كيف ينتظر ممن يستفيد من الريع الانتخابي والنقابي خدمة مصلحة البلاد؟؟

محمد جمال بن عياد
دعا العثماني أعضاء حزبه في لقاء تواصلي عن بعد إلى “الصبر على ما يتعرضون له خدمة لمصلحة البلاد وليس لشيء آخر”، كما طلب منهم الاستعانة به من أجل مساعدتهم حيت قال “عيطوا لينا نعاون بدكشي لي نقدروا”.

حكومتان توالتا على تدبير شؤون البلاد والمواطنون يحلمون ويوعدون بالإصلاح ومحاربة الفساد، تنوعت الخطابات والقيادات الحزبية والنقابية وتكررت التبريرات والتسويفات، لكن مازال خيب الآمال مستمر وتحطم الأحلام متواصل ولنفس الأسباب: حسابات خاطئة وخطط ارتجالية، وأداء هزيل لمنتخبين، وانتهازية وجشع ولهط ولهفة تستبيح كل شيء في تنافس لاحتكار مناصب المسؤولية بلا ضوابط ولا محرمات، وتطبع المنتخب بطباع الفساد، وتدار البلاد بالترقيع والمسكنات وتتدحرج نحو الشطط في استعمال السلطة والفساد.

شتان بين من يخدم مصلحة البلاد، وبين منتخبين ومسؤولين يتنازعون الريع الوظيفي والانتخابي.
خدمة المصلحة العامة عند منتخبين ومسؤولين تحسم بمنطق “أنا ومن معي” و”علي وعلى من ليس معي”، ورغم المظاهر الخادعة عند البعض ( مظاهر التدين) فقد ظلت خدمة المصلحة العامة في جوهرها، منتخبون يتنازعون “غنائم” الانتخابات. وللمتتبع أن يقارن بين خدمة مصلحة البلاد وبين خدمة المصلحة الشخصية، فلا أحد يفوق خدام المصالح الذاتية في الهوس بالسلطة والاستعداد للتفريط في المصلحة الوطنية.
لقد فوتت فرص عديدة على البلاد وظلت تراوح مكانها بسبب “عفا الله عما سلف” وغياب تقييم نزيه وشفاف للمسؤوليات والمساءلة والمحاسبة، فلا أحد يتحمل مسؤولية أخطائه فضلا أن يعتذر أو يعتزل، كثير يبتكر في التنصل من المسؤولية وإيجاد المبررات والمشاجب والبحث عن أظهر تقيه من الجزاء، كثير من وفي البلاد في تراجع مسترسل.

وما يمكن أن يحسب لهاتين الحكومتين المتتاليتين هو سقوط أقنعة وزوال أوهام، وثبوت أنه لا جدوى من المتشدقين بالتدين “الشفوي” ولا أمل في متحزبين ومتنقبين المهووسين بالمناصب وبالسلطة وليس بخدمة الصالح العام، وما يشاهده ويسمعه المواطن من حالات ووضعيات “مشينة” لمسؤولين ومنتخبين هو عينة وما خفي كان أعظم، وإن كان هناك من لا يزال يعلق آماله في من استباحوا لأنفسهم المال العام فهو واهم.
لقد أضحى بعض المسؤولين والمنتخبين سلطة تسعى للتوغل والظفر بالمناصب والحفاظ عليها من خلال تطويع النصوص القانونية أو تأويلها لمصالحهم .
من “يخدم مصلحة البلاد ولا شيء آخر” عليه أن يتعفف عن استباحة المال العام والاغتناء من وراء الانتخابات ومناصب المسؤولية، فخدمة الصالح العام تبدأ بتغيير النفوس والعقول والسلوكات التي أصابها الكثير من الانحرافات والاختلالات.
والقطع مع الريع والحرص على البلد والمنتخبين كما يحرص على الدار والأولاد والآباء والأمهات، وخدمة المصلحة العامة ليست تمنينا من المنتخبين ولا من أصحاب مناصب المسؤولية، بل فرض عين.
أما القوانين الجائرة مثل قانون ( تكميم الأفواه) فلا بد من مقاومتها سلميا ومدنيا إلى أن تلغى كما فعلت الأمريكية من أصول أفريقية “روزا باركس”، حين رفضت سنة 1955 التخلي عن مقعدها في الحافلة لرجل أبيض متمردة على القانون، فأيقظت الهمم إلى أن أنهيت العنصرية والتمييز وغيرت الأعراف والقوانين، وتوالت الإنجازات وتحققت المساواة والإنصاف.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*