قراءة عابرة في ورقة سياسية
فنجان بدون سكر:
قراءة عابرة في ورقة سياسية
بقلم عبدالهادي بريويك
صدر مقالا عبر الجريدة الاكترونية “سياسي” بتاريخ 2يونيو 2020 ضمن ركن ٱراء تحت عنوان (استراتيجية ( قفزة الضفدع)؛ للأستاذ عبدالسلام الصديقي، الأستاذ الجامعي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة والوزير السابق لوزارة التشغيل والتي أرادها أن تكون قفزة “الغزال” مجازا؛ بما تتمتع به من السرعة والأناقة والجاذبية ..سرعة تفوق رؤية المعهد في رسم استراتيجية النموذج التنموي المغربي الجديد قبل أن يتم تطعيمه من قبل الهيٱت السياسية الجادة وفعاليات المجتمع ..
نظرة حول مغرب الكائن والممكن..وتموقعاته في المستقبل ومدى جاهزيته لأي تحد تنموي مرتقب ..ولا سيما في إطار التحولات التكنولوجية والصناعية..
المقال الدسم الممتلئ بالحياة ..وبإيجابيات التفكير من أجل إعادة التفكير في المشروع التنموي الحامل لأفكار التماسك الاجتماعي وتضامنه؛ تماسك اجتماعي بين المغاربة في ظل جميع الأزمات التي مر ويمر منها الوطن بما فيها المستجد “كوفيد 19″؛ متحدثا بشكل مختصر ومفيد حول الرأسمال العلائقي: حيث المضمر واضحا عن العلاقات الاجتماعية؛ العرقية والقبلية والطبقية، والتراحم بين بعض طبقاته الاجتماعية المغربية المتنوعة بلغاتها؛ عاداتها وتقاليدها؛ المغرب الغني بهذا الرأسمال المفقود لدى بعض الدول المتقدمة التي تعاني من سياسة ( راسي أراسي) وما أظهرته الجائحة من رزايا ومزايا؛ ولو أن منظومات تلك الدول المتقدمة التي تحترم انسانية الانسان تعاني من انفصامية اجتماعية حقيقية رغم كونها تدعو الى احترام كينونة الانسان ..
الرأسمال العلائقي بمفهومه الاجتماعي والفلسفي معا؛ بكل تراكماته المبنية على العاطفة الانسانية ؛ وما يستوجب ذلك من تفكير سياسي واستراتيجي بعيون اقتصادية واعدة وجادة قادرة على خلق نموذج تنموي قوي ومتين.
حيث يصبح هذا الرأسمال مقودا وموجها لأية حركة تنموية ..حركات تساهم في خلق الاستقرار ومحفزا للقفز نحو خلق ميكانيزمات التنمية بكل جوانبها …وتحريك هذا الاقلاع التنموي بجميع (الماطر ) او المحركات.. تنمية حياة هذا البشر المحافظ على طقوس التعايش الاجتماعي ؛ التعايش الفكري؛ المتضامن من حيث التقاليد والعادات والمتوحد في اطار لغتي الوطن ولهجاته الغنية؛ ومستوياته الاجتماعية المختلفة؛ بين المغاربة حيث ينجلي الطبع على التطبع ؛ وتنجلي حياة الشعب، الذي يتضامن مع مختلف مكونات جسده أرجلا ورأسا وأطراف .. الشعب / الجسد في إطار دولة لا تسابق الريح والزمن من أجل الأناقة الدولية ؛ بل تحاول جاهدة لخلق حياة الانسان وجعله محور تنمية حقيقية ..وتناضل قواه الحية الحقيقية على تحقيقها وجعل المواطن كائنا متقدما وكائن استباق قبل أن يكون مجرد أداة حفر؛ فأسا أو (بالة لإزالة بعض النفايات) أو معولا للحفر..
فالنموذج التنموي الجديد والذي ساهم في إغناءه وإثراءه احزاب سياسية ونخب فكرية ومنظمات وجمعيات في إطار حوار شامل ..لا نريده مثل قفزة الضفدع ولا قفزة الغزال فكلاهما تشبيها ومجازا يقفان أو سيقفان مذعوران أمام كل من استأسد من الحيوان -دوما مجازا- ..وما استأسد حقيقة من الانسان ..وما استأسذ من تطورات الزمان..
فالضفدع ببطئه ..وبرغبة عيشه في البرك الٱسنة لن يخطو بنا الى الأمام ..والغزالة تبقى غزالة مجازا للسرعة ..لكنها لا تتمتع من فراسة كما تتمتع به -مجازا- حيوانات أكثر منها سرعة ودهاء وشجاعة؛ ومقداما ..والتي بإمكانها أن (تنتظر تلك الغزالة في الدورة ) كي تفشل في استباقبتها للحياة .
فعلا المغاربة لديهم روح نسيان الماضي بأزماته؛ عقوباته وصدماته؛ انكساراته وانفرجاته ونسيان سنوات القهر بل اعتبار ذلك الماضي المتحدث عنه في اطار مصالحتنا معه..جزء لا يتجزأ من نضالنا كمغاربة من أجل الحفاظ على ابتسامتنا الصادقة ..والحفاظ على الحاضر والمستقبل..
نسيان أزمنة الغبن ونسيان حتى من راكموا من جهلنا وطيبوبتنا واختياراتنا كمغاربة؛ من ذاك الماضي ثروات من حولنا باسم المشاريع التنموية التي بقيت ملبدة بالغيوم في سماوات المجلس الاعلى للحسابات ؛ حيث تصالحنا كمغاربة والمعنى أنه كان بيننا وبين ذاك الماضي خصام؟؟؟!!!
..نسيان من راكموا ثروات لا تعد ولا تحصى واكتسبوا امتيازات باسم القانون وباسم الدين وباسم السياسة وباسم النفوذ وباسم السلطة ….مغاربة متصالحون مع الماضي ومع الذاكرة الجماعية كما لو أحالنا الاستاذ العزيز سي عبد السلام الصديقي على” التويزة “بمفهومها الاجتماعي العميق والاقتصادي المتضامن…مع تطور المغرب في أزمنة ومراحل متعددة ومتراكمة في رسم الاستراتيجيات القطاعية ..وتطوير بنياته التحتية والفوقية وريادته قاريا في تطوير انتقاله في المجال الطاقي ..مغرب يمضي نحو المستقبل برأس كبير وجسد صغير ؛ ..
فخبرة الاستاذ سي عبدالسلام الصديقي كأستاذ جامعي وتمرسه السياسي ومسؤوليته السابقة كوزير للتشغيل؛ مكنته في هذه الورقة من مغازلة” المعهد ” الذي سهر على هذا المشروع التنموي الجديد قبل طرحه على مائدة النقاش العمومي؛ أن يراوح مكانة المحلل المتتبع الى الناقد المتبصر في رؤيته لضعف الحكامة الجيدة وعن حلم كل المغاربة التواقين لمغرب متقدم ، متجدد، متطور،حداثي؛ مغرب يومن بإرادة مواطناته ومواطنيه؛ ولاسيما وهو يغازل في ذات المقال طبيعة الرأسمال البشري أو نوعية الرأسمال البشري!!!
فإلى أي حد يمكننا استيعاب هذه النوعية البشرية وما خصوصياتها؟ بماذا تمتاز؟ وما هي أفضالها وما طينتها؟ وعلاقتها بالتفاوتات البينة بين طبقات الشعب المتعددة الأشكال ؟ نوعية الرأسمال البشري؛ القادر على بلورة هذا النموذج التنموي بهم وروح وطنيتين صادقتين .
ف/ الخطاطة Le schéma التي ينبغي اتباعها من أجل تقدم الشعب والرهان المتمركز حول الانسان ..أو نوعية الانسان كما طرح في مضمون نفس المقال عن نوعية الانسان : النافع طبعا لبلده ولمجتمعه والغير ضار بسلمه واستقراره؛ ذاك المواطن الفاسد الذي يعيش على الانتفاعية الذاتية..إنسان في تناغم صادق مع ما يريده المغرب المتحول والسائر نحو الارتقاء الصناعي في ظل التفاوتات المتعددة الأشكال ؛ توجه يحرق المسافات من أجل تصحيح مسار بلد له كل الإمكانيات لو حظي باحترام العقليات والكفاءات وكبح كل التجاوزات ..واحترام كل طاقاته البشرية بغض النظر عن السلالة والعائلات ونسب الثابتين في دهاليز الادارات وإعطاء الفرصة لبقية الشعب المثقف والمتنور ؛ الغيور على مصالح البلاد وعلى اطلاع بكل المتغيرات ..
فهل فعلا سي عبدالسلام الصديقي ؛ المغرب متوقف اليوم على رهان الانسان المبدع؟ رهان قادر على التصدي والاستباق وليس على الانتظارية والاسترزاق؟
نحو قفزة الكتاب؛ قفزة العلم والعقل ؛ قفزة القضاء على كل سياسات الانتفاع قفزة لا نريدها لزرافة أنيقة لأنها ستموت مع أول ضبع تلقاه في الطريق أيها الرفيق !!! ولا قفزة الضفدع التي وإن وضعتها على عرش من ذهب ستقفز مباشرة الى البركة الٱسنة.