بين مهاترات كابرانات الجزائر ورصانة ملك المغرب !
مرة أخرى ولا نعتقد أنها ستكون الأخيرة، يأبى “كابرانات” الجزائر إلا أن يتمادوا في تعنتهم، ويؤكدوا للعالم أجمع أنهم ماضون في مهاتراتهم وافتراءاتهم إلى أقصى حدود التحرش والاستفزاز، من خلال ما يقودهم إليه حقدهم الأعمى وخيالهم المريض من اتهامات رخيصة ضد المغرب.
وكأن تبديدهم لكل تلك الملايير الدولارات من أموال الشعب الجزائري في معاكسة مصالح المغرب الاقتصادية والمس بوحدته الترابية، عبر تسليح ميليشيات البوليساريو الانفصالية وإرشاء جماعات الضغط، لم تسعفهم في إشفاء غليلهم وتحقيق أهدافهم العدوانية وأطماعهم التوسعية.
ذلك أن النظام العسكري الجزائري لم ينفك ينصب العداء للمغرب، رغم أن عاهله محمد السادس ظل حريصا على مد يده البيضاء إليه وخاصة منذ نونبر 2018.
إذ عاد ثانية يوم 31 يوليوز 2021 لدعوة الأشقاء الجزائريين في خطابه التاريخي بمناسبة الذكرى 22 لاعتلاء العرش، إلى العمل سويا دون شروط مسبقة قصد بناء علاقات ثنائية متينة، تقوم على أسس الثقة المتبادلة والحوار الهادئ والمثمر واحترام حسن الجوار، مشددا على قوة الروابط المشتركة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين.
حيث أصر على تغاضي التصعيد الأهوج الذي ينهجه “كابرانات” العسكر ضد الوحدة الترابية والمعاكاسات المتواصلة، وأبدى رغبة صادقة في التقارب والتخلص من رواسب الماضي، معتبرا أن الجزائر ليست فقط بلدا جارا للمغرب وإنما هي توأم له، وأن ما يمس أمنها واستقرارها يمس كذلك أمن واستقرار المغرب…
بيد أنه وللأسف العميق قوبلت اليد الممدودة بالصدود والجحود، وبدا واضحا أن محاولة المصالحة لا تخدم مصالح “العصابة” واستراتيجيتها تجاه الحراك الشعبي الذي يطالب بمدنية الدولة ورحيل النظام العسكري الفاشي والفاشل، لأنها تريد الإبقاء على استخدام ورقة المغرب بمثابة ذلك العدو الخارجي الذي لا يؤتمن جانبه.
فسارع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الرد على العرض المغربي بأن بعث على غير العادة ببرقية تعزية في وفاة مسؤول من “مخابرات” جبهة البوليساريو الانفصالية إلى ابراهيم غالي، ليس بصفته زعيما لها ومجرم حرب، وإنما كرئيس لما يزعمون أنها “جمهورية عربية صحراوية ديمقراطية”…
ثم إنه سرعان ما قررت “الجزائر” في غفلة من الجميع قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في 24 غشت 2021، بسبب ما اعتبرته “أعمالا عدائية” تجاهها، وفق ما أعلن عنه وزير الخارجية رمطان لعمامرة في ندوة صحفية، حيث صرح بكون المغرب لم يتوقف يوما عن الأعمال الدنيئة والعدائية ضد الجزائر منذ حرب 1963، محملا إياه تعاقب الأزمات المتزايدة الخطورة، فضلا عن أنه سبق توجيه التهمة للمغرب وإسرائيل بالتآمر عليها، وضلوعه في إشعال حرائق الغابات بمنطقة القبايل، والحال أنه بادر منذ الوهلة الأولى إلى الإعراب عن استعداده للمساعدة، بوضع طائرتين خاصتين بمكافحة الحرائق رهن إشارة السلطات الجزائرية…
ولم يكف “كابرانات” الجزائر عن مهاتراتهم ودق طبول الحرب، أو يقفوا عند حدود تلك الاتهامات الباطلة والتوقف ابتداء من 31 أكتوبر 2021 عن ضخ الغاز الجزائري عبر الأنبوب الذي يمر من الأراضي المغربية نحو أوروبا.
إذ مباشرة بعد جاء قرار مجلس الأمن الدولي 2602 معاكسا لإرادتهم، ويشير إلى الجزائر بوصفها طرفا رئيسيا في النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، تأججت نيران الغضب في صدورهم وسارعوا إلى اختلاق تهمة أخرى لا تقل تفاهة عن سابقاتها، حيث ورد في بيان صادر عن الرئاسة الجزائرية في 4 نونبر 2021 بأن ثلاثة مواطنين جزائريين قتلوا، وأن “عدة عناصر تشير إلى ضلوع قوات الاحتلال المغربية بالصحراء الغربية في ارتكاب هذا الاغتيال الجبان بواسطة سلاح متطور” متوعدا بأن “الاغتيال لن يمر بدون عقاب” وما إلى ذلك من هذيانهم المعتاد.
وإذ يربأ عقلاء المغرب بأنفسهم عن الدخول في متاهة الافتراءات المجانية، فإن الرد جاء كالعادة رصينا وفصيحا في خطاب الذكرى 46 للمسيرة الخضراء المظفرة يوم السبت 6 نونبر 2021. ففي تجاهل تام لأساليب التهديد واستعراض العضلات، جدد الملك محمد السادس التزام المغرب بالخيار السلمي وبوقف إطلاق النار. وشدد على أن المغرب “لا يتفاوض على صحرائه، وأن مغربية الصحراء لم تكن يوما، ولن تكون أبدا موقع مفاوضات”، مؤكدا على التمسك بالمسلسل السياسي تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل سلمي للنزاع المفتعل، ومعتبرا أن الصحراء المغربية قضية المغاربة الأولى التي لا نقاش فيها، وأنها جوهر وحدتهم الوطنية والترابية، داعيا إلى مزيد من التعبئة واليقظة للدفاع عنها، وتعزيز المنجزات التنموية والسياسية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية. كما لم تفته الإشارة إلى أهم المكتسبات الدبلوماسية التي حققها المغرب، التقدم بأخلص متمنياته للشعوب المغاربية الخمسة بدوام التقدم والازدهار، والإشادة بدور القوات المسلحة الملكية في إعادة فتح وتأمين معبر الكركرات يوم 13 نونبر 2020 ووضع حد لاستفزازات واعتداءات عصابات البوليساريو، التي سبق للمغرب أن نبه المجتمع الدولي إلى خطورتها على أمن واستقرار المنطقة.
إننا موقنون بأن “تبون” و”شنقريحة” وأتباعهما لن يستيقظوا يوما على غير ما نشأوا عليه وتشبعوا به من غل وحقد ضد المغرب ونظامه السياسي، حيث ينطبق عليهم قول نبينا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام: “خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره”.
فالعصابة لا يرجى منها خير ولا يأمن حتى الجزائريون أنفسهم من شرها.
لكننا في المقابل نؤمن بقوة أن هناك جزائريين أحرار يرجى منهم الخير في إعادة الدفء مستقبلا إلى العلاقات الجزائرية-المغربية وقطار المغرب العربي إلى سكته الصحيحة …
اسماعيل الحلوتي