“مكر الأزمات في زمن المتغيرات”
“مكر الأزمات في زمن المتغيرات”
#بقلم_صابرين_المساوي
“لا يكفي أن يكون لنا عقل جيد، الشيئ المهم هو استخدامه بشكل جيد” ديكارت
لا يمكننا السير في الاتجاه المعاكس لقانون الطبيعة التي لا تكف عن التطور، فالكون من حولنا يتغير والمعطيات تختلف، وإذا واجهنا هذا التغيير بالتجاهل والجمود تحول إلى حركة عشوائية تغلب عليها مظاهر الفوضى والتشويش والقلق وعدم الاستقرار والخوف ثم يصبح المصير تعيسا ويائسا، فلا مكان في الطبيعة إلا للأقوياء.
إن التغيير في حد ذاته وسيلة وليس بغاية، وإذا كان التغيير تقليدا للغير فهو بدون معنى، ولا يمكن أن يتم التغيير إلا بتوفر المعلومة اللازمة والمهارة اللازمة في الوقت المناسب، أما المكان فلا حديث عنه بذكر المستقبل.
إن التغيرات التي يشهدها العالم تؤثر بشكل مباشر على جميع مناحي الحياة، والاعتراف بالأزمة شرط ضروري للتفكير في حلها.
وهذا التفكير يتطلب منهجية خاصة مستمدة من طبيعة الأزمة ذاتها، لأن التشخيص الجيد شرط ضروري، وإن لم يكن كافيا، لحلها.
يقتضي الحل وجود إرادة حقيقية لمواجهة واقع الأزمة وتوفير وسائل وظروف الفعل الذي يستهدف حلها.
كثيرون من يعترفون بوجود أزمة ما، وكثيرون هم من يملكون إرادة الحل، لكن تعوزهم الوسائل العقلانية و المادية لتفعيل تلك الإرادة.
وهناك، بالفعل، من يعلنون شعورهم بوجود أزمة ما، غير أنهم لا يستطيعون ترجمة هذا الشعور إلى إرادة مواجهتها.
وكثيرا ما تُمارس الأزمات مكرها من خلال إيحاءات تعقيداتها بأن جوهرها خارج معطياتها فينحرف البحث عن الحل إلى حيث لا حل أصلا.
كل ممكن ليس كذلك إلا بقدر الجهد المرصود له في عملية تحقيقه.
فإذا كان هذا الجهد في مستوى المطلب المنشود، تحول إلى واقع، أي ممكن مجسد في مكتسبات محددة في الحقل المقصود.
أما إذا لم يكن الجهد المبذول في مستوى ضرورات تجسيد الممكن على أرض الواقع، فإنه قد يتحول مع مرور الزمن ليس إلى صعب التحقق على الأرض فحسب، بل قد يصبح من صنع المستحيل أي كما لو أنه لم يكن قط ضمن دائرة الممكن.
إن استشراف المستقبل بهذه التغيرات سيساعد المؤسسات في تخطي الرهانات، فالعاقل هو من يستغل المتغيرات في تجويد الخدمات.
فاستشراف المستقبل وصنع المتغيرات بما فيها من تطورات ليسا عاملين تكميليين للحكومات بل هما أهم الأساسيات، لأن الحكومات الغير قادرة على الجاهزية للمستقبل ستهدر بلا شك تاريخ ومستقبل شعوبها.