المغاربة المبشرون بال…..فرصة!
عبد الحميد جماهري
يتناوب الوزراء في الحكومة على تعداد مناقب برنامج «فرصة»، القاضي بتخصيص 125 مليار سنتيم لتوظيف الشباب ما فوق 18 سنة منهم 10 آلاف شاب في 2022.. ويتلذذون بإعلان أرقامه، كما لو أنهم يبشرون المغاربة بميلاد جيل سيولد وفي فمه ملعقة من … ذهب وبترول!
جيل سيتباهى أمام أقرانه بأنه نجا من زمان ما بعد الوباء وزمن الحرب الأوكرانية الروسية بفضل فرصة ….لا تتجدد إلا مرة في القرن!
ولا أحد يمكنه أن يشكك في العرض الذي تمنحه الحكومة الحالية للشباب المغربي، الذي سيكون من بين المبشرين بالفرصة !
ويشهد الله في هذا الشهر المبارك أنني أدعو من شغاف سويداء قلبي، بالرغم من ارتفاع الضغط ونسبة السكري والشحوم الثلاثية، بأن ينخفض الضغط على أسرهم ويتمتعون بفرصة جيدة، ينتهزونها للوصول إلى أقرب محطة في أقرب وقت للسعادة في مغرب الحكومة الجديدة
وهذه حكومة منسجمة مع نفسها عندما تعرض .. فرصة وتقول ل10 آلاف شاب « انتهزوا الفرصة قبل فوات الأوان.»!
وكل من يقرأ تعويذة فرصة في ما ورد في ديباجة تخص البرنامج، يعرف بأن الأموال موجودة في المغرب عندما يفكر الأثرياء في الحكومة في العثور عليها، ثم «يجبدونها جبدا«!، وأن الخبراء موجودون أيضا …وأن الآفاق مزدهرة، ولا مجال للشك ومَنْ شكَّ فإنما شكُّه على نفسه.. ومن حسن ظني بالفرصة أنني أرى عكس رفاقي في المعارضة، بكل تلاوينهم، أن البرنامج بدأ بالتشغيل قبل الأوان، وبذلك يكون قد أعطى «إشارة قوية» كما يحب صديقي المتفائل القول.
على الأقل هاهي فرصة تمنح العمل، لثلاثة أطراف على الأقل:
– الأول من المستفيدين وزيرة السياحة، حيث أنها ستتولى ملفا كان المنطق الذي يسود عند المهتمين، هو أن يعود ملف التشغيل إلى وزير التشغيل، وتعود مهمة الإدماج إلى وزير الإدماج وهدف إنشاء المقاولات إلى وزير المقاولات.. لكن شاءت حكمة الحكومة حكما آخر!
ولا داعي للتفكير في التسويغ المسطري، من زاوية القوانين والمراسيم المنظمة فتلك خضرة فوق اطعام في يوم رمضاني!
والمستفيد الثاني من فرصة حتى من قبل أن تبدأ، هي الشركة المغربية للهندسة الفلاحية…
وأما المستفيدون من الفرصة ثالثا فهم المؤثرون وإخوان الانستغرام والفايسبوك، وغيرهما من ملل ونحل التواصل المستجد، وهم في ذلك سينالون، في بعض الحالات، أضعافا مضاعفة السقف المخصص لكل مستفيد من الشباب الفرصوي!!
لي إرادة طيبة في مدح الفرصة، ونية صادقة في أن أعمل على إنجاحها…بالرغم من أنني لست مؤثرا وما ينبغي لي!
وعليه أرى أنه من الظلم أن ينشغل المغاربة، المعارضون منهم والمؤثرون والحكوميون والمتغولون وأصحاب الضراعة…..، بالغازوال ويتركون الفرصة تضيع من بين أيديهم، بدون اهتمام يليق بها.
فرصة أيها السادة أكرر ستشغل 10 آلاف شاب، وهي موزعة على كل الجهات والأقاليم والدواوير والقبائل وكل من تنفس وذكر اسم ربه فصلى..
وفي سنة واحدة، مثلا، سيكون لجهة الدار البيضاء سطات 1800 فرصة للتشغيل، مقسومة على 153 جماعة بين قروية وبلدية، سيكون من حظ كل واحدة منها، ما يزيد عن 10 فرص لتشغيل 10 شبان وإنقاذ بعض المقاولات فيها!
في الدار البيضاء لا شك أن هذا الرقم المهول سيغير من المعطيات المونوغرافيا ومن معطيات مندوبية الإحصاء والتخطيط حول البطالة.
بل إن الذين يشكون في جدواها يمكن أن يتخيلوا قرية غير الدار البيضاء يشتغل فيها هذا العدد المهم من الشباب بمشاريع تدر الربح… والراسمال!
لم أطل التساؤل في الحكمة من اختيار وزيرة السياحة أمرا هو في الواقع من اختصاص وزير التشغيل الشاب!
ولست من الذين يفاضلون بين الوزراء والوزيرات، فهم كلهم من حكومتنا ونحن نحترم حكومتنا بلا ضفاف ولا تحيز جندري مقيت..
»غير وكان«، لا أرى ضرورة تغيير الإطار، من التشغيل والإدماج الاجتماعي إلى السياحة!
وليس مهما في هذا الباب أن نبحث عن جوا منجل القانوني ونسأل إلى أي حد يستقيم هذا مع ذاك، وتدبير ذلك من داخل التوازن الحزبي في الحكومة.
المهم، انطلق قطار الفرصة، وعلينا أن «نْفورْصيوْا» الأمل وننشط «بالضوباج» عضلاته!
ولم أفهم، صراحة، اللجوء إلى شركة الهندسة السياحية، وقد كانت موضع تدقيق من طرف المجلس الأعلى للحسابات…
ولعلي لن أجانب الصواب، تواضعا جمَّا كلا، إذا ما قلت بأن الشبهة تعطل النية الحسنة…
وأن أصدق تصديقا يكاد يكون صوفيا السيدة جيهان الوزاني، مديرة الاستراتيجية والتخطيط بالشركة المغربية للهندسة السياحية، عندما تقول إن إسناد المهمة يعود إلى الخبرة التي راكمتها في مجالات وأنشطة متعددة، «حيث إنها قادت برامج مماثلة أوكلت لها من طرف العديد من الوزارات أو مجالس الجهات أو مؤسسات عمومية والتي توجت بالنجاح وتحقيق الأهداف المسطرة لها وفقا لمؤشرات أداء محددة سلفا تهم الجوانب المتعلقة بجودة المقاربة المعتمدة وضبط تكاليف الإنجاز واحترام آجال التنفيذ».
لكن السيد المجلس الأعلى للحسابات يجهض علينا هذا التفاؤل ويأبى إلا أن يشكك في ذلك، عندما يثبت أن مساهمات الشركة في ما يتعلق ببرنامجي «قريتي» و«مدينتي» اللذين تم إعدادهما من قبلها في وقت سابق واللذين يشكلان أداتين لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسياحة، «لم يتم إنجاز أي من المشاريع المبرمجة في إطارهما».
ويزيد في الطين بلة ويقول إن الشركة هي نتيجة توليفة تجارية جمعت بين شركتين لتهيئة خليج اكاديرمعتم اكادير)…
والمجلس الأعلى للحسابات يشدد على الجزء الفارغ من الكأس بشكل مقلق حقا ويشير إلى أن «كل الدراسات التي أجرتها منذ تأسيسها همت حصرا وضع خطط لإعادة هيكلة .. الشركة نفسها!!! «
أي أن الشركة لا تغادر المرايا ولا تنظر لغير نفسها، تمشط وتعاود تمشط مثل الأميرة النائمة..ولم تعتن إطلاقا والكلمة من تقرير المجلس بوضع برنامج تنفيذ السياسة العمومية في مجالها..
من أجمل ما قرأت في نثرية المجلس أعلاه: «إن مهنة الهندسة السياحية ما زالت في مراحلها الأولية بالشركة..»!!!
ستتعلم في رؤوس الشباب.. والأقسى والأمرّ عندما يقول التقرير «إن الشركة مطالبة بمراجعة نموذجها الاقتصادي المبنى على وضعية ريعية..»!
لم تراجعه، بل يبدو أنها رسَّمته!
المستفيد الثالث هم إخواننا المؤثرون، ولو كانت بهم خصاصة!
وهي قصة معقدة، كما أعترف، لا يمكن تلخيصها في تخصيص مليارين وثلاثمئة مليون سنتيم لعملية التجميل المؤسساتي لفهمها..!
ولا يمكن وضعها في معادلة، تضع الصحافيين التقليديين في مواجهة المؤثرين القدامى منهم والجدد، ولا في شكليات أخرى..
يتبع!