ميلونشون ، لوبين واخرون : المغرب قدوة
عبد السلام المساوي
ان التحرك الاستباقي للمغرب في تعامله مع الوباء كان صائبا ، بل هو نموذج يثني عليه العديدون في أقطار المعمور …لقد اختارت الدولة المغربية الانسان على أي شيء آخر . ..
اليوم حتى صحافة الأجانب ، تلك التي كان يجد عندها بعض ” المخالطين ” مبررات الكذب علينا ومسوغات ايهامنا تقول : لقد أدهشنا هذا البلد ، لقد أبهرنا ملكه وشعبه …
يشغل المغاربة بالهم هاته الأيام ، عن حق ، مراقبة ما يقوله الاخرون عنا ، ويتبادلون فيما بينهم بافتخار ظاهر إشادة دول كانوا يعتبرونها أفضل منهم وتلقنهم الدروس يوميا بطريقة تعامل المغرب مع أزمة كورونا ، وكيفية تدبير بلدنا الحكيمة لهاته الأوقات الصعبة بفضل التعليمات الملكية التي اتضح أنها كانت استباقية وسابقة لجميع الخطوات العالمية التي تمت في هذا المجال .
أفضل نموذج لهاته الإشادة الأجنبية بالمغرب يأتينا من فرنسا وقنواتها التلفزيونية التي لا تتوقف عن كيل المديح للمغرب ولا تتوقف في الوقت ذاته عن انتقاد تخبط مسؤولي دولتها في زمن كورونا . مقاطع فيديو عديدة تغزو مواقع التواصل الاجتماعي تلتقط هذه ” الغيرة ” الفرنسية المحمودة وترى فيها اعترافا حقيقيا بأن الدرس قد يأتي من الجنوب وان احتقر الشمال دوما كل ما يأتيه من هذا المكان .
لم تلتئم الطبقة السياسية في فرنسا على أمر كبير كما يحدث هذه الأيام والسبب : المغرب . فقد تحول المشهد السياسي في فرنسا ، والمشهد على شاشات التليفزيون والجمعية العمومية الفرنسية إلى منصات خطابة ، لا تتوقف عن مقارنة الطريقة التي تعامل بها كلا البلدين مع جائحة كورونا ، اجتماعيا واقتصاديا واجرائيا .
فبعد أن تباريا طويلا في المعترك الانتخابي ، محليا ووطنيا واوروبيا ، وتفننا في دحض أطروحات كليهما لسنوات طويلة ، اتفق أخيرا جان لوك ميلونشون ، زعيم اليسار الفرنسي الراديكالي، ومارين لوبين ، على أن المغرب تقدم كثيرا على فرنسا ، في معالجته وتعامله مع جائحة كورونا ، وخرجا في أكثر من مناسبة لحث المسؤولين الفرنسيين على اتخاذ المغرب قدوة في هذه الحرب الصعبة ضد الفيروس .
قبل أيام قالت مارين لوبين عند استضافتها في برنامج تلفزيون ” انه من غير المعقول على بلد مثل فرنسا ان ينتج 8 ملايين كماما أسبوعيا ويوزعها على الفرنسيين في الوقت الذي ينجح فيه المغرب في انتاج 5 ملايين كماما يوميا ” .
جان لوك ميلونشون بدوره ، وأمام الجمعية العمومية الفرنسية ، دعا حكومة بلاده الى انتهاج أسلوب تعامل مع الجائحة يحاكي الطريقة المغربية وهو ما أعقبه بالقول أمام البرلمانيين الحاضرين ” المغرب هو مسقط رأسي …وأنا أفتخر بذلك كثيرا ” .
ثالث المؤثرين في السياسة الفرنسية الحالية ، فلوريان فيليبو ، الناطق الرسمي السابق باسم الجبهة الوطنية ، وقائد تيارها المتمرد على مارين لوبين ، ومهندس تسمية الحزب الجديد ” التجمع الوطني ” أفرد شريطا مسجلا استغرقت مدته سبع دقائق كاملة ، للمقارنة بين إجراءات المغرب لمواجهة كورونا والاجراءات الفرنسية ، نقطة بنقطة ، داعيا حكومة ادوار فليب الى الاقتداء بحس التضامن الوطني في المغرب الذي ساد كل مناطق المملكة ، والذي انخرطت فيه كل السلط ، من أعلى سلطات البلاد الى عموم المواطنين .
وساءل فلوريان فليبو مسؤولي بلاده عن شعورهم وهم يرون بلدا يقل ب 23,5 مرة عن فرنسا ، كالمغرب قادرا على أن يحمي مواطنيه بطريقة تجعل أرقام الإصابة والوفيات لا تقارن بفرنسا ، بالإضافة إلى قدرته على تجنيد مقاولات ومصانع في جهد وطني شامل لمكافحة فيروس كورونا ، وهو ما لم تنجح فرنسا في تحقيقه على الرغم من تقدمها العلمي والتكنولوجي.
وقال فيليبو ” في ظرف أسبوعين فهم المغاربة ما يجب ان يعمل ولم يمض وقت كبير على تسجيل أول حالة حتى أعلنت حالة الطوارئ في البلاد ، بينما نحن في فرنسا استغرقنا 43 يوما لنفهم أنه علينا الحرص على سلامة مواطنينا . لقد رأينا كيف أصيب أول مواطن فرنسي بفيروس كورونا في 24 يناير ، بينما كان الرئيس وزوجته في 8 مارس يسهرون في مسرح باريسي كبير ويدعون المواطنين لعدم الخوف من الفيروس ” .
ان المعركة اليوم هي المعركة لأجل الحياة ولأجل الحفاظ على الحياة في مواجهة الفيروس اللعين .
المغرب بقيادة ملكه الحكيم واستنادا على تجربة القرون الماضية في الحكم ، واستماعا لصوت العقل قرر أن يجعل هاته المعركة لأجل صحة وحياة شعبه أولوية الأولويات .
الاخرون اختاروا أمورا أخرى لا تعنينا ولا نعرفها ولا نريد أن نهتم بها أصلا .
سنجتاز جميعا هذه الأزمة أكثر قوة لأننا أكثر اتحادا اليوم ، فخورين بهويتنا الوطنية وانتمائنا لشعب عظيم بقيادة ملك عظيم….
درس مغربي متواصل على امتداد الأزمنة والأمكنة يجدد نفسه دوما وابدأ ويمنح إمكانية الاستفادة منه لمن كان ذا عقل سليم .