سدي علي ماءالعينين يكتب: عامل النظافة… في زمن النظافة
عامل النظافة… في زمن النظافة.
بقلم سدي علي ماءالعينين ،أكادير ،مارس 2020 ،
بعد الحرب العالمية تسابق العالم إلى التسليح والتسلح، وراكمت الدول ترسانة من العربات والصواريخ و مختلف المعدات، وكلها متأهبة لحماية اوطانها ،والدفاع عن حوزتها، وكانت معركة براميل البترول بين صعود وهبوط، واسهم البورصة بين البيع والشراء،
بعد كل ذلك، من كان يعتقد ان فيروسا بحجم عطسة، يجعل السلم العالمي كله في صابونة، ويد نظيفة، وحجر صحي؟
هكذا يرسم الفيروس لعالم جديد يعاد فيه ترتيب الأولويات، وحجم التحديات.
وسط حرص عامة الناس على ملازمة ببيوتهم، و الإبتعاد عن كل ما يمسه غيرهم، وكل ماليس معقما، واخد الحيطة والحذر بالإبتعاد عن مخالطة الناس، و عدم التنقل من مكان إلى مكان، ومن حي إلى حي،
وسط هذه الإجراءات الوقائية، والخطوات الإحترازية، و حجر صحي ابقى المواطنين بمنازلهم، تخرج فئة لممارسة مهمة كل ظروفها معاكسة لتلك الإجراءات والإحترازات،
عمال النظافة، جنود الشوارع و الأزقة والدروب و الطرق، بين من يركب شاحنات تجمع ازبال آلاف من البيوت، في مئات من القمامات،
فأي تعقيم ينفع؟ وأي إحتراز ينجح؟ واي وقاية ناجعة؟
وبين من يحمل عربته الصغيرة و ” شطابة” مكنسة يجوب جنبات الطرق و الأزقة، يجمع نفايات السجائر بعد ان لعب بها لعاب الآلاف، وبقايا حلويات، وحليب و كل أشكال النفايات و الروائح و المخاطر…
هؤلاء منهم عمال رسميون بالوظيفة العمومية لهم حقوق يكفلها العمل.
هناك زملاء لهم بنفس رئيس العمل والمشغل، وبنفس المهام، وعلى نفس الشاحنات،و بالتناوب على كنس الشوارع و الممرات، هم عمال الإنعاش الوطني،
فأي طريقة تنفع لحمايتهم؟ واي لباس وحداء وقناع يجدي؟
هذا في مجال العمل، الذي يجمع الفئتين، الرسميون و عمال الإنعاش، وهنا مربط الفرس :
عمال الإنعاش الوطني:
ماذا عن أجورهم الهزيلة؟
ماذا عن اعمار غالبيتهم التي تتجاوز سن التقاعد؟
وعن ساعات عملهم التي لا تحترم؟
عن غياب التغطيةالصحية و التأمين عن العمل، والتسجيل في صندوق التقاعد؟
ماذا عن عيشهم في منازل الأسرة، أو دار للكراء، أو سكن اقتصادي،؟
هؤلاء اليوم هم وزملائهم المنتمون لقطاع النظافة بمختلف المؤسسات وبكل الجهات، هم من يعمل في قلب مسببات الفيروس، وهم من يتحدون بالإكراه فضاءات إنتشاره،
يحتاج منا هؤلاء التحية العالية، والتقدير الكبير،
عمال النظافة المنتسبين للإنعاش الوطني، هم عمال عند الدولة، تعرفهم وتعرف عددهم، وهم من في أمس الحاجة ان يتلقوا الدعم و المساندة في عز هذه الأزمة، ومن يسهل حصرهم بأقل إجراء إداري،
كما أن عمال النظافة من المنتسبين للجماعات هم من يعيش في أسفل السلالم، و باجور هزيلة، وكان من الأجذر أن لا يشملهم قرار تجميد الترقيات،
كما على المنتخبين والسلطات تقديم حوافز لهذه الفئة، ولعل اهمها التعجيل بصرف مستحقات الأوساخ والساعات الإضافية، وتقديم المساعدة للحالات الإجتماعية الحادة لتستفيد من مبادرات الدولة والمجتمع المدني،
بلادنا بلاد التكافل و التضامن، و كثير من هشاشتنا الإقتصادية كانت تحجبها علاقات إنسانية متضامنة في صمت،
لذلك فالفيروس ومرحلة الحضر الصحي عرت هذه الهشاشة ، وبينت حجم الحيف الإجتماعي الذي تعانيه فئات واسعة من المجتمع،
وعمال النظافة، هم نموذج لهذه الهشاشة، نريد بمناسبة هذه الأزمة، إعادة الإعتبار لهم.
فتحية عالية لعمال النظافة في كل مناطق العالم.