ورطة لقجع الكبرى!
ورطة لقجع الكبرى!
ما كنت أتمنى لرجل من طينة فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية وعضو الاتحاد الإفريقي لكرة القدم والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، الذي هتف الكثير من المغاربة باسمه في أكثر من تظاهرة رياضية، لما يبذله من جهود جبارة ساهمت في صناعة الفرح وتطوير كرة القدم على مستوى الأندية والمنتخبات وأوصلها إلى تحقيق ألقاب قارية وبلوغ العالمية، أن يجد نفسه اليوم في ورطة كبرى بسبب إخلاله بالوعود التي قطعها على نفسه فيما بات يعرف إعلاميا ولدى الرأي العام المغربي ب”فضيحة تذاكر مونديال قطر 22″.
فكما يعلم الجمهور الرياضي المغربي الواسع ومعه جميع المهتمين بالشأن الرياضي عبر العالم، أنه وعلى إثر تفجر هذه الفضيحة التي خلفت موجة من الغضب الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي وبمختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية، قال رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع في كلمة له خلال الاجتماع المديري الذي انعقد يوم الثلاثاء 27 دجنبر 2022أن من بين ما أفسد على المغاربة فرحتهم بتأهل منتخبهم الوطني إلى دور نصف نهائي كأس العالم “قطر 22″، هو ما تم الكشف عنه من تلاعبات بخيسة وبئيسة ليس أبطالها سوى مجموعة من المحسوبين على أسرة كرة القدم الوطنية.
وبصرف النظر عن طريقة تدبير عملية توزيع التذاكر التي عرفت عدة إشكالات مع مرور المباريات، خاصة أن الجماهير المغربية لم تكن تتوقع تحقيق “أسود الأطلس” ذلك الإنجاز التاريخي غير المسبوق، فإن فوزي لقجع توعد من أسماهم بالبؤساء الذين استغلوا الحدث، بأنه لن يتوانى شخصيا في اتخاذ كل الإجراءات الصارمة في حقهم وفي أقرب الأوقات، كيفما كان شأنهم وكيفما كان منصبهم وكيفما كانت مسؤوليتهم. وحدد لذلك تاريخ 10 يناير 2023 موعدا لاطلاع الرأي الوطني على نتائج البحث بكل وضوح وشفافية، ولاسيما أن لجنة من قضاة الجامعة ستنكب على دراسة التقارير التي توصلت بها من لدن السلطات المعنية، وتنزيل العقوبات الملائمة في حق كل من ثبت تورطه من قريب أو بعيد.
بيد أنه عاد خلال شهر مارس 2023 في ندوة صحفية بصفته وزيرا منتدبا لدى وزيرة الاقتصاد والمالية مكلف بالميزانية، ليخبر الرأي العام الوطني بأن التحقيق القضائي بخصوص فضيحة تذاكر المونديال مازال متواصلا.
إذ اتضح أنه ليس بالأمر السهل كما كانت الجامعة تعتقد من ذي قبل، وربط ذلك بتشعباته وأبعاده، لافتا انتباه الحاضرين وعبرهم كافة المواطنين بأنه سيتم الإفراج عن نتائج التحقيق في المراحل القليلة المقبلة، مشددا على أنه سيتم اعتماد الشفافية في الملف ومعاقبة المتورطين في تلك الفضيحة النكراء التي أضرت كثيرا بصورة المغرب وسمعته.
وفي ذات السياق توعد كل من سمح لنفسه بالتدخل في هذه الممارسات المشينة والمتعارضة مع الأخلاق الرياضية والروح الوطنية، مؤكدا على أن الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن أسماء المتابعين وإنهاء النشاط الرياضي للمدانين منهم قضائيا…
فمنذ ذلك الحين إلى اليوم ونحن في أواخر شهر يوليوز 2023 وبعد أن مرت مياه كثيرة تحت الجسر، وأخذت تلك الصورة الجميلة التي رسمها المغاربة لرئيس جامعة كرة القدم الوطنية تتضبب في عيونهم ومصداقيته تتآكل، بفعل ما طال ملف “الفضيحة” من تماطل ومحاولة طمس الحقائق، حيث يرفض الكثير من المهتمين بالشأن الرياضي والجماهير الرياضية وفعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، تعامل السلطات المعنية بمبدأ الكيل بمكيالين في مثل هذه القضايا المعروضة على أنظار المحاكم المغربية وتأخير الحسم في بعض الملفات دون أخرى.
ويعيبون على لقجع إخلاله بالوعود التي قطعها على نفسه والموثقة بالصورة والصوت، رافضين أن يلحق بكوكبة المسؤولين المتعودين على مثل هذه الممارسات المستفزة، دون أن تطالهم المحاسبة عند نهاية ولايتهم.
ذلك أن الاستمرار في “المراوغات” وعدم الكشف عن أسماء جميع المتورطين في ملف “فضيحة تذاكر المونديال” والاكتفاء فقط بمتابعة من افتضح أمره مثل رئيس نادي أولمبيك أسفي محمد الحيداوي، لن يعمل سوى على إثارة المزيد من الجدل والشكوك، خاصة أن “التحقيق” قد انتهى منذ فترة طويلة بعد الاستماع إلى المتهمين المفترضين من مرافقي المنتخب الوطني إلى دولة قطر، التي احتضنت فعاليات كأس العالم في الفترة الممتدة من 20 نونبر إلى 18 دجنبر 2022.
فهل هناك جهات أكبر من رئيس الجامعة تتستر عن المتورطين، أم أن المسألة برمتها تندرج في إطار تبادل المصالح؟ فالتمادي في التلكؤ والتردد لن يزيد المغاربة إلا إصرارا على المطالبة بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وإنهاء هذا المسلسل المؤرق من الانتظار والترقب…
إننا لا نريد لملف “فضيحة تذاكر المونديال” أن يلطخ سمعة رئيس الجامعة والإساءة إلى صورة المغرب دون أن ينال أبطاله من المفسدين جزاءهم، ولاسيما أن بلدنا المغرب مرشح لاحتضان بطولة كأس العالم 2030 في ملف مشترك مع كل من إسبانيا والبرتغال.
فالرجل استطاع في أقل من عشر سنوات على توليه رئاسة الجامعة، أن يحقق بدعم من العاهل المغربي محمد السادس ما لم يستطع سابقوه تحقيقه على مدى عقود، لذلك نريده كما التزم بوعود برنامجه في النهوض بمنظومة كرة القدم والانتقال بها من الهواية إلى الاحتراف، تطوير التجهيزات ومراكز التكوين والبنى التحتية وغيرها كثير، الالتزام أيضا بوعوده في هذا الملف الأسود أو التعجيل بتقديم استقالته، حفاظا على مصداقيته وكرامته.
اسماعيل الحلوتي