الأزمة والتطور
الأزمة والتطور
عبد السلام المساوي
الاعتراف بالأزمة شرط ضروري للتفكير في حلها. وهذا التفكير يتطلب منهجية خاصة مستمدة من طبيعة الأزمة ذاتها، لأن التشخيص الجيد شرط ضروري، وإن لم يكن كافيا، لحلها.
يقتضي الحل وجود إرادة حقيقية لمواجهة واقع الأزمة وتوفير وسائل وظروف الفعل الذي يستهدف حلها.
كثيرون من يعترفون بوجود أزمة ما، وكثيرون هم من يملكون إرادة الحل، لكن تعوزهم الوسائل المادية والمعنوية لتفعيل تلك الإرادة.
وهناك، بالفعل، من يعلنون شعورهم بوجود أزمة ما، غير أنهم لا يستطيعون ترجمة هذا الشعور إلى إرادة مواجهتها.
وكثيرا ما تُمارس الأزمات مكرها من خلال إيحاءات تعقيداتها بأن جوهرها خارج معطياتها فينحرف البحث عن الحل إلى حيث لا حل أصلا .
يحدث التطور في مختلف المجالات تقريبا عبر سلسلة من الأزمات. لكن كل الأزمات ليست السبب الرئيس في التطور.
بل أكثر من ذلك، فإن بعضها يتحول إلى عائق أمام التطور، وخاصة عندما لا يكون الجسم الاجتماعي أو الهيئة المعنية بها في مستوى رفع تحديات هذه الأزمة.
وأسباب هذا العجز ليست وليدة عامل وحيد، موضوعيا كان أو ذاتيا، وإنما هي مزيج من عوامل كثيرة، ينبغي الحفر في مفردات الأزمة ومعادلاتها للكشف عنها باعتباره شرطا ضروريا لمعالجتها بشكل سليم.
البحث عن الحل خارج هذا المنطق نوع من العبث حتى ولو بدا جديا.
يتساءل المرء، أحيانًا كثيرة، عن جدوى الحياة. يقترن السؤال، غالبًا، مع هذه الأزمة أو تلك.
هو لا يتوقع التوصل إلى جواب محدد، وقد لا يرغب في ذلك أصلًا، غير أن السؤال يداهمه، هكذا، وكأنه محايث للأزمة التي يواجهها.
سؤال ميتافيزيقي، وجودي ومحير على الدوام، إلا أنه غالبًا ما يختفي ويعود إلى نوع من اللاوجود، بمجرد ما يتم التغلب على الأزمة.
هكذا يهاجم السؤال المرء على حين غرة ويختفي بالطريقة إياها، متحينًا فرصة الهجوم مرة أخرى، إلى ما لا نهاية.
أو بالأحرى حتى آخر نفَس.