عادل الزبيري يكتب: المغرب على أبواب إنهاء النزاع المفتعل حول صحراءه
عادل الزبيري
بعد إطلاق قطار القنصليات الأجنبية في مدينتي العيون والداخلة في الجنوب الغربي الصحراوي المغربي، أطلق المغرب قطارا فائق السرعة من صنف البراق، للاعتراف الدولي الكامل بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية الصحراوية المغربية، والمعروفة إعلاميا تحت اسم إقليم الصحراء الغربية.
ففي صمت، وبعيدا عن الأضواء، نسج المغرب خيوط تواصل هادئ، امتد على الأقل طيلة 3 سنوات، مع الإدارة الأمريكية للرئيس الجمهورية دونالد ترامب.
يبصم العمل الدبلوماسي المغربي، على الرغبة في الاشتغال في صمت، وبعيدا عن الإعلام، إلى غاية نضج الطبخة كاملة، وجمهورية ما يمكن إعلانه رسميا.
ففي تغريدةعلى موقع التواصل الاجتماعي تويتر؛ دونالد ترامب الرئيس الأمريكي، أعلن عن اتفاق أمريكي مغربي على إقامة علاقات دبلوماسية بين الرباط وتل أبيب.
وفي نفس الخبر، قرار أمريكي تاريخي، بقرار رئاسي يقضي باعتراف الولايات المتحدة بأن إقليم الصحراء الغربية هو مغربي.
رفض المغرب صفقة القرن كما سميت إعلاميا، وهو ما يواصل المغرب التعبير عنه اليوم، أي أن المغرب في سياسته الخارجية يواصل التعبير عن ضرورة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبر حل الدولتين، وهو ما كان المغرب سباقا له عربيا وإفريقيا، في القرن العشرين.
فعندما كان المغرب يتحدث عن حل دولتين قابلتين للتعايش، كان الشرق الأوسط والخليج العربي يتحدث بلغة مختلفة تماما.
ففي توقيت عربي، كان فيه الحديث عن أي اتصال مع إسرائيل ممنوع، كان المغرب يرفع صوته عاليا، على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، بأن ما كان يسمى بالصراع العربي الإسرائيلي، هو صراع فلسطيني إسرائيلي، حله في دولتين اثنتين قابلتين للتعايش، وعاصمتهما القدس الشرقية فلسطينيا، والقدس الغربية إسرائيليا.
ففي ثمانينيات القرن العشرين، استقبل العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، في القصر الملكي في مدينة إيفران المغربية، بين جبال الأطلس، شخصية إسرائيلية لها وزنها، شيمون بيريز وزير الخارجية الإسرائيلي.
كما لعب المغرب دورا قياديا في إبرام اتفاق السلام في أوسلوا، بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
واحتفظ العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني بعلاقات مقربة جدا من الزعيم الفسلطيني الراحل ياسر عرفات، وتجاوزا معا لحظة خلاف حاد، اعتذر عنها الراحل ياسر عرفات، لما أعلن موقفا ضد المغرب في نزاع الصحراء الغربية المغربية.
ولكن لم يسبق للفصائل الفلسطينية أن أعلنت م قفا واحدا إيجابيا وواضحا وحاسما من النزاع المفتعل حول الصحراء الغربية المغربية.
فيما نظرت القيادات الإسرائيلية إلى المغرب باحترام، لأن المغرب كان حاملا لخطاب السلام مبكرا، ولكن الشرق الأوسط لم يكن يسمع، بل إن مصر التي وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل، وتبادلت السفراء، كان إعلامها يهاجم دائما بشراسة المغرب.
وإلى يومنا هذا، لا يزال المغرب داعما ماليا، لصمود المقدسيين في القدس الشريف، عبر وكالة بيت مال القدس،
فيمل يرأس العاهل المغربي الملك محمد السادس لجنة بيت مال القدس الشريف.
ففي تسعينيات القرن العشرين، فتح المغرب مكتبا للاتصال مع إسرائيل، فتعرضت الرباط لسيل انتقادات من دول عربية.
ويرفض المغرب دبلوماسيا مصطلح التطبيع، معلنا أنه تعبير مشرقي، لأن في إسرائيل حوالي المليون إسرائيلي من أصول مغربية، من حقهم دخول وزيارة المغرب.
فالمتابع من منطقة الشرق الأوسط، يرى المغرب في أقصى العالم العربي، على المحيط الأطلسي، كمن قبض ثمن التطبيع مع إسرائيل، وهو ما يرفضه المغرب، لأن اليهودية مكون تاريخي في الهوية المغربية، وهو ما أقره الدستور المغربي، باعترافه بالرافد العبري اليهودي.
فلم تتوقف رحلات اليهود المغاربة إلى وطنهم المغرب تاريخيا، ولا تزال معالم الوجود اليهودي في المغرب مستمرة، من دور عبادة ومقابر ومدارس ومتاحف،فيما تتواصل سنويا إقامة المواسم الدينية لليهود.
وبدأت في السنوات الأخيرة، تظهر هجرة معاكسة، يهود من أصول مغربية من العالم، يعودون إلى وطن آبائهم للاستقرار في المغرب.
فمهما غردت العصافير بعيدا، فمصيرها العودة إلى أصلها.