي أجواء الحملة الإنتخابية، حيث طغيان المال الحرام، واستغلال الأطفال والمعطلين والضعفاء وذوي السوابق في توزيع منشورات المرشحين التي لا يقرؤها ولا يصدقها أحد، وباستغراب شديد كان ينصت لإتهامات رئيس الحكومة وزعيم حزب الإستقلال بأن حزب الأصالة والمعاصرة يستغل عائدات أموال المخدرات، ويبتز تجارها لدعم حملته الإنتخابية، أو الزج بهم في السجون.
سيدي رئيس المحكمة المحترم:
لم يسبق لي في حياتي أن سمعت عن فضيحة سياسية تمس سمعة دولة وأمة، وتاريخ شعب، أكبر من فضيحة أن ديمقراطية ومؤسسات قائمة على أموال المخدرات، إن صحت اتهامات أولائك المسؤولين، كما لم يسبق لي أن عايشت حملة انتخابية حيث الأساس لمناقشة البرامج والمشاريع، تتحول إلى اتهامات من هذا النوع، ويبقى الضحية هو الشعب المغربي والنموذج الديمقراطي المغربي الذي يتكسر في كل مرة على حائط زعماء الورق والصراخ والعويل، والمشاجرات وتبادل أرقى أنواع السب والشتم.
سيدي رئيس المحكمة المحترم:
عند اطلاعكم على برامج الأحزاب السياسية سوف تلاحظون أنها كانت مدبجة بخرافات وروايات لاتستند لأي أساس علمي أو واقعي، فهناك من يعد بتحويل مدينة إلى جنة غناء، وهناك من يعد المعطلين بالشغل برواتب خيالية، وهناك من يعد الأرامل والعوانس بأزواج حسان أشداء، وهناك من يعد بجنة الخلد في الآخرة والحور العين، لا شيئ سوى الخيال والأحلام والروايات والحكايات، لايصدقها حتى الأطفال، لكن تلك الأحزاب السياسية مستمرة على هذا النهج الممعن في استغباء المواطن، لأنها تعتقد خطأ أن الحملة الإنتخابية لا ترتكز على البرامج بقدر ما تعتمد على ورقة مائتين درهم تمنح لمضطر أو فقير يوم الإقتراع مقابل صوته.
سيدي رئيس المحكمة المحترم:
بعد أيام الحملة الإنتخابية التي لم يجني منها الشعب المغربي المجيد سوى أزبال الأوراق المرمية في الشوارع والأزقة، وسماعه لكافة أشكال الإتهامات والسباب، جاء دوره ليقول كلمته في صندوق الإقتراع، فتخمض الجبل ليخرج شعب له من الوعي والذكاء والفهم ما يفوق بسنوات عقل الزعماء السياسيين، وعاقبوا كل مسيئ للديمقراطية وللمشهد الحزبي المغربي، فكانت النتيجة الفشل الذريع لكافة الأحزاب الصغري التي تحولت إلى دكاكين لا تفتح إلا أيام الإنتخابات، حيث غيبها تماما وأبادها عن بكرة أبيها، وهي الآن مطالبة إن كان لمسؤوليها ذرة من ضمير لحل تلك الأحزاب أو التكتل في حزب واحد يحترم إرادة الشعب المغربي.
وكانت النتيجة كذلك عقابا لكافة الأحزاب الإدارية دون استثناء وكل الأحزاب التي تدور في فلكها وتأتمر بأوامرها، وانهارت الزعامات الورقية وتلك الوجوه التي سئم الشعب من أكاذيبها وأصواتها المزعجة.
وكم كانت قلوب المغاربة مليئة بالسعادة والفرح والتشفي وهم يرون وجوه أحزاب الأصالة والمعاصرة والإتحاد الإشتراكي والإستقلال مكفهرة ومنهزمة ومنكسرة وهي تظهر على شاشة التلفزة ليلة الإعلان عن النتائج.
وكم كان الشعب متلذذا ومنتشيا وهو يرى زعماء سياسيين لطالما ملئت صورهم صفحات الجرائد، وهم عاجزون عن إقناع أصغر الأحياء بالتصويت لهم، إنه عقاب الشعب الذي يمهل حينا، إلا أنه لا ينسى أبدا كل من استغل ضعفه أو فقره، وكل من تعالى عليه أو ظلمه، ويأتي اليوم الذي يستعيد فيه سلطته فيعاقب من يشاء ويزكي من يشاء لتحمل المسؤولية إلى حين.
سيدي رئيس المحكمة المحترم:
بعد انتصار الشعب المغربي العظيم يوم الرابع من شتنبر، على الظلم والقهر، والفساد، والأحزاب الورقية، وزعماء الصراخ الفارغ، وبعد أن طردهم من أوسع أبواب الديمقراطية، فوجئ بهؤلاء المطرودين والمنهزمين يتحالفون في ليل مظلم ويخططون لكسر إرادة الشعب مستغلين ضعف نفوس المنتخبين، وتملقهم الذي يصيب بالغثيان، ووصوليتهم الدنيئة، وجشعهم المريض، فبدأت الإتصالات هنا وهناك وسمعنا مسؤوليين حكوميين يتحدثون عن تهديدات ووعد ووعيد مارستها أيادي خفية، اعتادت الإنتصار على إرادة الشعب، بدل الإنتصار به ومعه، وكانت النتيجة عودة الفئران من الثقوب الضيقة لتولي مسؤوليات عظيمة، وبقي الشعب المغربي ينظر ويتابع عودة مسؤوليين محليين وجهويين لم يصوت عليهم وكان يتمنى أن لا يراهم بعد يوم الإقتراع، ليعودوا إليه بمناصب أكبر من التي كانت لهم واختصاصات وسلطات أوسع، إنها المصيبة، إنها الكارثة، أقل العبارات التي يمكن أن نصف بها ما وقع، وبكل بساطة إنه الإنقلاب على إرادة الشعب.
سيدي رئيس المحكمة المحترم:
هل رأيتم جريمة أبشع مما حدث للشعب المغربي وللمواطنين الذين أدلوا بأصواتهم بكل شجاعة والتزام ومسؤولية ؟
وعليه فإنه قد حان الوقت لتقولوا كلمتكم بإدانة كل من ثبت تورطه في غدر إرادة الشعب المغربي، والإلتواء عليها، وإدانة كل منتخب استعمل المال الحرام، وحل كافة الأحزاب السياسية التي وفرت الحماية للمفسدين واستغلت أدوات السلطة أو القرب منها لتحقيق نتائج انتخابية، وإنذار الأحزاب المسؤولة بضرورة استمرارها على نهجها السليم وعدم التحالف تماما ونهائيا مع الفساد والمفسدين.
ويبقى لمحكمتكم الموقـــــرة واســــع النظــــــر
المحامي إسحاق شارية