## لنحافظ على حياتنا..!
*باستثناء بعض كتاب سيناريوهات الأفلام ،الذين تخيلوا أن تحل بالبشرية أوضاعا مزعجة من الخوف والهلع لا تطاق، فان الأشخاص العاديين فلم يكن يخطر في ذهنهم ان يأتي زمان تجد فيه البشرية نفسها بين الحياة والموت، قبل أن يأتي فيروس “كورونا المستجد؛كوفيد19″، الذي قلب الدنيا رأسا على عقب،واحدث تحولات عميقة،وكشف مساوئ أغلبية الأنظمة الحاكمة في مختلف بقاع المعمور، كما أظهر مساوئ المنتظم الدولي،القائم على انتهاز القوي للضعيف، والعاجز على التعاطي مع مثل هذه الكوارث العابرة للقارات والحدود، ولا يفرق بين الميسور والفقير، فضلا عن فشل الرعاية الصحية في الدول المتقدمة والصناعية، في توفير الخدمات الطبية والتقليل من حالات الاصابات والوفاة،وبالتالي غير مؤهلة للتعامل مع الاوبئة،التي تحصد الأرواح على نطاق واسع، في غياب وجود لقاح فعال للقضاء عليه.
وقد عاين الرأي العام الدولي، عجز الدول المتقدمة والصناعية، وتخبطها وانكماشها في تعبير سافر لمصالحها الوطنية على حساب مقتضيات التضامن الدولي والتعاون الانساني بين الأمم والشعوب، وارتباك قادتها في اتخاذ القرارات الجريئة، قبل تفشي الوباء فيها،وعجز مختبراتها في بلورة الإجابات والحلول القادرة على الاجثتاث السريع والقضاء على هذا الوباء القاتل.
وبالنسبة لبلادنا المغرب، فقد كشفت هذه الكارثة الوبائية،عجز المنظومة الصحة،وكشفت عن الفقر الممتد في جميع جهات المملكة،وسوء تسيير المرافق العمومية والشبه العمومية،وقصور السياسات الاجتماعية عن تلبية حاجيات المواطنين،والتبديرالمفرط لميزانية الدولة،في شراء الكماليات والسيارات وترميم المساجدوالاضرحة،عوض بناء المدارس والمستشفيات وتجهيزها،والتي تعود بالنفع على الوطن والمواطنين،كما فضحت تخمينات السياسيين الذين عارضوا الرفع من ميزانية منظومة التربية والتعليم والصحة.
ومما لا شك فيه أن كارثة فيروس “كورونا المستجد؛كوفيد19″، التي نعيشها اليوم ،ستحدث تغييرات استراتيجية عميقة ستطبع عالم الغد، سواء على صعيد صياغة التوازنات أو بلورة هندسة جديدة للعلاقات الدولية، ومراكز النفوذ الجديدة، حتى داخل منظومة الأمم المتحدة بكل هيئاتها المتخصصة.
وبدون أية مبالغة، فبلادنا المغرب ،قد نجح في تقوية مصداقيته كدولة جيدة،ذات شخصية قوية وفعالة في الأداء والنجاعة في تدبير الازمات،بفضل الرؤية الصائبة الاستباقية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس،الذي أبان من خلال توجيهاته السامية و إشرافه الشخصي والمباشر واليومي،على قيادة مختلف الاستراتيجيات الوطنية، للحد من تفشي فيروس “كورونا المستجد؛ كوفيد19″، جعلت دول العالم تنظر اليه بإعجاب وتقدير،كزعيم رائد امتلك منذ ظهور هذا الوباء، رؤية استباقية وشجاعة سياسية، كما فضل حياة شعبه على اقتصاد البلاد، بإرادة قوية مكنته من اتخاذ قرارات شجاعة وحاسمة،حصنت البلاد، بثقة في النفس وبخطوات جعلت المغرب يتحول إلى نموذج يؤسس لتجربة مميزة في مواجهة الأزمات الوبائية.
ولولى بعض الاشخاص الذين لم يلتزمون بالتدابير الاحترازية الوقائية التي اتخذتها السلطات العمومية،ولم ينفذون حالة الطوارئ الصحية ويمكثون في منازلهم ولم يخرجون من بيوتهم الا لقضاء الحالات القصوى،مما جعل حالات الاصابة ب “الفيروس” ترتفع من جديد، بسبب الاختلاطات العائلية وفي الاسواق التجارية وفي التجمعات، بعد أن بدأت تنخفض في المرحلتين الأولى والثانية،لما استطاعت السلطات العمومية من تمديد حالة الطوارئ الصحية ،لمدة شهر اخر،لتقي بلادنا من تفشي هذا الوباء،وتحافظ على حياتنا، لأن المكوث في المنازل هو السبيل الوحيد للقضاء على فيروس “كورونا؛كوفيد19”.
وتاسيسا على ذلك،فكل خرق للتدابير الاحترازية الوقائية ،بما فيها حالة الطوارئ الصحية ووضع الكمامةوالمكوث في المنازل والخروج منها إلا للضرورة القصوى، لا يعد اعتداء على حق شخصي فقط ،بقدر ما هو اعتداء على المجتمع برمته،ويشكل مسا فعليا بالامن الصحي والنظام العام للبلد، ويستحق المتابعة وإنزال العقوبات في حق المخترق ،حسب ما ينص عليه القانون المتعلق بتلك الخروقات.
ان الرهان الذي تواجهه دول العالم اليوم، هو أن ينخرط اصحاب القرار والعلماء وفعاليات المجتمع بكل اطيافه وتنوعاته، من أجل بلورة سياسة رشيدة ومنهج علمي،يضع ضمن اولوياته،حرية الوصول إلى المعلومة المعرفية، لتعزيز التعاون بين الباحثين ومؤسسات البحث العلمي ومعاهده في مختلف بقاع المعمور،لإيجاد لقاح فعال يقضي على هذا الفيروس ،وينجي البشرية من شره .
ان تحديات المرحلة المقبلة،بعد انتهاء كارثة فيروس “كورونا؛كوفيد19” يجب أن يكون الرابح فيها هو الوطن والمواطن، وهذا يفرض على كل الفعاليات السياسية والحزبية والنقابية والمدنية والاعلامية، التحلى بروح المواطنة الصادقة، ونبذ كل الحسابات الظرفية والشعبوية لصالح مجهود وطني جماعي،يمكننا جميعا تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بلورة تعاقد اجتماعي واقتصادي جديد،يكون المواطن المغربي هو حجر الزاوية،وتكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، لبناء دولة المواطنة، التي تحترم القانون وحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، وكل المواطنين سواسية امام القانون ، دولة جادة في معالجة كل الاختلالات التي تعرفها السياسة العمومية، ومحاربة الفقر والهشاشة وكل أشكال وأنواع الفساد والرشوة والريع،لتحقيق العدالة الاجتماعية.
كتب:علال المراكشي.