” تعلم واقرأ الكتب الجيدة ودع الحياة تتكفل بالباقى ” فيودور دوستويفسكى
فنجان بدون سكر:
” تعلم واقرأ الكتب الجيدة ودع الحياة تتكفل بالباقى ” فيودور دوستويفسكى
بقلم عبدالهادي بريويك
إقرأ لتشعر، إقرأ لتسعد وتفهم، إقرأ لتساعد من حولك، إقرأ لتحيا..هي كلمات تجتمع فيها مقاييس الحياة والكون، وفيها ترتقي الأحاسيس والمشاعر إلى قمة التماهي مع السحب العلوية حيث يكون أفق النظر بعيدا وأنت تلعب بكتاب أو تتصفح كراسة أو جريدة مفعمة بالمعاني والفكر والإبداع فتخترقك الكلمات وتدغدغ أحاسيسك وتحولك من كائن فاقد لبوصلة الذوق الرفيع إلى كائن يعشق شطحات الدماغ وه يسافر بعيدا بين الأسطر والصفحات…بعيدا عن تحجر الأفكار وتصلب المشاعر.
فكما قال أمين معلوف ” إذا قرأت _قراءة فعلية _ أربعين كتابا حقيقيا خلال عشرين عام فبوسعك مواجهة العالم “، وهو يعني بذلك الدخول في عالم التحدي، تحدي الفراغات التي تملأ حياتنا وتسبر عقولنا لفهم ما يجري ويدور في هذا الكون، تحدي من أجل المعرفة والعلم والإلمام والإحاطة الفكرية بحدس إنساني ميال لتملك الحياة في كل نواحيها، لأن من يقرأ تراه ملفتاً للنظر جذاباً تشعر بقدومه فور وصوله إلى أي مكان حل به، دائم التفاؤل حتى فى أحلك الظروف وأصعبها ،وتستطيع الاعتماد عليه في كل المواقف لأنه يمتلك شخصية القائد .
بالقراءة تتفتح العقول وتقوى فلا تمسك الشيخوخة أبدا وتتغذى الروح وتسمو فتكون كمن ملك الدنيا بأسرها، كما قال في ذلك المتنبي “أعز مكانٍ في الدنى سرج…. سابحٍ وخير جليسٍ في الزمان كتابُ”، فهذا الأُنس الفريد المتفرد الذي يجعل نار العشق للحياة لا تخبو وتجعل الروح تسمو والفكر ينضج والابتسامة على المحيى تعلو، وتحيلنا على طبيعة المجالسة الراقية وانت تنشد بين أسطر الكتاب رقصة النقط والفواصل وعلامات الوقف والاسترسال دونما موانع تعترض سبيلك، فتصبح بفضل القراءة تعيش عمرك وعمر الآخرين فتكون شابًا ولك خبرة الشيوخ الذين تركوا لنا موروثا فكريا وإبداعيا في مختلف المجالات ولولاهم لما كنا نعرف معنى القراءة أو بمعنى أصح معنى الحياة.
فعندما يتوارى العالم ولا يكشف عن علمه ، يُصر الجاهل على ادعاء المعرفة.
كما قال سولون،لأن البائس الذي يحفر المنجم ولا يحصل إلا على الطعام، أو ذلك الذي يحرث المحاصيل ويحصدها ليأكلها أشخاص آخرون، لا يؤلمهم كونهم يعملون في ذلك، بقدر ما يؤلمهم ذلك الجاهل الذي يأمرهم بفعل هذا بينما هو لا يقرأ ولا يفكر! على حد اعتبار” هانا مور”.
والمجتمع الجاهل لا يملك أفكاراً معروضة للنقاش، لأن كل فكرة في حوزته مقدسة، أو شبه مقدسة، أو ربع مقدسة، لأنه أعرض عن القراءة وأعرض عن طلب العلم وأعرض عن انتعاشة الفكر الذي به تضاء الحياة ونستنير بها في مواجهة كل مثباطها وأزماتها وإغراءاتها وصدماتها.