باسو الفنان… يرسخ إلتزامه و رقي فنه
باسو الفنان يرسخ إلتزامه و رقي فنه
إدريس الأندلسي
تابعت هذا الفنان منذ بداياته و لاحظت كغيري أنه يحمل هم الوطن و يعبر ببساطة و عمق عن قضايا مجتمعه.
الكوميديا فن راق و لا يدخله و يرسخ مكانته فيه إلا من توفرت لديه المعرفة و الموهبة و الاجتهاد و كثير من الصبر.
الكوميديا الجميلة هي التي تنتزع الضحك من أعماق المتفرج دون تحدث صوتا أو قهقهة.
و أظن أن باسو المتواضع بطبيعته، و نشأته في بيئة تغرس الصدق في النفس، راكم العلم و العمل، و رسم لنفسه مسارا تطبعه خفة الروح و الإحترام الكبير للإنسان المغربي في كافة مكونات ثقافته.
لم يسبق لي أن لاحظت أنه يتهكم على بعض مواطنيه ليضحك البعض الأخر.
باسو يتوج اليوم مرحلة من مسيرته الفنية بمهنية عالية.
جميع من أعرفهم و كثير ممن قرأت مقالاتهم يجمعون على القيمة الفنية التي تطبع أعمال باسو من خلال ” الكالة”.
دفعتني الرغبة في المقارنة إلى استحضار بداية الثنائي باز و بزيز في السبعينيات.
و وجدت أن باسو وفي مثل هذا الثنائي لقضايا مجتمعه وجرأته قوية مثلهما.
و لكن الذي يتميز به باسو هو البحث في تفاصيل القضايا و ربطها بأسبابها ربطا ينم عن دقة كتابة السيناريو.
باسو لا يترك الفراغات في إنتاجاته ،و هو ما ينقص الكثيرين ممن يعتبرون أنفسهم ممارسين لفن الكوميديا.
الارتجال غير المتحكم فيه يقتل إهتمام و متابعة الجمهور.
باسو قوي حين يكتب و يدقق في إيقاع و قوة تسلسل الأفكار الحاملة لتوصيف واقعي لأمراض تدبير الشأن العام.
لا يمكن أن تتابع فن باسو دون أن تضع الأسماء الحقيقية للشخوص الواردة على لسانه.
تدبير العقار العمومي و مناورات المنتخبين في مجال التعمير و تصعيد غير الاكفاء للمؤسسات و مراكمة الثروات عبر المنصب، كلها مظاهر يشهد على كثافة حضورها في حياتنا القاصي و الداني.
شكرا باسو لأنك فتحت باب الأمل في إمكانية خلق كوميديا راقية و واقعية و محبوكة بمهنية كبيرة. شكرا لأنك قمت بتعرية واقع الكوميديا و واقع تدبير مؤسساتنا المنتخبة و غيرها.
شكرا لأنك لا تصدر أحكاما ضد أحد و لا توجه التهم و لا تهين مؤسسة.
هذا هو الفن المسؤول الذي لا يلعب دور التفريغ و تنفيس الضغوط، و لكن يضع الأصبع على مكامن الداء بوعي.
أمثالك ينتظر منهم الكثير في وطن تسلل إلى مؤسساته من لا يعرفون قيم الصالح العام و النزاهة و الاستقامة.