لا تتركوا الرئيس الكيني وحيدا…! بعد أن أثبت شجاعته السياسية..
عبد الحميد جماهري
ما من شك أن الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو، سيكون تحت ضغط كبير في القادم من الأيام . وما من شك أن الضغط الذي سيخضع له، مصادره متعددة، وأول »موطن« سيصدر عنه هو بنية النظام السياسي الكيني نفسه، وبالذات كل البنيات التي تأسست في العهود السابقة، منذ دانييل أراب موي..
ولعل الديبلوماسية المغربية تشعر بالضبط أن المهمة الأساسية لها في القادم من الأيام هي كيفية مساعدته على…. المقاومة. ونحن نقصد بالفعل ما نقصده بالمقاومة.
والديبلوماسية هي الأكثر معرفة بالشعور المناهض للمغرب هناك، سواء في أروقة الدولة ذاتها، عندما تزور العاصمة نيروبي أو قصر الرئيس نفسه، أو في أروقة التمثيليات الكينية في الهيآت الأممية.
ولعل هذا الشعور هو الذي فرض على المغرب أن يختار الدفع باتجاه الموقف الإيجابي من قضيتنا الوطنية قبل أن يستكمل الرئيس هيكلة الدولة بعد انتخابه( حتى إن البيان المشترك كان الموقع الإلكتروني لقصر رئاسة جمهورية كينيا هو الذي أورد فقرات منه)
والمصدر الثاني للضغط، في تكامل مع السابق، سيكون من دول الجوار، التي لن تقبل بأن تلعب كينيا أدوارها كاملة في استقلال عن دائرة النفوذ التقليدية، ونعني بها جنوب إفريقيا.
وقد ظلت جوهانسبورغ الحلقة الثالثة في محور دام طويلا وتكرس بقوة، يربط بين الجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا. وهذا المحور حصل فيه »كسر«، وخرجت منه نسبيا نيجيريا بالآفاق الجديدة التي أصبحت تربطها بالمغرب، كما أن كينيا سيكون عليها أن تلعب دور المقابل الإقليمي الموضوعي في وجه جنوب إفريقيا..
الضغط الثالث سيكون من المصالح الخارجية للدول التي تتنافس في كينيا وعلى دائرة نفوذها، الصين أساسا والدول الغربية ….
من عناصر القوة التي سيعول عليها المغرب، أولا هو أن الموقف الحالي هو امتداد للموقف الذي سبق للسيد ويليام روتو أن عبر عنه، إبان كان نائبا للرئيس السابق، ومرشحا للرئاسة.
وكان هو نفسه، كما تناقلت وسائل الإعلام في حينها، قد عبر بوضوح تام عن أن مخطط الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية للمملكة تحت السيادة المغربية، »هو أفضل حل لقضية الصحراء«.
وقال روتو خلال استقباله من طرف سفير المغرب في كينيا، المختار غامبو، مساء يوم الثلاثاء 23 مارس 2021 بمقر إقامته بنيروبي، «»أعلن بصفتي نائبا لرئيس كينيا أن مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو أفضل حل لقضية الصحراء «.
كما أكد، وهو مرشح، آنذاك، للرئاسيات في غشت الماضي والتي قادته إلى قمة هرم الدولة في هذا البلد، أن »تمثيلية البوليساريو في نيروبي ليس لها أي معنى«.بل ذهب إلى حد القول بأن »خلق دولة انفصالية في جنوب المغرب ليس سوى وهم يغذيه أولئك الذين لا يحبون السلام ولا الوحدة، ولا الازدهار للبلدان الإفريقية«.
نقطة الارتكاز الثانية والتي يمكن للمغرب أن يغتنمها، تتمثل في التواجد الأمريكي في الشراكة مع كينيا، والحال أن واشنطن تقيم للمغرب وزنا كبيرا في تدبير علاقاتها مع إفريقيا ( وهو ما يثير غضب باريس كما نعلم ).
يضاف الى ذلك أن الدولة الصينية لا تنظر بعين شريرة إلى تواجد المغرب في القارة بالشكل الذي يجعلها تدخل في رهان قوة حول كينيا.
الأكثر من ذلك أن المغرب يعتبر في الجيو الاستراتيجية الصينية، المنصة الأكثر استقرارا في شمال إفريقيا ، القادر على لعب دور الوسيط الناضج ذي المصداقية في العلاقة مع القارة بالنسبة لها.
وبين الصين والمغرب شراكة استراتيجية متعددة الآفاق، لعل أهمها المنصات الدوائية واللقاحية التي تجمعهما، وتفرض عليهما الذهاب سويا باتجاه القارة… المعطى الرابع ، والذي سيأخذه الخصوم في الحسبان، هو أن كينيا سبق لها أن جمدت اعترافها بالجمهورية الوهمية ثم عادت إلى إنعاش العلاقات معها، قبل هذا التاريخ . وإذا كانت الخطوة الكينية الجديدة الشجاعة ضربة جديدة لـ»البوليساريو» فذلك ولا شك يذكرنا بأن هذه الاخيرة كانت تلقى دعماً من الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا، الذي أعاد إحياء الاعتراف بالجبهة عام 2014، بعد أن ظل مجمداً لسنوات بقرار من الرئيس الأسبق مواي كيباكي عام 2007.
هذه المعطيات عملت قوى الانفصال على الترويج لها على أعلى مستوى، كما أنها تغذي أمانيها بموقف مماثل مستقبلا..
وهو ما يضاعف من مهام الديبلوماسية المغربية والإسراع في تنزيل الشراكة الاستراتيجية والحوار السياسي مع نظام ويليام روتو في أقرب الأوقات..
الاتحاد الاشتراكي