هلوسات بعض مغنيي الأعراس:” تشبه بكبار النجوم و المسؤولين “….وهذا بفعل فاعل لا يعي دور الثقافة
ادريس الأندلسي
تابعت بعض التعليقات و ” الفيديوهات ” على الفضاء الأزرق تخص وصول بعض مزاولي مهنة تنشيط الأعراس منذ مدة .
تعودت، منذ الصغر، على طقوس احتفالية بسيطة في الحي و في أعراس الأقارب.
تصل الفرقة الموسيقية قبل ساعات إلى المنزل؛ يتم استقبالها ببساطة و بكثير من الكرم في حدود الإمكانيات.
قد تضم الفرقة قلة من الذكور و مجموعة من الإناث ذوات الصوت و إتقان الرقص .
كانت أغلب العائلات تعرف ” أصل و فصل ” الذكور من الموسيقيين و المرددات الراقصات من الإناث.
و تمر كل الحفلات في جو من البهجة و الحبور ، و شيء من الكرم إتجاه الموسيقيين و ” النكافات”. هكذا كانت الفرحة تنبث في أرض البساطة و العفة و الإحترام.
و اليوم تم ابتداع طقس دخول الشيخ أو الشيخة ببهرجة أكبر من دخول العروس بعد تزيينها بالملابس و الجواهر.
و لا يتخلى ” الفنان “، في هذا الزمان، عن أمن خاص يكاد يرافقه في كل مكان.
صانع” الحيحة” يقدم نفسه في مرتبة أعلى من علماء الذرة و كبار الأطباء و رجال الدولة.
إنه زمن التفاهة.
و الخوف من اغضاب صانعي ” الحيحة” الذين يشعرون بشيء من علو موقعهم في المجتمع.
الفنانون الكبار و الفنانات الكبيرات في المغرب و خارجه اوصلتهم ابداعاتهم إلى أعلى درجات التواضع.
مسك الملك الراحل بيد الفنانة المتواضعة نعيمة سميح لكي لا تتعثر.
كانت تنظر إليه بخجل و إحترام و بكثير من الإعتراف.
كانت أم كلثوم تصل إلى المسرح ساعات قبل وصول الجمهور و كذلك كان يفعل الكبار.
و أصبح يومنا يقدم مشاهد الرداءة التي أوصلت منشطي ” علب الليل ” إلى استديوهات التلفزة.
و ليس غريبا أن تتطور التفاهة لتصطحب حراس الأمن إلى بيوت الأسر التي تريد أن تحيي الأعراس . جو الكاباريهات خلق لديهم و لديهن خوفا أو ربما نوعا من التكبر و فقدان الصلة بالإبداع الفني الحقيقي.
و أصبحت الأبواب المؤدية إلى التفاهة كبيرة و منها أبواب التلفزيون.
أكاد أقول أن هناك إصرار على تتويج التهريج عبر برامج لا ترى في المغرب الا العيطة و ” الشطيح و الرديح”.
و أصبحت أغنية أو عيطة” عاد عدا …أو امولاي عبد الله ” تتغلب على كل إبداع موسيقي مغربي حقيقي و غني بالجمل الموسيقية الرائعة. و يجد بعض المثقفين في هذه الرداءة فرصة للتنظير لفقر موسيقي و اجتماعي و ثقافي على العموم.
تطورت حفلات الأعراس لتشهد تغييب الطباخات و صانعات الحلوى التقليدية من الخالات و العمات و بناتهن. أصبح أمر إطعام المدعوين و المدعوات يوكل إلى منظمي الحفلات.
و لا أخفي إعجابي ببراعة هؤلاء المنظمين و شغفهم بتطوير الطبخ المغربي و تقديمه على أحسن وجه.
و الأمر يتعدى الأكل ليصل إلى الشكل الموسيقي الشعبي. و كل هذا جميل و ذو فعل نفسي و جمالي على الأسرة و الحاضرين.
و لكن هم المحافظة على الإبداع الحقيقي واجب على سلطات الوصاية الرسمية و الجمعوية على الثقافة لا زال يسكن مجال البطىء و نوع من التخاذل.
و يلاحظ أن تطوير الخدمات التنشيطية لا حد له. و يتجاوز في كثير من الأحيان رغبة أهل العريس و العروسة في ضبط إيقاع حفلة زفاف صرفوا من أجلها الكثير.
أصبح وصول المغني أو المغنية لحظة يتم إخراجها بكثير من البهرجة و باستعراض لا معنى له.
المشهد يتحول إلى كثير من التمثيل البئيس و التشبه بمنظر وصول شخصية مهمة لتدشين مشروع تنموي كبير. و للزيادة في البهتان و التشبه بوصول كبار الشخصيات، تتحول آليات عزف الموسيقى إلى تضخيم وصول المغني أو المغنية الشعبي و الشعبية إلى مقر الحفل. كم يصبح مضحكا وصول هؤلاء المنشطين، و هم محاطين بحراس شخصيين ذوي عضلات. يدخلون بدون استئذان و يظلون بالقرب من ” الشيخة أو الشيخ” كأنه أو كأنها مرشحة لانتخابات رئاسة أمريكا.
و يتم فرضهم للوقوف حاجزا في جزء من القاعة دون إذن و بتطفل و بدون استحياء.
و تصل الشيخة أو ذلك المشبوه في قدرته على التطريب الرجولي الى المنصة.
و ترتفع سرعة الإيقاع و الأصوات النشاز إلى مقامات غير موسيقية.
و يظل حراس الأمن الخاص مرابطين بالقرب المنصة دون تأثر بالإيقاع.
و يظل أهل العريس أو العروسة في حيرة من المجال المسموح به للاقتراب من الأقارب.
مشاهد مضحكة لمن يعتبرون أنفسهم فنانين و هم للعغن أقرب.
و قد توفق كثيرا من الصحافيين حين تهكموا على بعض المغنيين التافهين و المغنيات التافهات و لقبوهم، تهكما، بالزعماء و العلماء و المسؤولين الكبار. تواضعوا يا من ضحك الزمان علينا بوجودهم في حفلات لم تعد تحترم الفن الحقيقي و المبهج و ذلك الذي له عمق ثقافي و تاريخي.
و في الختام وجب توجيه لعنة إلى كل منشط للأعراس يعتبر نفسه فنانا و هو للجهل بالفن أقرب.
و وجب على كل العائلات منع دخول حراس الأمن إلى قاعات الإحتفال.
و ألف لعنة على من يتشبه بمن تطبق في حضوره كل مراسيم و تقاليد ضبط شروط الأمن.
و لقد اعذر من أنذر و السلام على من اتبع الهدى… الكلام موجه لمن يسمون أنفسهم بفناني الغناء الشعبي.
كفى. كفى من الإحتفال بكل من يغني و ما يغنى و لا يمت لبعض المدن و الامكنة بصلة.
بعض الغافلين يصفون حاضرة المحيط آسفي بعاصمة ” العيطة ” و هي المدينة التي كان ديدنها فنيا راقيا و لا علاقة له إلا بالشعر الأندلسي و الملحون مع ارتباطات كثيرة بالشرق.
اقرؤا ما كتب لسان الدين بن الخطيب .