الدين والسياسة ؛ تعارض في المبدأ
عبد السلام المساوي
الإسلاميون لن ينجحوا لسبب بسيط جدا ، وهو أن هناك تعارضا في المبدأ بين الدين والسياسة ، وهذا ما بينه المفكرون السياسيون ، قدماء ومحدثين ، منذ أقدم العهود ، فالسياسة تقوم على تدبير الممكن في العلاقات الإنسانية بين البشر بحسب ما هو متاح في هذا العالم ، في حين أن الدين هو مجال تدبير المطلق في العلاقات بين الانسان وآلهته في ما يتجاوز هذا العالم .
السياسة تهدف لتدبير شؤون الحياة ، في حين أن الدين يسعى للجواب عن أسئلة الموت .
مجال السياسة هو المصلحة التي تقاس كميا واستراتيجيا و ” فيزيقيا ” ، في حين أن مجال الدين هو الأخلاق والروحانيات التي تدرك ” ميتافيزيقا ” .
السياسة مجال تدبير الملموس والمجسد ، في حين أن الدين مجال تدبير الغيبي والمجرد …
لهذا فصل الفلاسفة بين الأمرين معتبرين أن الدين يدخل في إطار الاختيارات الشخصية للأفراد ، فلكل انسان الحق في أن يعتقد في ما يشاء بحسب ما يرتضيه تفكيره ووجدانه ، أما السياسة فتدخل في إطار العلاقات المشتركة في المجال العام والتي تنظم علاقاتنا في السوق والشارع والإدارة …وكل خلط بين المجالين يؤدي الى كوارث وحروب ومصائب ، بل إن ادخال الدين في السياسة يضر بالسياسة وبالدين معا …
الإسلاميون إذن ليس فقط لم ينجحوا بل لن ينجحوا , وأضرب لكم موعدا بعد ألف سنة لنتأكد.
طبعا هذه قناعتي انا ، وطبعا هناك أناس ( وهم الأغلبية ) لن يقتنعوا بهذا الكلام وسيرغبون في إعادة ( اختراع العجلة ) …سيبدو هذا لمن هو مثلي مضيعة للوقت وإخلافا لموعد تاريخي حاسم ، بل سيبدو هنا تراجيديا ومحزنا ومؤسفا.
لكن التاريخ حزين ومؤسف بطبيعته ، وإن كان هذا هو الثمن الواجب دفعه ( عقود كثيرة ضائعة وضحايا بمئات الآلاف ربما ) ..فلسنا نملك شيئا ، فالعالم والتاريخ لا يمشيان وفق ارادتنا نحن .