الطريق الرابع…طريق الأمل
تابع..
لا يمكن لأي كان أن ينسى ما قدمته الحركة النضالية المغربية المعاصرة من تضحيات في سبيل تعزيز المسار الديمقراطي وبناء دولة القانون والحقوق .
كما لا يمكن لنا أن ننكر تضحيات وفئات واسعة من المجتمع من أجل فعلية حقوق الإنسان و الحرية والعدالة والمساواة.
فلولا تضحيات هؤلاء، لما وصل المغرب إلى ما وصل إليه الآن من تقدم على العديد من الأصعدة.
و لا يمكن أيضا طمس دور القوى التقدمية الوطنية في مواجهة الفكر السلفي المتطرف، دفاعا عن حرية المعتقد و رفض تقييد الحريات و الدعوة إلى عدم الخلط بين الدين والسياسة.
إن نقد الطريق الرابع لما تبقى من اليسار، لا يراد منه الانتقاص من التضحيات التاريخية والنضالات البطولية التي شارك فيها أو قادها اليساريون الوطنيون و عموم الديمقراطيون المخلصون ببلادنا عبر عقود طويلة من الزمن، كما لا يراد منه المساس بأشخاص محددين، بقدر ما يستهدف تأصيل رؤية جديدة و متجددة ليسار آخر ممكن، تعظيما للمردود الاجتماعي والسياسي والثقافي الذي حبلت به تلك النضالات والتضحيات، و وقف كل أشكال الجمود والتنابز، و الاعتكاف على تجديد الآمال المعقودة عليه، حتى لا يسقط (ما تبقى من اليسار) في أحضان الشعبوية باسم ” التكتيك المرحلي” المرتبط بحالة الضعف النفسي والفكري والثقافي التي تشمل مكونات مكوناته، وحتى ننقذ، نحن كذلك ما تبقى من نفسنا، من السقوط في الانحراف عن الخط التقدمي الديمقراطي الوطني النقدي الخلاق، ومن أجل إعادة الأمل للنضال الواعي والمسؤول للطبقة الوسطى ولمن يدور في فلكها، وحتى نرد الاعتبار لثقافة التراكم بدل ثقافة القطيعة..
فمن البَيِّنِ، أن اليسار المغربي قد ولد وترعرع في خضم الصراع السياسي والفكري والتنظيمي (العالمي) الذي خاضه رجال ونساء وشباب، و عمال وفلاحون وطلبة، للدفاع عن مصالح الشعب المغربي.
و اليوم، نحن أمام تحديات جديدة تقودها التغيرات البنيوية والهيكلية التي تشهد ها العديد من دول العالم منذ عقود طويلة في الشرق والغرب، ونحن كذلك أمام تحولات طبقية عميقة تعيشها الرأسمالية الجديدة من داخلها، نتيجة تحول الفئات الوسطى، هي الأخرى، لأغلبية بورجوازية في خدمة مصالحها، هذه التحولات التي و عى الطريق الرابع بإكراهاتها، تفرض علينا مهمات جديدة، نظرية و نضالية، و تطرح علينا ضرورة التفكير في إرساء إستراتيجيات مواطنة، بديلة، قادرة على المبادرة وتحرير الطاقات، ورد الاعتبار للنضال و للإنسان المغربي عامة قبل الايديولوجية، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بها، وتعزيز روح المشاركة في المؤسسات، واسترجاع الثقة فيها، ونشر ثقافة التسامح، إلى غيرها من القيم والمبادى الكبرى. و هذا ما يتطلب نقدا صريحا و مسؤولا لما تبقى من اليسار المغربي، انطلاقا من السعي القلق الهادف إلى تأصيل الفكر الوطني البرغماتي، بعيدا عن أي تبخيس أو تقديس للشرعية التاريخية والطليعة المجتمعية، و بقايا فاشية الاشتراكية والأنظمة القومية.
و من أجل يسار مواطن آخر جديد وممكن، يستحضر الطريق الرابع طبيعة المرحلة وما تمر منه بلادنا من تحديات وطنية ودولية، و يدعو إلى البحث عن صيغ وأشكال جديدة، قادرة على التعبئة والإيمان الحقيقي بالتغيير الاجتماعي، باعتباره صيرورة نضالية متعاقبة على المدى القريب و المتوسط و البعيد.
و من أجل تحقيق هذا المبتغى، يعتبر الطريق الرابع أن مقاومة الازدراء شرط ضروري لفهم الهويات اليسارية في بنائها والتي تدخل اليوم في صراع مع هويات أخرى، من أجل تأسيس قيم موضوعية للاختلاف، و إعادة الثقة في الفعل السياسي الحقيقي على أساس التضامن والتآزر ، والاجماع الوطني حول الوحدة الترابية، وتحصين الجبهة الداخلية لبلادنا، والحفاظ على المكتسبات، و دعم أوراش التقدم الاجتماعي والاقتصادي والصحي والبيئي، بعيدا عن الحقد والكراهية والتطرف والحلقية بكل أنواعها.
وصناعة برامج واستراتيجيات عملية تساهم في بناء مغرب المستقبل، بكل روح وطنية ومسؤولية وثقة، والمساهمة الإيجابية في الحراك المجتمعي، وملئ الفراغ الذي تستفيد منه الأمية والشعبوية والوصولية بكل أشكالها.
يتبع..
المريزق. م ( مؤسس الطريق الرابع)