swiss replica watches
الحكاية اليوم ليست الرد على الأزمي أو تتفيهه ولا حتى اعتباره…” واذكر ربك إذا نسيت “ – سياسي

الحكاية اليوم ليست الرد على الأزمي أو تتفيهه ولا حتى اعتباره…” واذكر ربك إذا نسيت “

الحكاية اليوم ليست الرد على الأزمي أو تتفيهه ولا حتى اعتباره…” واذكر ربك إذا نسيت “

محمد المزروعي

أصل الحكاية
لا يتعلق الأمر بصراع بين إدريس لشكر وبين بنكيران والأزمي وكل الإخوانيين، بل يتعلق بصراع بين قوى التقدم والحداثة والديمقراطية وبين قوى التخلف والرجعية والظلام …
إنه صراع بين فكر الأنوار والتنوير وبين الفكر القروسطوي…
إنه صراع بين حزب الاتحاد الاشتراكي بمشروعه المجتمعي الاشتراكي الديموقراطي ، وبين حزب العدالة والتنمية بلا مشروع مجتمعي …
إنه صراع بين حزب وطني ديموقراطي وحزب إخواني مستبد يفتقد إلى مواصفات الحزب الوطنيالديموقراطي….
إنه صراع بين حزب تاريخي بعناوين النضال و المعاناة والتضحية ، وحزب مطبوخ في مطبخ أم الوزارات في عهد البصري بعنوان محاربة الأحزاب الوطنية الديموقراطية وقتل المناضلين ( عمر الشهيد شاهدا )..
إنه صراع بين المناضلين وبين تجار الدين …
شيء واحد ليس من حق بنكيران وأصحابه نسيانه ، إنه وحينما كان الاتحاد يناضل من أجل الديموراطية ، كان هو وأصحابه يفضلون الاعتكاف في المنازل ، وقراءة الورد ليل نهار ، وأداء الصلاة خفية ، والتستر على كل العلاقات .. أيامها كانوا يقولون عن الاتحاد أنت حزب ( الملحدين واليساريين الضالين والعلمانيين الملعونين بإذن الله تعالى ) ، وكانوا يعتقدون أن ( التعاون ) ضد الاتحاد مشروع وشرعي ، بل هو وجه من اوجه نصرة الله تعالى !!!
الحكاية اليوم ليست الرد على إدريس الأزمي أو تتفيه سخافاته ، ولا حتى اعتبارها . والحكاية أيضا ليست في الحديث عن حربائية الأزمي وتهربه من المسؤولية السياسية في الوقت بدل الضائع لحكومة العثماني ….
نذكره ، لما قدم ” استقالته ” من رئاسة المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية لأسباب لم يكشف عنها في رسالته !!! لأسباب وأهداف يعرفها هو ويعرفها قبله شيخه عبد الإلاه بنكيران …
الحكاية ، كم قلنا في حينها ، هي لماذا لم يقدم استقالته من عمودية فاس والبرلمان ورئاسة الفريق …نعلم أن التعويضات والملذات ، قلناها وقتها ونذكر بها اليوم ، منعته من الاستقالة من هنا وهناك وهنالك….
الحكاية هي سؤال ، طرحناه في حينه ، عن طريقة وصول مثل هؤلاء إلى المسؤولية ، وعن الناس الذين يصوتون لأجل إيصال أناس يقولون لنا في نهاية المطاف ” واش بغيتونا نخدمو بيليكي ” إلى مراكز القرار ومراكز التشريع وبقية المؤسسات .
هذا السؤال ، كان وما زال ، جارحا ومؤلما ، ومس أوتارا حساسة عديدة ، لكنه كان ضروريا … وما زال السؤال الأكبر في المغرب ، أمس واليوم ، هو من يصوت على أحزاب لا تتوفر على برامج سياسية ، بل تمتلك فقط الشعارات والخطب والكلام المرسل والمطلق على عواهنه ، وحين تضيق بها الدائرة وتتضح كل أوجه انعدام الكفاءة فيها تفاجئنا عبر طاقاتها ” الخلاقة ” بعبارات مثل ” بيليكي ” وغيرها كثير ؟!!!!
نسي الأزمي ، واعتقد بأن المغاربة لم ينسوا ، أن السياسة ليست أسهما في شركة مدرة للربح ، السياسة عمل تطوعي في الأساس ، ومن أراد تحقيق مداخيل و أرباح فما عليه سوى ممارسة التجارة وتجشم عناء الاستثمار .
ما لا يفهمه عمدة فاس سابقا ، الذي صنعه بنكيران من فراغ وأراد به مواجهة جيله من مؤسسي الحزب الحاكم آنذاك ، أن المغاربة ليس مقدرا عليهم تحقيق ترف وبحبوحة العيش لوزرائهم وبرلمانييهم ، وأنه آن الأوان لنزع ملعقة التعويضات الخيالية من فم السياسيين وتركهم يبكون ويجذبون ما شاؤوا وكيفما شاؤوا ، ونذكر الجميع : لو كان للأزمي وجه تعلوه نقطة الاحمرار لشعر بالحرج بضائقة الملايين وتقدم بتنازل عن واحد من تعويضاته المتعددة ، واليوم ” يعطينا دروسا ” في القيم والأخلاق والمبادئ !!!!
للأسف ابتلينا بطينة من السياسيين يعيشون عالة بالسياسة لكنهم قد يتحولون الى ثوار مستعدين لقلب الطاولة والتهديد وإطلاق وابل من الاتهامات اذا تجرأ أحد على الاقتراب من غنيمتهم .
اعتنق العدالة والتنمية ، منذ نيله الشرعية وانخراطه في العمل السياسي داخل المؤسسات بفضل الراحل عبد الكريم الخطيب ، وبفضل الراحل الآخر ادريس البصري ، شعار الجبهة الوطنية المتطرفة في فرنسا وشعار كل الشعبويين في العالم كله ” كلهم فاسدون ” او ” Tous pourris ” وظل يقول لقواعده والمتعاطفين معه ان كل الاحزاب المغربية الأخرى مليئة بالمنافقين واللصوص والفاسدين والذين يملؤون بطونهم بمال الفقراء ، والذين لا يراعون الله ولا يريدون دخول الجنة أبدا ولا يكترثون بالشعب المغربي إطلاقا .
دخل الحزب معمعة العمل الحكومي والبرلماني ، وشرع في اكتشاف ملذات الحياة ، وفجأة وجد المغاربة انفسهم امام زعيمه بنكيران وهو يمتشق المعاش تلو المعاش ، ويرفض التخلي عن المناصب الدنيوية الزائلة ، أو التي كان يصفها بأنها زائلة ، ويجلس في الدار يراقب الفيسبوك ولايفاته ، ويطلق من خلاله رصاص الرحمة على نفسه أولا ، وعلى حزبه ثانيا ، وعلى عديد الشعارات التي أمطر بها الناس هو ورفاقه ، أو لنقل إخوانه ، في الحزب سابقا على امتداد عديد السنوات.
نذكر : يظهر عبد الإلاه بنكيران ، الحديث العهد بالبرلمان ، وهو يرغى ويزبد بلحيته المبعثرة أمام فتح الله ولعلو ، وزير الاقتصاد والمالية في حكومة التناوب .

دخل بنكيران البرلمان بعد صفقة سياسية غامضة ، وجاء محملا بمهارات الدعوة والخطابة ليثير موضوع المعاشات والظلم الذي فيه ، قبل أن يجيبه ولعلو ، كان يتابع شطحاته بابتسامة ماكرة لا يتقنها غير من خبر الناس ودروب تحولاتهم في الأمكنة والأزمنة .
وكأن ولعلو يقول في قرارة نفسه : ” سنرى ما ستفعلون يوم تكونون مكاننا ” ، وذلك بالفعل ما حدث بعد عشرين سنة من مشهد ابن كيران في البرلمان ، يعود إدريس الأزمي. ، رئيس المجلس الوطني للبيجيدي ، إلى نفس القاعة البرلمانية ليرغد ويزبد بدوره ، لكن بدون لحية مبعثرة هذه المرة ، ودفاعا عن تعدد التعويضات وعن المعاشات ، لأن البرلمانيين كما قال ” ما غاديش لخدمة بيليكي ” !!!
الانتهازية بدت واضحة في في سلوك حزب العدالة والتنمية المبكرة ، إذ لم يكد حبر كلمات خطاباته وشعاراته في الحملة الانتخابية يجف حتى انقلب على كل شيء !
انا ممن يؤمنون بفساد الرؤية العامة للاسلاميين فكرا وسلوكا ، وأراها تتحمل عبء إخفاقهم وفشلهم …ولا أرى الإخفاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي سجلت بحق تجربتهم إلا انعكاسا لفساد هذه الرؤية …أو لنقل إنها الدم الفاسد الذي بثوه في برامجهم فسرى باوصال المجتمع المؤسسية حتى أصابها بالمرض ….
تناقضات الخطاب الإسلامي هي التي هزت كرسي الإسلاميين . فهو تارة خطاب فيزيقي يمارس السياسة بمكر وبرغماتية ، ويدير تحالفاتها وصراعاتها الشرسة المنفلتة من عقال الأخلاق …وتارة أخرى هو ميتافزيقي يحلق في عالم المثل ويأخذ مريديه إلى جنات السموات ، يمارس الخطابة في المساجد والشوارع ويخضع المطلق والثابت والله لبرنامجه المعروض سياسيا…
في حكاية التقاعد الاستثنائي البنكيراني تفاصيل أكبر بكثير من مسألة الحق في استفادة رئيس حكومة سابق من التقاعد…، وهي أيضا أعقد بكثير من أن تكون قضية صراعات سياسية كما يدعي مريدو بنكيران وعلى رأسهم الأزمي ….في الحقيقة ثمة فكرة أساسية ؛ لا يمكن أن تستفيد بمزايا الريع ، بينما تحرص على أن تجني عائدات وفوائد المحافظة الإيديولوجية في الدين والسياسة …
قد نسميه نفاقا ، وقد نسميه انفصام في الشخصية ، وقد نرى فيه تراخيا في الالتزام الإيديولوجي ، وقد يكون تمزقا وتيها فكريا ، وقد نرى فيه نصبا واحتيالا في لعبة اسمها السياسة والانتخابات…
ومحاربة الفساد والريع كان استراتيجية دعوية راكمت الأعضاء المتعاطفين والعشرات من الجمعيات النووية التي تدور في فلك الجمعية الأم المسماة التوحيد والإصلاح ، ليس في أحياء الصفيح فقط ، بل وفي معاقل الطبقة الوسطى أيضا..
لذلك لا يستقيم أن نقف اليوم مع الذين يتباكون على الازدواجية في الخطاب والسلوك…لقد تبين مرة أخرى أن بنكيران وأصحابه تاجروا بالدين والأخلاق لمراكمة الثروات والنساء ( فما ربحت تجارتهم …)
والذين صدموا ، عن حسن نية ، بالتقاعد البرلماني الاستثنائي البنكيراني ، لم يفعلوا ذلك لأن بطله خصمهم الايديولوجي ، ولا لأنه هدفهم السياسي …فهو ميت على قيد الحياة ..
صدموا فقط لأن هناك تناقضا فظيعا في السلوك الأخلاقي لحراس الدين الجدد…
ويصعب على المتتبع ، حتى ولو حاول أن يدرج في التحليل ادعاءات عناصر السياق السياسي المتآمر ، ان يستوعب هذا الانقلاب الانتهازي بين خطاب أخلاقي برمزية دينية وايديولوجية دعوية ، وبين النهب والجشع والاغتناء بالمال العام …وهذا يطرح سؤال النزاهة الفكرية والصدق السياسي…
والصدق السياسي مطروح لأنه لا يمكن استعمال الدين والطهرانية الأخلاقية قناعا ووسيلة للتمويه والتخدير وقرصنة الأصوات في الانتخابات …إنها لصوصية ونصب واحتيال…
والنزاهة الفكرية موضوعة فوق طاولة النقاش ، أيضا ، إذ كيف يمكن تحدثني بخطابين رمزيين مختلفين ، وكيف يمكن أن تقنعني بسلوك يتناقض مع شعاراتك ، دون أن تكون قمت بالضروري من المراجعات والقراءات النقدية لذلك العبور من الاخلاقوية الى الانتهازية…
وليست حكاية التقاعد الاستثنائي البنكيراني وحده ما يدفع إلى التحليل النفسي والفكري والأخلاقي لظاهرة الازدواجية هذ ، ففي تجربة الإسلاميين الكثير من الانزياحات عن المصرح به الأخلاقي ، وكثير من التمزقات الداخلية للانعتاق من المكبوت الاجتماعي …
وبعض الإخوان تبدلت تماما بنياتهم الاجتماعية من عائدات السياسة ، ولذلك من الطبيعي أن تتغير ذهنياتهم واذواقهم ..
وهذا على كل حال حق مشروع ، لكن فقط ينبغي ممارسته بوضوح حتى لا يصبح تمزقا سياسيا وايديولوجيا مرضيا كالذي عشناه في حكاية التقاعد البنكيراني ، وعشناه في حكايات يتيم ، ماء العينين ، الشوباني وسومية ، باحماد وفاطمة النجار …وما خفي أعظم…

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*