حماية المواطنين والمواطنات أم حماية المستهلك؟
عادي أن تحدث مؤسسات وهيئات ولجن بعناوين تطمئن الناس وتبعث في نفوسهم بعض الأمل وتفتح لهم بابا على مدى البصر يتطلب إرادة وصبرا للوصول للغايات بعد تضحيات وانتظار قد يفسد النتيجة، لكن أن يتآكل الزمن وتطول الطريق ولم يتحقق ما كان متوقعا كما شرح ووعد به فالأمر والوضع يتحول إلى صدمة ثم ألم فضعف منسوب الثقة في أحوال الغد القريب والتحفظ على البعيد والخوف من المجهول …
أما الحديث عن المواطن والمواطنة كعماد للوطن والدولة فلأنهم البناة والمدافعون والشغيلة، هم المنتجون كأفراد أو أسر أو كشركات ومقاولات، هم المحركون للاقتصاد والمستهلكون، إنهم المستقبل والأمل، يفترض وجوبا أن تكون كل أجهزة ومؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية في خدمتهم ولتحقيق طمأنينتهم وتقدمهم ورخائهم وأمنهم الروحي والمادي والإنساني والحقوقي …
جميل أن يطلب من المواطنين والمواطنات، وفق القوانين المحدثة، أن يؤسسوا جمعيات لحماية المستهلك والترافع في مجالات حقوق الإنسان، وهذا قد يعني أن هناك إشكالات ومعيقات في تدبير السياسات القريبة والمسايرة لتفاصيل حياة الناس اليومية، فإذا كانت القطاعات الحكومية على علم يقيني بمعاناة الناس ومشاكلهم وكل ما يضايقهم فهي المعنية أساسا بالقيام بمنع وقوع أي ظلم أوتعسف يطال المجتمع …
إن جيوب الكادحين والكادحات في العالم بما فيه ما يطلق عليه المتقدم تعرضت لهجومات من لوبيات التحكم الاقتصادي والنقدي والطاقي ..التي لم تتخلص بعد من فكرها التحكمي الموروث عن عهود الاستعمار ولم تتحرر بشكل ناجح من أطماعها بأنها يحق أن تكون لها الريادة والسيادة على الجميع في كل شيء، فأصبح من كبرى اهتماماتها أن لا تتجاوز دول العالم الثالث العتبة التي يضعونها، فامتدت آثار سياساتهم الدولية الساعية لتكريس قطب واحد يتحكم في الجميع لتلحق الضرر بمواطنيهم الذين يعانون من الغلاء وضعف القدرة الشرائية وبات جلهم غير قادرين على السير بالوتيرة التي كانت تظهر لنا وهم سياح عندنا – ينفقون ويشترون بإفراط لا تهمهم الأثمنة – بأنهم أصحاب ثروات يحركون القطاع السياحي والتجاري والخدمات والأعمال وفرص شغل المرتبطة بهم وبأحوالهم …
الجميع يشتكي ويحذر من اجتماع الجفاف والأزمة الاقتصادية الناتجة عن السياسات العمومية الحكومية، والسياسيون والخبراء ومكاتب الدراسات والإعلاميون يعدون التقارير ويدبجون الأخبار ويصدرون البلاغات وينظمون الندوات من أجل حماية المواطن (ة) المغربي / المستهلك (ة) في مواجهة الغش والتدليس والاحتكار والغلاء، فهل نحن في حاجة لتجميع تلك التشريعات المتعلقة بحماية المستهلك في مدونة لتيسير التوفر عليها كاملة لمن يعنيهم الأمر؟ أم أننا بحاجة لسياسة اقتصادية اجتماعية عملية تمارس القرب من قضايا ومشاكل الناس وتمنع عنهم كل ما من شأنه أن يضر بقدرتهم الشرائية وبمستواهم المعيشي ؟ ولنا أن نتساءل: هل التشخيص واقتراحات البدائل التي صدرت عن مجلس المنافسة لحلحلة الوضعية وإيقاف تداعيات الأزمة والتوجه لمعالجة المسببات تعلق الأمر بتقارير المجالس، من مجلس المنافسة إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ..إلخ، إلى بيانات ومقررات القوى المدنية الحية والصادقة من المنظمات الحقوقية إلى الأحزاب والنقابات والخبراء …
ندعو الحكومة للابتعاد عن تبرير ما يقع للأسعار ومستوى الأجور والقدرة الشرائية، وأن تسعى إلى مقاربة اقتصادية اجتماعية عادلة تحيي قدرات الشعب وتوظف ثروات الوطن لتنمية الإنسان وتكريمه، وتبني مناعة قوية صلبة تحمي وتحفظ اقتصادها من مناورات المتحكمين في الثروة والاقتصاد العالميين…