الصلاة و الهاتف النقال : حكاية تتكرر بلا عبر
الصلاة و الهاتف النقال : حكاية تتكرر بلا عبر
خاطرة بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،اكتوبر،2024.
الحياة ،المعاملات ،و كلما خرجت صباحا من بيتك واحسنت المعاملة و نصحت بلا مجاملة ، و اعطيت بلا مفاضلة يزداد يقينك ان هذا هو الإسلام.
وكلما ركعت وسجدت لخالقك و انت تتعقب الخشوع في قراءتك و في حركاتك ادركت ان الفلاح يقترب منك في كل خطواتك .
إن دعوة الناس للصلاة لا تحتاج الى حملة ،كما لا تحتاج الى ترهيب ،فالصلاة اشبه بهاتفك النقال ، فإذا رن و كنت جاهزا للرد حملته و اجبت ،بل وسارعت في الجواب حسب قيمة المتصل عندك ، وإذا لم تكن مستعدا او منعك مانع عن الرد ،عندما تنتهي مما انت فيه تعاود انت الاتصال به .
هكذا هي الصلاة اذا سمعت حيا على الفلاح و امكنك الرد في الحين عزمت وتوكلت و توضأت و صليت فردا او جماعة فرضا واجبا في وقته ، اما اذا منعك مانع فعليك بمعاودة الاتصال بعد زوال الموانع .
تخيل حجم الألم الذي تحس به المرأة الحائض وهي تسمع صوت الآذان و عندها مانع شرعي ،ورغم ذلك تحن الى تلبية نداء حيا على الفلاح ،
فما بالك بمن لا موانع شرعية عنده ،وكل موانعه امور دنيوية شغلته عن الرد و الاستحابة .
لا تصلي طمعا في الجنة فهذا مقايضة ،والله لا يحتاج لصلاتك كما لم يسنها لتطمع في جنته ، هو سنها عز وجل كي تكون نبراسا في حياتك وبعدها آخرتك .
صلي لأنك تلبي نداء الفلاح ، و تأمل ملكوت الله وانت بين ركوع وسجود ، وانت ترفع يديك بالدعاء ، وانت تتلو كلام الله .
لكن ما قيمة ان تستجيب لنداء الفلاح وانت وسط مستنقع الذنوب وبعد الصلاة تعود إليه كأن شيئا لم يكن ،وحتى في صلاتك لا تدعو الله ان يخرجك منه …
واسوء المستنقعات مستنقع الاعتداء على المخلوقات ، و بيع روحك لشياطين الإنس ، و تماديك في مجاراة نفسك على حساب روحك .
تذكر حكمة اليوم : إجعل صلاتك كهاتفك تشدك إليها اللهفة عند الأذان ، كما تشدك لهفة الرد على الهاتف حين يرن ، و تشغلك فكرة معاودة الاتصال اذا انت منعك مانع من الرد .
اما وانت تضع منبه الاستيقاظ لصلاة الفجر ،فأنت لا تلبي فحسب نداء حيا على الفلاح ، ولا ترد على هاتف يرن ،
في صلاة الفجر الامر مختلف ، لان صلاة الفجر هي صلاة عودة الروح ، ألم يقولوا إن النوم جزء من الموت ، وان الارواح التي تعود الى الحياة بالاستيقاظ ، هي نفسها الطواقة كل يوم لسجادة صلاة الفجر .
فلا تحرم حياتك من ان تتحرر و تتطور و تتجدد بصلاة الفجر ،
ولكن لا تنسى ان المعاملات هي مفتاحك الى الخشوع في الصلاة .
فهل انتم منتهون ؟
فهل تعتبرون ؟