لماذا لا يجب أن يرحل أخنوش؟
ينبغي أن يفهم أخنوش قبل كل شيء أنه يسير حكومة وليس شركة.
حين تخسر الشركة من الطبيعي أن يختار المالك الطريقة التي يريد في تدبير الأزمة، لكن حين يتعلق بقضية تهم تدبير الشأن العام، فإن كرئيس للجهاز التنفيذي أن يتحدث، أن يقول للمغاربة إن ثمن المحروقات ارتفع على المستوى العالمي وأن سلاسل النقل تعاني من مشاكل عميقة منذ أزمة كوفيد19.
أما أن يركن للصمت، وكأن شيئا لم يحدث، فهو إمعان في التقصير في ممارسة أدوار الحكومة.
وينبغي على أخنوش أيضا أن يدرك أن مهاجمته ستصاحب ولايته الحكومية لأسباب ذاتية وموضوعية. فهو مالك أكبر شركة للمحروقات بالمغرب ويستحوذ على حصة كبيرة من السوق، واتهمته لجنة استطلاع برلمانية بمعية شركات أخرى باستغلال قرار تحرير المحروقات من طرف حكومة ابن كيران التي لم تسن أية آليات لمراقبة الأسعار.
وفوق ذلك، فإنه قدم وعودا كبيرة في برنامجه الانتخابي تشبه التي قدمها حزب العدالة والتنمية غداة أول انتخابات في الدستور الجديد، ولذلك فإن المحاسبة ستكون حادة من الرأي العام. وثمة سبب نفسي، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هو أنه أغنى أغنياء المملكة، ومن الطبيعي جدا أن يساءل أكثر من أي مسؤول آخر.
على العموم، هذه معضلة التكنوقراط في المغرب، حين يواجهون احتجاجات اجتماعية، يعجزون عن المواجهة، مثلما حدث في حراك الريف وجرادة وزاكورة.
مع ذلك، أضحك كثيرا حين أقرأ أن شعار “أخنوش ارحل” أصبح “ترند” في المغرب. يمكن لأي أحد أن يدفع دولارات قليلة كي يصير من يشاء في المغرب ترند. الترند لعبة غبية. أعمق شيء في اللعبة السياسية هو أن يصوت برجوازيو حي الرياض على حزب العدالة والتنمية في 2011، ويخرج كريم التازي ليعلن دعمه لابن كيران.
الترند هو نفس الأسلوب الذي استعمله أعداء العدالة والتنمية في ولايتيه الحكومية، مع فرق بسيط أن الذي تولى المهمة الآن هم جزء من الإسلاميين، وهذا، على كل حال، حقهم في التدافع السياسي. لكن أن يتحول إلى شعار سياسي في محيط سياسي مغاربي ملتهب، ينم إما على غباء سياسي أو على شعبوية منحطة.
أخنوش لا يجب أن يرحل، لأنه جاء إلى الحكومة بصناديق الاقتراع على علاتها البنيوية، ويجب أن يرحل بصناديق الاقتراع، ومثلما كنا ندافع بشراسة عن تجربة العدالة والتنمية يجب أن ندافع عن هذا الحد الأدنى في الحفاظ عن التجربة الدستورية في تعيين الأمين العام من الحزب الأول. إنه أهم مكسب دستوري في دستور 2011.
هل يمكن أن نحاسب تجربة أخنوش بعد أربعة شهور فقط؟ لا يمكن ذلك.
وهل يمكن أن يحاسب لوحده؟ لا يمكن ذلك أيضا. قد يقول البعض إنه مسنود من الدولة؟ وهل حزب العدالة والتنمية كان مسنودا من النهج الديمقراطي كي يحافظ على ولايتين حكوميتين كما لم يحدث في أي بلد آخر.
أخنوش رجل اقتصاد لكن يفتقد لحاسة الاستباق التي يتربى عليها عادة رجال السياسة عادة، ولديه و حزب التجمع الوطني للأحرار وهم مبالغ فيه، بأنه هو من أسقط الإسلاميين، الرهان الذي فشل فيه إلياس العماري بكل الوسائل التي أتيحت له، ويعتقد أنها أسطورتها الشخصية والسياسية، علما أن الذي أسقط حزب العدالة والتنمية، هو حزب العدالة والتنمية نفسه.. واسألوا العثماني..