swiss replica watches
هلاوس ابن كيران! – سياسي

هلاوس ابن كيران!

هلاوس ابن كيران!

 

خلال كلمة له في الملتقى الوطني الثامن عشر لشبيبة حزب “العدالة والتنمية” ذي المرجعية الإسلامية، لم يتردد أمينه العام ورئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، في توجيه انتقاد مباشر لخلفه سعد الدين العثماني، الذي وقع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل باسم الحكومة، مؤكدا أنه دعاه حينها إلى ضرورة تقديم استقالته حفاظا على كرامته.

وأضاف قائلا بأنه لو كان في موقع المسؤولية، لرفض توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وأشار في ذات السياق إلى أنه سبق أن طلب من الملك محمد السادس إعفاء العثماني من رئاسة الحكومة، معتبرا أن حزبه كان دائما رافضا للتطبيع مع إسرائيل.
وليس هذا وحسب، بل إن الرجل الذي يجوز فيه القول “كالهر يحكي صولة الأسد” لا يجد غضاضة في إطلاق الكلام على عواهنه كلما أتيحت له الفرصة، وإلا ما كان ليصرح علانية وبكثير من الاعتداد بالنفس أنه لا يزال ينتظر توضيحا من سعد الدين العثماني، حول الأسباب التي أدت به إلى توقيع ذلك الاتفاق “المشؤوم”، دون أن يجشم نفسه عناء التشاور والتنسيق مع قيادات الحزب، ثم عاد ليؤكد تفهمه لموقفه رغم الاختلاف الواضح في الرؤية.
فأي رجل دولة من الذين تولوا قبله وبعده قيادة الحكومة، يخول لنفسه صلاحية إفشاء أسرار الأحاديث التي تدور بينه وبين رئيس الدولة ويسمح لنفسه بمحاسبتهم، إلى الحد الذي يجعله يطلب من قائد البلاد إعفاء البعض منهم؟ يبدو أن بنكيران بلغ درجة جد متقدمة من الخرف والهذيان، وبات لزاما عليه وعلى المقربين منه البحث عن طبيب أخصائي، ينظر في حالته ويخلصه من تلك “الهلاوس” التي ما انفكت تلاحقه منذ إعفائه من تشكيل حكومته الثانية.
صحيح أن حزب “المصباح” الذي وقع أمينه العام ورئيس الحكومة آنذاك سعد الدين العثماني، وجاريد كوشنير كبير مستشاري البيت الأبيض ومائير بن شباط رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، اتفاق التطبيع مع إسرائيل، الذي كان يرفضه ظاهريا، وظل يعارض إقامة أي علاقات معها، أصدر مباشرة بعد الإعلان الثلاثي بين المغرب وإسرائيل وأمريكا في 10 دجنبر 2020 بيانا يؤكد فيه تجديد “مواقفه الثابتة إزاء الاحتلال الصهيوني والجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك القتل والتشريد وتدنيس المقدسات” بيد أنه حتى وإن طالب بعض قياديي الحزب بإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي، فإنهم لم يعارضوا الاتفاق عند البداية. وصحيح أيضا أن بنكيران لم يخف إذاك تأييده للتطبيع، ودافع عن توقيع العثماني على الاتفاق، ثم عاد في وقت لاحق بعد مرور حوالي سنة عن ذلك، ليشير إلى أن قرار التطبيع “اتخذته الدولة التي يحكمها الملك وليس حزب العدالة والتنمية”.
فغرور بنكيران جعله يتوهم أنه مركز الكون وأنه بدونه لا يمكن للحياة السياسية أن تستقيم، حيث أنه يكاد لا يتوقف عن مهاجمة من يخالفه الرأي حتى من داخل الحزب، لدرجة جعلت خيرة أطره ينفضون من حوله، رافضين ما يصدر عنه من “مهاترات” أضرت كثيرا بصورة الحزب وبالمشهد السياسي المغربي ككل. إذ كيف يدعي رفض توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وهو الذي طبع مع معضلة الفساد، حين قال من تحت قبة البرلمان في إحدى جلسات المساءلة الشهرية بمجلس النواب “إنني لا أحارب الفساد، وإنما الفساد يحاربني”، لتتحول تلك الجلسة إلى جلسة للتباكي معلنا عن فشله في ترجمة مجموعة من الوعود الانتخابية إلى حقائق ملموسة؟ ألم يكن حريا به تقديم استقالته، لعدم قدرته على الوفاء بما تعهد به حزبه أمام الناخبين، من مكافحة الفساد والاستبداد وتقوية مؤسسات الرقابة والمحاسبة وتكريس استقلالها وتفعيل توصيات تقاريرها عبر توطيد دور المفتشية العامة للمالية وغيرها، عوض رفع “شعار عفا الله عما سلف” أمام رموز الفساد الذين كان يطلق عليه اسم “التماسيح والعفاريت”؟
والمثير للاستغراب هو أن بنكيران الذي يأبى إلا أن يستعرض عضلاته اليوم على العثماني وغيره، هو نفسه الذي كان قد تراجع بالأمس طواعية عن الصلاحيات الواسعة التي منحها له دستور 2011 لفائدة المؤسسة الملكية.

حيث كان يعاب عليه انشغاله بتقوية الثقة مع المؤسسة الملكية أكثر من انشغاله بهموم وقضايا المواطنين الملحة، حيث طالما عملت حكومته على إجهاض مجموعة من المشاريع وإقصاء المعارضة في تعاملها مع عدة ملفات.

هذا بالإضافة إلى أنه وفي رد على سؤال لإحدى الإذاعات حول من يتهمونه بتعطيل الدستور وتقديم تنازلات بخصوص صلاحياته الواسعة، قال إنه يتعامل مع الملك بالمنطق الذي دعا له الرسول “ص”، من خلال التخلي عن رأيه مهما كان مقتنعا به، لأن موافقة أمير المؤمنين هي الأصل، وطاعته واجبة.
إن بنكيران لم يتراجع فقط عن مصالحه الدستورية، بل تخلى كذلك عن مبادئه ووعوده والتزاماته، وهو بذلك كان يعتقد جازما أنه يقدم خدمات جليلة للدولة مقابل نيل رضا المؤسسة الملكية، حفاظا على مصلحته الشخصية والحزبية الضيقة، يمني النفس بأن يظل على رأس الحكومة لأكثر من ولاية تشريعية. فكيف لمن هو على هذه الشاكلة من التملق والانتهازية، ويسمح له “ضميره” بالتهام 70 ألف درهم شهريا دون موجب حق من أموال الشعب، أن يدعي اليوم بأنه لو كان مكان سعد الدين العثماني، ما كان ليوقع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل؟

اسماعيل الحلوتي

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*