عيد سعيد لأحبابنا المسيحيين
عيد سعيد لأحبابنا المسيحيين
عبد السلام المساوي
الإسلام دين الحب والتسامح ، وفي المغرب تتجسد كل تجليات التعاطف الوجداني والحب الديني بين كل المؤمنين ؛ مسلمين ومسيحيين ويهودا …
نرفض هنا ، في المغرب ، التعصب الديني بكل مظاهره ، نرفض الانغلاق والانعزال ، نرفض التطرف والعنف …نحن مغاربة ، نحن مسلمون ، نحب المسيحيين واليهود …نحتفل بأعيادهم …أعيادهم أعيادنا …
نحن مغاربة ، بلد حرية المعتقد ، بلد يسع كل الديانات ، بلد جلالة الملك محمد السادس أمير المؤمنين ، أمير كل المؤمنين ؛ مسلمين ونصارى ويهودا …نحن استثناء ، نحن وطن الجميع ، التاريخ يشهد على سمونا وحبنا لكل المؤمنين …نرفض الشعارات والمزايدات ، نرفض المتاجرة بالدين والقومجية …نحن المغرب ، نحن الحب والانفتاح ، فهنيئا لإخواننا المسيحيين بأعيادهم ، أعيادهم أعيادنا …
الدين شأن شخصي بحت ، فلماذا يريد الإسلاميون أن يعمموا رؤيتهم الخاصة على الفضاء العام ؟
العالم تغير ، والعالم الاسلامي كذلك .
والتغير التاريخي ، لا يشكل في حد ذاته ، حجة على ضرورة فشل الإسلاميين ، لكنه عامل أساسي . ” وضع الانسانية ” التاريخي الحالي ، لم يعد مهيأ لقبول مطلق ” لرقابة ايديولوجية ” ، حتى ولو كانت ” دينية ” .
والإسلاميون لا يقترحون ، على المستوى السياسي والاجتماعي شيئا آخر .
الحرية لا تختزل بحرية الصلاة والصوم ، والتجارة …حرية الشعوب اليوم عديدة ، ومتحركة ، وهم لا يعرضون أمام الشعوب إلا حريات ساكنة ، وبائتة .
إنها نوع من النكوص المطلق الذي لا يفي بحاجة أحد من المواطنين .
” الحريات الحديثة ” ، ويجب أن نصر على هذا التمييز ، لا تشبه في شيء الحريات الانسانية العتيقة ، التي تدافع عنها حركات الإسلاميين السياسية .
اليوم ، تحتاج الشعوب إلى حرية المعتقد ، وحرية السفر ، وحرية التعبير ، وحرية التغيير ، وحرية تشكيل الأحزاب ، والنقابات ، والنوادي ….
إنها ، ” الشعوب ” بحاجة الى حرية الفكر ، وحرية الجسد ، حرية المكان ، وحرية الزمان .
والإسلاميون لا يعترفون بشيء من هذا ، وإن فعلوا ، فلا ضامن لمستقبل ، ولا نعرف ما هي حدودهم الحقيقية للحرية .
العالم العربي ، وبخاصة في المشرق ، متعدد الأهواء والإثنيات ، والأعراق ، والسلالات ، والأديان ، والمذاهب ، إنه مجموعة من ” الملل والنحل ” ، كما يقول الأقدمون ، فبأي حق تتحكم برقاب العباد المختلفين في كل شيء ، وغير المتجانسين في مجال الاعتقاد والمذهب ، حركة سياسية ذات بعد واحد ، متعنتة وصلبة ، بكل المقاييس الإنسانية ؟ إن ذلك على المستوى والأخلاقي ضرب من الهوس والجنون .
وعلى شعوب العالم العربي أن تقاوم هذا التسلط اللاأخلاقي بكل الوسائل والإمكانيات التي تملكها .
ومن المحزن أن العالم ، كله ، دخل منذ عقود طويلة ، مرحلة الدولة الوطنية المستقلة ، بشكل أو بآخر ، عن الارتباط المباشر بالدين ، وما زال العالم العربي يرزح تحت أغلال الدعاة الإسلاميين من أجل دولة دينية لم تعد تناسب الواقع المحلي ، ولا الواقع الكوني ، من أي زاوية نظرنا اليها .
في المجتمعات العالمية ثمة دولة لها حكومة ، وللحكومة سلطة ، مبرر وجودها الاشتغال بالسياسة ، ومهمتها الحفاظ على حقوق المواطن أيا كان دينه ، أو مذهبه ، او عرقه ، وثمة دين .
والدين شأن شخصي بحت .
فلماذا يريد الإسلاميون أن يعمموا رؤيتهم الخاصة على الفضاء العام ؟
ومن أعطاهم هذا الحق في العصر الحديث ؟ وفي أي دولة على وجه ” الكرة المائية ” يوجد مثل لهذا التصور الديني العتيق للسياسة .
هذا لا وجود له على وجه الأرض . فلماذا ما زال العالم العربي يعوم على ” بحر الأديان ” التي لا مرفأ لها ؟
الإسلاميون فشلوا ، وسيفشلون ، لأن تصورهم مناقض لحركة التاريخ .
فلا يكفي أن تكون النية خالصة ، لتنجح السياسة .
السياسة عمل يختص بالفضاء العام دون تمييز ، او إقصاء ، او إلغاء .
والإنسانية ليست بيضة متجانسة ، ولا يمكن ان تحكم إلا على اساس التعدد والاختلاف ، ولا يمكن للتصور المذهبي الديني ، مهما كان عميقا وخالصا ، أن يفي بحاجة الحركة الاجتماعية اللامتناهية الأبعاد ، والمصائر ، والاختلافات .
لنتعبد ….ولنترك الآخرين يعيشون بحرية ، والعدل أساس الملك ، ولا عدل في المطلق ، وبخاصة في المطلق الديني المحدد الوجهة والصفة مسبقا .