انسدالات
عبد الكريم الكتاني
انسدالات/
أن تتفرج على الأشياء، ليس كأن تنخرط فيها.
أن تراها مباشرة، ليس كأن تراها من خلف زجاج. استخلصت هذا من نظرة، من خلف النافذة، إلى الشارع، حيث شجر، وخضرة، وحركية.
هذه الأيام، بعد أن انسدل فصل رمضان، تعودت أن أعدو في الصباح الباكر. المكوث بالبيت، ونظام الحجر الذي لازال ساري المفعول، والذي تجاوز الشهرين، عطل الحواس، لا رغبة إلى شيء، انتصار للقلق، انتظار لتبدل الحال من غير فعل…
صار الأمر أشبه بموت سريري، تنفصل فيه عن الحياة، وإن كانت لازالت تسري بدمك، تنغلق الأبواب والنوافذ، تصير كهاو يهوي في هوة سحيقة، ولا ينتظر سوى سماع صوت ارتطامه بالقعر! ليس أمامي الآن سوى أن أخرج، أن أعدو، لأعود بنفس جديد، تتهوى الذات، ينفتح ما انغلق، تعود الرغبة إلى معانقة كتاب، سماع أغنية، مشاهدة فيلم، كتابة خاطرة…
نعم، بعد تجديد الهواء بداخلنا، يصير للأشياء البسيطة معنى، تتولد الرغبات والأفكار، تتوالد الأماني والأحلام! انبثق هذا البوح من لحظة اختناق، لحظة قلق، أما و فعل الكتابة نشط دورة الفكر والحياة بالذات، أما وانسدل فصل الاختناق والقلق، أقول: علامات انسدال فصل كورونة التي صارت بادية للعيان، وانسدال فصل حياة شخصية وصمت ووسمت التاريخ المغربي الحديث، يعلماننا أن القيمة تتجلى في الالتزام، في الصبر، في الصمت البناء، في الحكمة…وفي الابتسامة التي تصير سمة عين ومحيا مهما المعيقات، مهما الأضرار، مهما الأعداء، مهما الأخطار ! إلى زوال كورونة.
إلى الخلد في ذاكرة الوطن عبد الرحمان اليوسفي.
عبد الكريم الكتاني/ تامسنا/ 01/06/2020