وزراء الحزب الحاكم حولوا شؤون الدولة إلى لعب أطفال
عبد السلام المساوي
1_مازال وزراء الحزب يمارسون شؤون الدولة بنوع من الصبيانيةوالتصابي ، مما يؤكد أن رموزه لم يستفيدوا أي شيء من تدبير الشأن العام ، طيلة عقد من الزمن .
في الحقيقة كان الأمر سيكون مقبولا ويتماشى مع القانون التنظيمي المنظم لأشغال الحكومة ، لو أن وزير الدولة قدم استقالته من الحكومة لدواع صحية تمنعه من ممارسة مهامه بشكل عادي ، لكن أن تبرر استقالة السيد مصطفى الرميد مرتبطة بأوضاعه الصحية ، ثم يخرج وزير سابق ليقول ان الرميد تراجع عن الاستقالة بعد اجرائه للعملية الجراحية ، ثم يخرج مصدر موثوق ليقول ان أسباب استقالة وزير الدولة التي نشرت بفعل فاعل على مواقع التواصل الاجتماعي ، دون أن تحترم البروتوكول المؤسساتي ، هي عدم اخبار رئيس الحكومة لمصطفى الرميد بحيثيات مرسوم الدورة الإستثنائية ، فاسمحوا لنا أن نقول لكم انكم حولتم شؤون الدولة إلى لعب أطفال .
في الحقيقة كثير من الأعطاب مست بشكل ممنهج الممارسة السياسية والدستورية منذ صعود الإسلاميين إلى السلطة ، لكن ليس أن يصل الأمر إلى درجة نشر وثيقة لها بعد دستوري على مواقع التواصل الاجتماعي ، قبل أن تصل الى سلطة التعيين والاعفاء المتمثلة في الملك محمد السادس ، فلا يعقل أن يأخذ الملك علما بإجراء دستوري مفصلي في حياة الحكومة ، عبر مواقع التواصل الاجتماعي ،وليس من أخلاق رجال الدولة أن يجعلوا من طلب إعفاء منصوص عليه في الفصل 47 من الدستور ، سلاحا لتصفية حسابات ضيقة بين وزير دولة ورئيس حكومته .
نحن اذن أمام ممارسات بشعة وموجبة للتقزز ، من الذين يفترض أنهم أعوان في صيانة الدستور من العبث ، ومكلفون بضرب المثل في أخلاق رجال الدولة .
للأسف الشديد يوما بعد يوم نتأكد أن الحزب الحاكم ورجالاته لم يكونوا مؤهلين بتاتا لتدبير شؤون دولة لها تقاليد عريقة في الحكم . لكن القدر السياسي قادهم دون سابق انذار على ظهر موجة الربيع العربي لكي يمارسوا حماقاتهم علينا ، في انتظار ان يخضعوا لسنة الجزر السياسي القريبة جدا .
2_ تعود المتتبعون للشأن السياسي والحزبي بالمغرب من المصطفى الرميد ، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان ، تقديم استقالات ” وهمية ” من منصبه الحكومي ، منذ 2011 ، اذ هدد بها في ثماني مناسبات ، دون احتساب الأخرى التي ظلت طي الكتمان .
وبدا أن استقالات الرجل الثاني في العدالة والتنمية ، مجرد مزحة سياسية ثقيلة ، اذ تعاطف معه المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي ، بعدما اعتقدوا أنه قدم الاستقالة لدواع صحية ، قبل ولوجه قاعة العمليات بإحدى المصحات للمرة الثانية على التوالي ، لكن مع مرور الوقت ، اتضح ان الرميد قدم استقالته لأسباب أخرى …
ان شخصية الرميد تتميز بالانفعال وردود افعال ، على أبسط الأمور ، اذ هدد بالاستقالة في حال لم يتم رفع أجور القضاة ، ومرة أخرى في حال عدم حل اضرابات كتاب الضبط ، ثم هدد بالاستقالة اذا لم يتم اخراج المناظرة الوطنية لاصلاح العدالة ، وعندما تأخر اصدار الاستراتيجية الوطنية للديموقراطية وحقوق الإنسان في الجريدة الرسمية ، قبل أن يلوح باستقالته اذا لم يحصل على حقه في الكلام للرد على شتائم المعارضة ، دون أن ننسى غضبته ، وتهديده بالاستقالة بسبب ” بلوكاج ” القانون الجنائي ، وفي حال الغاء فصل الاثراء غير المشروع من القانون ، ثم لمناسبة أحقيته في عرض خطته الحقوقية بالمجلس الحكومي .
3_ ولأن الأمر يتعلق بفوضى خلاقة وخلط متعمد للأوراق ، ألبس طلب استقالة الرميد لبوس تعاطف انساني متعلق بوضع صحي حرج يمنعه من الاستمرار في أداء مهامه ، وكي تكتمل الصورة ، نشر خبر ( بالموازاة ) حول نقل الرجل المريض على وجه الاستعجال الى مستشفى لاجراء عملية دقيقة .
وحتى تنطلي لعبة ” المرض ” على الرأي العام الوطني ، خرج قيادي اخر في الحزب ( محمد يتيم ) ، مؤكدا أن اتصالا جرى بين الرميد ورئيس الحكومة أقنعه بالعدول عن الاستقالة ، ثم قام القيادي نفسه ( وزير سابق ) بحذف التدوينة ، لكن الذباب الالكتروني للحزب كانت له وظيفة أخرى ، هي الترويج لعلاقة الاستقالة بنوايا وزراء في الحزب زيارة اسرائيل واحتجاج وزير حقوق الانسان على ذلك .
بعدها مباشرة ، سيخرج علينا رئيس الحكومة ليقول ان الاستقالة لا علاقة لها بما يروج في مواقع التواصل الاجتماعي حول التطبيع ، تاركا الباب مفتوحا لعدد من التأويلات ، قد يكون واحد منها من القاسم الانتخابي .
انها حكاية حزب يأكل الغلة ويسب الملة …حزب يريد الحكومة وامتيازاتها وموقعها ، ويهرب من تبعاتها السياسية ، بل ينتحل قصصا بالغة النفاق للتنصل منها أمام قواعده .