مابعد ريان … الدروس المستخلصة !!!
الحسين أمساسي
لم تكن مجرد حادثة ، طفل صغير سقط في حفرة بئر ، قاوم الموت ، سارع الجميع لإنقاده لكن القدر شاء أن يخرج مسلما الروح لخالقها ، حادثة ريان و التي تخطت حدودها محيط تمروت كي تصل كل العالم ، تحمل في طياتها رسائل و دروسا لنا بالخصوص كمغاربة ، تبدأ من شروط السلامة و من الاستخفاف بأمور بسيطة قد تكون لها انعكاسات كارثية ، و ما الصور و الفيديوهات المنتشرة اليوم لمئات الحفر و الآبار المفتوحة إلا دليل على أننا سنعيش قصصا أخرى اذا لم تتدخل السلطات بحزم و مسؤولية حماية لأرواح المواطنين .
لا احد ينكر تجند الدولة بكافة مكوناتها لإنقاد الطفل ، و هو أمر استحسنه الجميع ، مغاربة و غيرهم ، لكن ألم يحن الوقت لتحديث جهاز الوقاية المدنية و الإنقاد و تزويده بالوسائل اللوجيستيكية الأكثر تقدما ، ألم يحن الوقت لتكوين الأجهزة الأمنية و الداخلية للتصرف في مثل هذه المواقف خصوصا و أن العالم سجل و للأسف الحضور الغير المنظم و الغير المرغوب فيه لأمواج بشرية لم يكن لها من دور سوى التشويش و الضغط على عملية الإنقاد !!!
على الدولة أن تنتبه لأمر مهم جدا ، و هو حقل الإعلام ، فالترخيص لكل هذه القنوات الإلكترونية الغير المؤهلة و المنتشرة كالفطر ، طبع ملحمة ريان بمشاهد لا تليق بنا كدولة يحترمها الجميع ، قنوات لا تحترم أخلاقيات المهنة و لا خصوصيات الناس ، مما فسح المجال لانتشار الإشاعات و الأخبار الزائفة ملوثة المشهد بأكمله !!!
غابت الحكومة عن المشهد ، و هذا الغياب كانت له انعكاسات سلبية ، لأن البوصلة في مثل هذه المواقف هو ناطق حكومي في شخص وزير الداخلية مثلا ، يقدم المستجدات و يطمئن المواطنين .
لكن الجميل هو هذا التضامن و هذا التلاحم الذي عبر عنه المغاربة ، أجهزة و شعبا ، و هو أمر يجب أن بنتبه إليه الجميع ، و على الحكومة المغربية تغذيته بتحسين الظروف الاجتماعية للمواطنين ، فيما على النخب السياسية و المجتمع المدني أخذ الدرس من واقعة ريان ، تحييد المصالح الخاصة و الانخراط في عقد مجتمعي تحكمه مبادئ التضامن و الوحدة و المواطنة الحقيقية .
قصة ريان أثبتت بالملموس أنه مهما اختلف الاشقاء اليوم ، فإن مئات السنين من العيش و المصير المشترك لا يمكن ان تذيبها خلافات سياسية ، لذلك ابانت الشعوب عن مواقف يجب استثمارها كورقة ضغط لفتح الحدود و نبذ الخلاف و بناء مغرب كبير خدمة لمصالح دول و شعوب المنطقة ، الانفتاح على كل الثقافات و احترام الأديان و نبذ الكراهية و جعل الإنسانية منارة القلوب .
رحل ريان فأدمى القلوب ، لكنه ومن داخل الجب ، قاد ثورة ناعمة سيكون لها ما بعدها إن نحن عملنا على استغلالها على الوجه الأكمل ، إن نحن استثمرنا بصدق كل هذا الحب ، كل هذا الكبرياء ، كل هذا الطموح ، كل هذا التلاحم الذي يجمعنا كمغربيات و كمغاربة .