الغاء معاشات البرلمانيين والوزراء بيد الملك
عبدالسلام المساتي
ما دام الملك هو الذي يحسم في جل القضايا الكبرى التي يحدث حولها الخلاف بالبلاد ،فقد كان من الضروري مراسلته بشأن ما بات يعرف بملف “معاشات البرلمانيين والوزراء“لهذا الغرض وقع 50 ألف مغربي ومغربية على عريضة الغاء هذه المعاشات و أرسلت للديوان الملكي قبل أيام..تم الاكتفاء ب 50 ألف توقيع رغم أنه كان بالإمكان الحصول على توقيع 90 % من المغاربة إلا أن ذلك يتطلب وقتا أكثر مما قد يدفع ببعض الهيئات السياسية للالتفاف على مطلب ” الالغاء“وتقديم اقتراحات من أجل “التعديل“..وبالفعل فمجموعة من الفرق الحزبية تقدمت بمقترحات لتعديل قانون معاشات الوزراء والبرلمانيين،أولها حزب التقدم والاشتراكية الذي أعلن عزمه تقديم مقترح قانون يهدف لمراجعة هذه المعاشات..وعلى نهجه أيضا سارت أحزاب العدالة والتنمية،الأصالة والمعاصرة،الاستقلال والاتحاد الاشتراكي..محاولين الزعم أنهم يتفاعلون مع هذا المطلب الذي أصبح مطلبا شعبيا بعد العبارة الشهيرة “2 فرنك “لصاحبتها الأستاذة الوزيرة شرفات أفيلال والتي كانت سببا في فتح ملف ضخم يكلف خزينة الدولة ملايين الدراهم سنويا. إذ أنه وبحسب ظهير 1.74.331 ل 23 أبريل 1975 يتقاضى الوزير المتقاعد مبلغ 39 ألف درهم شهريا إذا لم يكن له أي مورد دخل آخر،وإذا كان له دخل أقل من 39 ألف درهم فإنه يتقاضى الفرق بين مبلغ دخله ومبلغ التقاعد،في حين أنه لا يتقاضى شيئا إذا كان دخله أكثر من 39 ألف درهم..ولا علاقة لتقاعد الوزير بالمدة التي يقضيها على رأس الوزارة،أي أنه يحصل على تقاعده وإن تم استو زاره لعشرة أيام فقط،وإذا مات فإن ذوي الحقوق يحصلون على 50 % من المعاش مدى الحياة..
أما بالنسبة للبرلمانيين فينظم تقاعدهم قانون 24.92 (النواب)و قانون 53.99 (المستشارين) التي يستفيد بموجبها البرلماني من معاش 5000 درهم صافية إذا ما أكمل ولايته التي هي 5 سنوات، وإذا لم يكمل الخمس سنوات فبإمكانه الاستفادة من معاش يتم تقديره على أساس المدة التي قضاها بالبرلمان والتي لا يجب أن تقل عن السنتين..هذا المعاش يتقاضاه البرلماني مدى الحياة دون أن ينتقل لذوي حقوقه بعد موته..
هذه الأرقام تفسر لنا بجلاء لما انزعج الرأي العام المغربي جدا من عبارة “2 فرنك “خاصة وأن هذا الرأي العام غير مقتنع بدور الوزراء والبرلمانيين ويعتبر أن عملهم غير ذي فائدة ولا يؤثر في حياة المواطن بطريقة مباشرة ،وإن حدث تأثير ما فإنه يكون بطريقة سلبية حتى أن كلمة ” الوزير ” ارتبطت في مخيلة المغربي بالزيادات في الأسعار واختلاس المال العام،في حين ارتبطت كلمة “البرلماني” بالنوم،بحكم الصور التي يظهر فيها بض البرلمانيين وهم نيام تحت القبة والتي انتشرت على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي
أقصد أن اللاتوازن بن فئة تتقاضى أجورا ومعاشات مرتفعة وبين فئة لا تتقاضى شيئا تقريبا،كان لابد أن يقود نحو الانفجار إلا أن الانفجار جاء بصورة سلمية لم تتجاوز التنديد وتوقيع العرائض …مما يؤكد أن المواطن المغربي يبحث دائما عن الحل السلمي والتوافقي..ولكن إلى متى؟؟؟
خطأ الدولة عندنا أنها مازالت تسير البلد بعقلية قديمة ولا تريد ان تفهم أن العالم تغير وأن المغرب ليس بمعزل عن هذا العالم حيث صارت المعلومة في متناول الجميع في ظل الثورة الالكترونية التي تجتاحنا..فما كان مقبولا بالأمس ماعاد مقبولا اليوم،وما كنا نجهله بالأمس صرنا نعرفه اليوم..صرنا نعرف أن الوزراء والبرلمانيين يتقاضون الملايين دون وجه حق وننتظر من الملك أن يعيد الحق لصراطه..