swiss replica watches
ضياع الزمن السياسي في مشروع قانون المالية – سياسي

ضياع الزمن السياسي في مشروع قانون المالية

ضياع الزمن السياسي في مشروع قانون المالية

 

إدريس الأندلسي

اشتغل الكثير من الإقتصاديين و السياسيين و قوى الضغط الطبقي على قانون المالية.

كان اشتغالهم ، و لا زال، محكوما بعلاقة الممارسة السياسية بمجال الأعمال المربحة طبعا لفئات قليلة العدد و كبيرة الحضور المؤثر على الطبقة السياسية و قياديها على الخصوص.

يبدو الأمر و كأنه، كما يصور الدستور ذلك، ممارسة ديمقراطية سليمة في منهجها و حاملة للمشروعية في التحكم في موارد الدولة و نفقاتها.

و يظل القانون صناعة بشرية تعكس نوعية و قوة العلاقات بين الطبقات و الفئات الإجتماعية .

و سيظل أمر الإستفادة من أرباح اقتصاد كل البلاد مرتبطا بتوازنات ، أو بغيابها، بين ممتلكي وسائل الإنتاج و التمويل و بين كل الطبقات التي لا تمتلك إلا قوة العمل.

سيظل أمر تدبير استمرارية السلطة عبر التاريخ مرتبطا بمصادر تمويل وسائل مؤسساتها التنفيذية. و لم تتوقف علاقة الضرائب بالسلطة السياسية منذ قرون.

و يرجع مبدأ ” قبول المساهمة الضريبية” من طرف المواطنين ساريا منذ قرون. ظلت الانظمة السياسية الفيودالية أو الاقطاعية منذ قرون تربط بين الدين و السلطة و قبول المساهمة الجباءية عن طوع أو بالقوة القاهرة.

و يستمر هذا المبدأ في تبرير جزء مما يسمى بالعدالة الضريبية إلى اليوم. و تطورت أساليب التعامل مع قبول القاعدة الضريبية بأشكال مختلفة. و يظل الرابح الكبير، و ربما الأكبر، هو من يستفيد من عوائد الضرائب و من كل التحفيزات و الهدايا التي يتلقاها بحكم القانون في مجالات الإستثمار و العقار و الفلاحة و حتى البورصة .

و سيظل المصوتون على هذا القانون جاهزون لحماية طبقة تستفيد من كل سياسات الدولة.

و تستمر اللعبة البرلمانية في زيادة حجم ثروة الأغنياء بوعي أو بدون وعي.

و سيظل قانون اللعبة متمركزا في أسلوب التصويت على ما لا يضر مصالح كبار القوم.

تم تمرير قوانين الإستثمار منذ عقود.

استفاد الغريب عن خلق الثروات و لم يستفد الفلاح الصغير و صاحب مراكب الصيد التقليدي و غيرهم من صانعي ثروات البلاد.

و يأتي قانون المالية لكي لا ينصف الصانع و الفلاح، و لكي يخدم من لا يصنع قيمة مضافة و لا مناصب شغل.

و تستمر الاجتماعات خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من السنة الميلادية في البرلمان.

يتم توزيع الأدوار ببن الحكومة و الأغلبية بطريقة تحترم الشكل القانوني.

و تتحرك قوى المعارضة بما اؤتيت من قوة، لمحاولة احداث توازنات بين العرض الحكومي المرضي للفئات العليا، و بين محاولة إيجاد حلول جزئية للفئات الدنيا.

و تستمر الاجتماعات البرلمانية بشكل مسرحي بسيط و بعيد عن تفاعل خلاق من أجل البحث عن التنمية. يظهر أن تفاعل الحكومة و أغلبيتها لا يخضع لميزان التقييم و التحليل الذي يربط بين التمويلات و النتائج المتوخاة.

لا حاجة لعاقل أن يقدم الأرقام التي تم تخصيصها للسياسات العمومية و القطاعية .

و لا حاجة للكلام عن غياب التقييم. و لا حاجة لمقارنة الوضع الراهن لارتفاع الأسعار و القوة الشرائية للمواطنين بحجم الوعود الانتخابية لكثير من الزعماء في زمن غياب محاسبة الزعماء.

لكل ما سبق.

يظهر أن علاقة المواطن بالممارسة السياسية لم تعد تحتاج لتضييع الزمن السياسي في مناقشة مشروع قانون لا فائدة من التصويت عليه أو ضده.

و الأمر ينطبق على القانون التنظيمي للمالية الذي لا يفيد في شيء ذلك المواطن الذي لم يشاهد تنزيل أي مبدأ له علاقة بالمحاسبة و بالشفافية و بقياس تنفيذ الأهداف. لم تعد هناك حاجة إلى قوانين المالية و لا إلى القانون المنظم لما.

تتحول جلسات اللجن المختصة إلى لعبة ينتصر فيها موظف على برلماني من خلال نقاش تقني بسيط. لقد أصبح العمل البرلماني معرضا لكافة أشكال تهريب النقاش إلى الشكل و تهميش الجوهر.

و يظل سؤال أهمية قانون المالية مهما في ظل عدم توازن قواعد تدبيره برلمانيا.

و قد لاحظ الكثير من المتابعين للشأن العام أن الحكومة ” بوزرائها الموظفين التقنوقراط” أصبحت تقلص زمن التصويت على مشروع المالية. و قد يؤثر هذا الوضع على كيفية تعديل القانون التنظيمي للمالية لتقليص الآجال المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية.

و سيأتي فيه ذلك اليوم الذي سيجمع فيه الكل على منح الأغلبية ” بطاقة بيضاء” دون الحاجة إلى لعبة برلمانية لا طعم لها.

زمننا لا يتيح الدخول في تفاصيل أرقام مشروع قانون المالية. و شرح الواضحات من المفضحات. و يظل السبيل الواضح و غير المكلف هو تمكين الحكومة من كل الصلاحيات و من تغيير القانون التنظيمي للمالية.

و من حق الحكومة و أغلبيتها تقديم مشروع قانون مالية واحد يغطي خمس سنوات.

و ستظل إمكانية التشريع، بمرسوم، متاحة لتغيير كل القوانين المتعلقة بالضرائب و الجمارك و الإستثمار و كل شيء يحمي أصحاب المصالح.

لكل هذا أصبح التطرق لمكونات مشروع المالية السنوي غير ذي جدوى و لا أهمية.

و يظل الهدف الأسمى أن تفعل الحكومة ما تريد بكل موارد الشعب المغربي دون رقابة إلى أن يصل يوم حساب على أرض الواقع.

و كفى من لعب أدوار لمجرد تقديم صورة عن تدبير شكله ديمقراطي فقط لا غير. و السلام على الممارسة السياسية الديمقراطية في غربتها العميقة.

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*