أنس الدكالي يشرح مبررات دعوته لعدم خروج حزب التقدم والاشتراكية من الحكومة
هذا ما قاله عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أنس الدكالي لعدم خروج حزبه من الحكومة…
مداخلة أنس الدكالي خلال أشغال اللجنة المركزية للحزب
رفيقاتي رفاقي
عندما التحقت بالحزب سنة، كان عمر حكومة التناوب لا يتعدى سنتين، وكنت أسمع في ذلك الوقت أصواتا من داخل الحزب تنادي بمغادرة الحكومة والعودة للمعارضة بحجة عجز الحكومة على الاستجابة لتطلعات المغاربة وتحقيق الانتقال الديموقراطي والعدالة الاجتماعية والمجالية والمساواة في إطار الظروف التي كانت تشتغل فيها.
واستمر هذا المطلب يتردد ويتردد وتحول الى الدعوة لعدم المشاركة في الحكومات الموالية، الى أن جاءت حكومة ما بعد دستور 2011، وهنا تقوت تلك الأصوات ووجدت صدى لها داخل الحزب، الا أنه في النهاية استقر القرار على المشاركة، بعد أن تركنا جانبا المعطى الايديولوجي.
إنها 22 سنة رفيقاتي رفاقي!
22 سنة من المساهمة في تدبير شؤون بلادنا!
دعوني أقول لكم أن هذا الموقف (المطالبة بالخروج من الحكومة أو عدم المشاركة) ليس بأمر سلبي، بل هو صحي، لأنه يعبر أننا حزب مسؤول، يسائل نفسه قبل أن يساءل ويحاسب الذات الحزبية عن مدى قدرتها على تحويل أفكارنا وبرامجنا الى مشاريع ملموسة تسهم في تقدم البلاد ورقيها من خلال المساهمة في تدبير الشأن العام.
ومن البديهي أيضا، بالنسبة لحزب يحمل فكرا تقدميا، حداثيا، اشتراكيا أن تصطدم تجربته في تدبير الشأن العام بواقع بلدنا ومجتمعنا على مختلف المستويات، الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والمؤسساتي. ومن الطبيعي أن يرى بعضنا أن ركون الحزب إلى “وضعية راحة” وبقائه في منأى عن تسيير الشأن العام سيكون أنسب.
مع العلم أن خيار المشاركة في كل الحكومات السابقة (والذي اعتبره البعض مغامرة سياسية) قد أملته ظروف تاريخية معروفة، ونظر له الحزب بشكل عميق ومستفيض واستعد له فكريا وسياسيا وتنظيميا وانتخابيا، مع الانفتاح على الكفاءات من داخل المجتمع من شباب ونساء، ليباشر مرحلة تاريخية جديدة من حياته، مرحلة أكدتها أطروحات الحزب المتتالية في المؤتمرات الخمس الأخيرة.
ماذا وقع لنا اليوم؟ هل انتفت الظروف والشروط التاريخية؟ هل ليس هناك بوادر واشارات جديدة لإعطاء نفس ديمقراطي وتنموي جديد لبلادنا؟ أم أننا لم نلتقطها؟
ماذا تغير في العمق ولم ينتبه له المؤتمر الأخير للحزب والذي لم تمر عليه سنة ونصف كاملة؟
هل تغيرت الشروط لتتغير المواقف؟
هل استبدلت المنهجية الديمقراطية بشيء آخر؟
هل هناك تراجع عن المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية التي أدت الى تراجع الفقر والهشاشة وارتفاع مستوى التنمية البشرية وتوسيع مجال الحماية الاجتماعية والسعي نحو التغطية الصحية الشاملة؟
هل هناك تخلي عن الديمقراطية المحلية والجهوية المتقدمة واللامركزية واللا تمركز وعن اصلاح الإدارة والتعليم والصحة وسياسة الإسكان والمدينة والتنمية القروية؟ وغيرها…
لا أبدا!
22 سنة! لا يمكن أن نلخص 22 سنة من حياة حزبنا في قوسين! نحن أصلا لم نفتح قوسا اطلاقا لنغلقه اليوم!
اننا في محطة تاريخية مفتوحة تأكدت معالمها مع العهد الجديد، وهي مقبلة اليوم على طفرة نوعية، تفتح الباب لمرحلة جديدة، نعيش مخاضها. منذ 3 سنوات على الأقل، في انتظار ميلاد نموذج تنموي جديد، حزبنا قال وقادر أن يقول كلمته حوله. مرحلة تقودها حتما نخبة سياسية متجددة ومن جيل جديد.
فهل نحن غير مستعدين لاستقبال هاته المرحلة الحاسمة؟ أم نحن غير مقتنعون بالانخراط فيها؟
إن هاته المرحلة التي سنعيشها تحتاج الى حزب تقدم واشتراكية قوي وجريء.
اسمحوا لي أن أقول لكم أن القرار المعروض علينا ليس فيه جرأة، بل هو هروب الى الأمام. انه مجانب للصواب ولا ينسجم بتاتا مع المنهجية السياسية التي اعتمدها الحزب الى حد الآن.
ومن هذا المنطلق أدعوا للتراجع عن هذا القرار، أو على الأقل إذا لم تحصل القناعة لدى غالبية الرفيقات والرفاق اليوم، أن نأخذ الوقت الكافي ونفتح نقاشا عميقا، لتحليل واستيعاب رهانات المرحلة قبل أخذ هذا القرار المصيري.
عاش حزب التقدم والاشتراكية