لسان حزب الاستقلال: تدابير الفرجة وإعلان النوايا لا يمكن أن تمثل حلولا حقيقية لإشكالية ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية
تدابير الفرجة وإعلان النوايا لا يمكن أن تمثل حلولا حقيقية لإشكالية ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية
لم تنجح التدابير التي أعلنت الحكومة اتخاذها قبل أسابيع قليلة من اليوم ، في مواجهة الارتفاع المهول في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية في كبح جماح الزيادات المتواصلة في أسعار هذه المواد ، خصوصا فيما يتعلق بأسعار الخضر و اللحوم الحمراء و البيضاء .
و هكذا سبق للحكومة أن أعلنت قبل حوالي شهر من اليوم عن استيراد الآلاف من العجول و الأبقار مع تقديم تحفيزات جبائية للمستوردين ، لزيادة العرض في الأسواق الداخلية للحد من الارتفاع المهول الذي عرفه سعر اللحوم الحمراء في بلادنا ، و الذي وصل مستويات قياسية غير مسبوقة ، حيث وصل سعر الكيلو الواحد من اللحم الأحمر إلى أكثر من 120 درهم . كما أعلنت الحكومة ضمن تدابيرها عن الحد من تصدير الطماطم نحو الأسواق الخارجية لتغطية العجز في عرض هذه المادة و نذرتها في السوق الداخلية ، مما تسبب في ارتفاع كبير في سعرها ، تجاوز في بعض الحالات 15 درهم للكيلو الواحد ، و هو سعر تجاوز أسعار بعض الفواكه كالموز و التفاح . كما شنت السلطات العمومية حملة مراقبة عامة و قوية لمحاربة الاحتكار و انتهاز الفرص لمراكمة الأرباح غير المشروعة .
لكن رغم كل هذه الإجراءات و التدابير التي أشرت على تفاعل الحكومة الإيجابي مع انتظارات المواطنين، إلا أن التطورات المتلاحقة أكدت أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لإيجاد الحلول لمعضلة الارتفاع المهول للأسعار ، التي تعود بعض أسبابها إلى عوامل خارجية، بحيث أن المغرب ليس البلد الوحيد الذي يواجه أزمة حقيقية ترتبط بارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية ، بل إن الغالبية الساحقة من دول العالم تواجه هذه الأزمة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ، و بسبب مخلفات تداعيات وباء كورونا ، و بسبب انتهاز الشركات العالمية الكبرى الفرصة لمراكمة الأرباح على حساب معاناة المواطنين، بيد أن أسبابا أخرى تعود إلى عوامل داخلية ترتبط بطبيعة مسالك التسويق ، حيث يمر المنتوج الفلاحي الاستهلاكي عبر العديد من الوسطاء قبل أن يصل إلى المستهلك ، مما يرفع من عدد المتدخلين و يتسبب في ارتفاع الأسعار، و بتنظيم أسواق الجملة التي أصبحت عبئا ثقيلا على المستهلك ، و ترتبط أيضا بكثير من الممارسات غير المشروعة لبعض المتدخلين و الوسطاء خصوصا ما يتعلق بالاحتكار و غياب شروط المنافسة الحقيقية و غيرها من السلوكات الانتهازية المضرة بالمستهلك .
و هكذا عاد مؤشر ارتفاع أسعار بعض المواد التي عرفت انخفاضا مؤقتا إلى الارتفاع المهول من جديد ، خصوصا أسعار الطماطم التي عادت إلى مستوياتها القياسية ، و اللحوم الحمراء التي عاودت أسعارها التحليق عاليا ، و لحقت بها أسعار اللحوم البيضاء التي ارتفعت هي الأخرى خلال الأيام القليلة الماضية .في حين واصلت أسعار باقي المنتوجات الفلاحية ، خصوصا الخضر ، ارتفاعاتها و لم تكترث للإجراءات الوقائية و الردعية التي أعلنتها الحكومة .
و إذا كانت الحكومة تحرص على تطمين المغاربة بوفرة المواد الاستهلاكية خلال شهر رمضان المبارك ، وكان آخر تصريح في هذا الصدد لسيد وزبر الفلاحة و الصيد البحري . و هي فعلا كذلك ، حيث تتوفر جميع المواد الاستهلاكية الأساسية ، و أن السوق المغربي الداخلي لم يعرف خصاصا في أية مادة استهلاكية أساسية ، إلا أن الأسعار ظلت منفلتة و لم تنجح الحكومة لحد الآن في إيجاد الحلول الكفيلة بمعالجتها ، بحيث لا يمكن لحملات الفرجة التي يقوم بها رجال السلطة ضد تجار صغار في مناطق و أحياء شعبية ، و لا لإعلان نوايا أن يمثل حلولا حقيقية و فعالة لإشكالية ارتفاع أسعار منتوجات فلاحية في بلد صرف ملايير الدراهم على مخطط أخضر كان من أبرز أهدافه تحقيق الاكتفاء الذاتي و الأمن الغذائي من المواد الفلاحية .